مضى على احتلال العراق قرابة عشر سنوات والبلد ما زال يئن من القتل والدمار وضياع الأموال والثروات ولم تنفع ديمقراطيتهم التي جلبوها وبشروا أهل العراق بها بمستقبل واعد ومشرق حيث ستقسم الثروات على أبناء الشعب بالتساوي وستوزع أكثر من أربعين مادة غذائية على المواطنين وفق البطاقة التموينية وستحظى الأرامل والأيتام بالرواتب الحصرية والرعاية الصحية المجانية وستنتهي البيوت الصفيحية وتزال المدارس الطينية المتصدعة ذات السقوف الخشبية , لتحل محلها القصور العالية والمدارس الحديثة المتطورة التي تعلم طلابها الحاسوب والتكلنوجيا المتطورة منذ المرحلة الأولى , وستنتشر المشاريع والمصانع في كل البلاد لتشغيل الأيدي العاطلة والخريجون سيحصلون على تعينهم منذ لحظة تخرجهم ولا يتكدسون على الأرصفة ينتظرون فرصة عمل لهم , وعلى هذه الوعود الجميلة الرائعة نام العراقيون ونامت معهم أحلامهم ينتظرون بفارق الصبر تحقق هذه الوعود الناصعة , فصحوا على أزير الدبابات وهدير الطائرات وأصوات الصواريخ والقنابل المتفجرة الملتهبة , ولكن أحلامهم لم تصحوا بعد فقد قتلتها رصاصات الغدر من طائراتهم المسيرة , وهكذا احتلوا العراق ودمروه وخرج قادة الاحتلال ليعلنوا للعالم أنهم قد دمروا أسلحة الدمار الشاملة وحرروا العراق من يد حاكمه الطاغية , وها هو الشعب ينعم بحرية وديمقراطية ناشئة ونصبوا له حكومة كلعبة الشطرنج تحركها أيدي عن ساحة اللعب خارجة , وقالوا للعالم كله ها هو الشعب قد انتخب واختار حكومته العادلة وسنخرج نحن بعد أن تفهم حكومته وتستطيع أن تدير أصول هذه اللعبة الحارقة , فأوهموا العالم أنهم قد انسحبوا وصدق العالم قولهم ولكن حكومتهم الفاشية الفاشلة لم تستطيع أن تفهم وتدرك أصول هذه اللعبة المفبركة فأحرقتهم قبل أن تحرق نفسها وانفضحت عيوبها وعيوب من جاء بها وانكشفت مؤامراتهم العدوانية النجسة , فلم توجد أسلحة الدمار الشامل عند العراق أصلا, ولا شيء تحقق من وعودهم المزخرفة ولم يتقدم العراق إلى الإمام ولو لخطوة واحدة بل تراجع إلى الوراء قرونا غابرة , وجاءته ثقافات وأمور فاجعة فلم يكن العراق يعرف قطع الرؤوس اليافعة ولا انفجار المفخخات الحاصدة ولا الأحزمة الناسفة , واسأل جامعات العالم ودور الفكر والعلم هناك كم عراقي كتب ونشر العلم فيها ؟ بل اسأل قادة وجنود الاحتلال الذين انهزموا كيف جعل العراقيون التراب الذي مشوا عليه نارا يحرقهم ومائهم جحيما , أفلا تصحوا ضمائر الغزاة من غيها , أفلا تصحوا الشعوب من نومها وغفلتها , أفلا يأن ضمير العالم لما صنعه المحتل وأعوانه بالعراق وأهله , أفلا غيرة تحركهم وتحفزهم ويعلنوها صراحة علنية أنهم قد اخطئوا وتعمدوا ولا أقول توهموا , ويقدموا اعتذارهم للشعب العراقي بكل أـسف وإخوة إنسانية , فيا من ساهمتم في احتلال العراق ودماره أحقا قلوبكم ومشاعركم إنسانية أصدق وحق عقولكم بشرية ؟ فالكل يعلم ويعرف ماذا يجري بالعراق وأهله جراء احتلالكم وحكومتكم الصفوية التي فرضتموها وصبغتموها بالشرعية من خلال ديمقراطيتكم الشكلية القمعية .