جلس على كرسي وثير يحلم به جُلُّ ابناء البشر. كرسي غريب مسحور مرصود لفارس همام, غمرته الأقدار بسحر مكنون فقدسه البشر من بدو وحضر. أخذته قشعريرة لذة لم يعهدها من قبل. هزت أركانه ومضات ارتشعت لها أوصاله. بدأ يرتفع ارتفاعا ظنه ساميا فبشت نواجذه خافية أنيابا لم يكن قد عرف لها وجودا.
أغمض عينيه ليرى بريق اللحظة أكثر صفاء, فيستشعر مكنونات عرشه الجديد. أخبره صديق حكيم بأن الجلوس على هذا الكرسي له طقوس وقرابين. لم يفهم يومها ولم يفهم حتى الآن.... أخبره صديقه مرشدا إياه إلى خطوات التمكن من هذا المخلوق الكرسي. ذلك البري الهائج الجامح الذي لا يسكن الا بعد ترويض دون تمهيد.
" عليك أن تفعل وتفعل وتفعل كي تسد خانة الرئاسة قبل أن تُخلع بشماتة"
جلس بفكره العظيم يستشف الرموز بينما تتسلل إلى أعماقه مشاعر الشموخ والكبرياء ممزوجة بالعظمة والسمو. تملكه السلطان وسقطت عنه صفة الانسان حتى رأى نفسه أعظم العظماء فقرر البقاء. أمسك بأطراف الكرسي بقبضة متمكنة وقال: أيها الكرسي أنا وانت زوجان لا يفترقان.
إهتز الكرسي ورعد... بل زبد وقال: قم من على سلطاني واعتبر
- أنا الرئيس ... أنا السيد باسم الشعب
وهل تصدق كل ما قيل... قم عليك الرحيل
- لن أفعل ...أنت ملكي
قذفه الكرسي إلى البعيد وقال: مهلك أيها المغرور، أيها الهارب من السجون لا أعرف كيف تملكك الحبور ولم تقدم قربانا أو تصدر مراسمك ألحانا كي تستحق جلالي فأطرب وأبقيك. أيها الغريب القادم من المجهول ، قد حملتك الأقدار على عجل قبل أن بزوغ النهار. قدم ما لديك حتى أقول لبيك ولا أتخلي عنك قبل انسدال وشاح الظلمة فأضعك فيها سجينا أزليا.
وقف بعيدا بخشوع دون أن يدري ما يقول أو يفعل. أخذته الأفكار مراجعا ترتيب الأقدار عبر ذكريات غير بعيدة. كان هناك ثورة وتلتهب في ميدان وكان خائفا من السلطان. خاف أن تسقط الثورة فيدخل غيابات السجن مرة أخرى فآل على عدم معادات اليد الطولى حتى لا تصيبه صفعاتها فبقي مختبئا متنكرا يترقب الاشياء ليقتنص من الفرص أثمنها وأعزها. وعندما رأى السلطان ينهار تحت وطأة الثوار أدرك بأنه راحل إلى الأبد وبأن الرعاع بسطاء القلب حميدي السريرة, مياههم ضحلة وخداعهم سهل. لقد أبصر بما لم يبصره أحد, فانقض على كرسي السلطان ووعد الناس بالامان والنجاة من الطوفان... وهكذا كان.
انتخبه الناس مأخوذين بطراوة لحيته وطول سبحته, وهابهم ذلك الصف الطويل من رجاله الأتقياء كما دلت عليهم مظاهر الدعة والحياء. فطبل وزمر ووعدهم بالحرية والكرامة بعيدا عن التنكيل والصرامة...وقررر أن يفي بوعده يومها.
قالت له الكرسي: توقف عن الهذيان أيها الانسان. وانظر كيف تحافظ على جلستك والبقاء في في عزتك... أنظر كيف هوى عن جلالي الزعماء وكيف سقطوا من علياء.
أرعبته الحقيقة... أرقته
لماذا سقط هذا وذاك؟
نعم لماذا ... خاطب نفسه بينما تتسلل إلى أحشائه أهواء العظمة والى كيانه عزة السلطة. تنفس الجبروت وسر الكهنوت وصرخ : لانهم تركوا ثغرات نفذت منها المهلكات.
فهمس الكرسي من كل مكان : إن أردت البقاء عليك بمعرفة الأسرار قبل انقضاء النهار.
- أي أسرار ؟
أن تبذل القرابين وتقدم اليقين
- أي قرابين
أن تنسى كل وعودك وتنكث عهودك
- لا أستطيع
كاذب ... كاذب فقد نكثت كثيرا ... إنس ولا ترحم وزج بالسجن من يعطل مسيرة خلودك...عليك بذل الدماء حتى ترتوي الأشياء
- سأفعل...
وفعل
اعترته وجاهة لم يعهدها وأضواء أخذت بلبه فسرى قلبه إلى العلياء وقال: أنا عطية السماء. هل لي أن أجلس
- لا... ليس بعد... تولى القيادة وخذ عجلة الوطن في زمامك
أخذها دونما كلل... فازداد غرورا وانعدام بصيرة وقال: هل لي أن أجلس وارتاح
- إحتكر السلطات وكن السيد المطاع حتى تستحق جلالي
فعلت ... فعلت... سأكون أعظم من جلس عليك .... ولن أسمح لغيري بالدخول إليك
- هههههه... كم أنت ساذج لقد فعلت ما فعل غيرك قبل ان يهوي من عليائي إلى غيابات الظلام
- انقذيني ماذا بعد؟
الغي القضاء وغير الاشياء كما تشاء.... فانقذك من البلاء
- لا... لا أقدر فللقضاء قدسية
ها ها ها...وهل على الأرض قدسية تفوق جلالي؟ إما أن تفعل أو إلى الجحيم ترحل.
نهشته الخيلاء والعزة والكبرياء وقال اللعنة على القضاء... أنا سيد الاشياء.
- قال سيد الكرسي... يمكنك الجلوس
جلس باطمئنان ونام قرير العين حامدا الرحمن على ما كان.
ابتسم سيد الكرسي وقال في ذاته "ليته يدري بأن الثورة لم تنته بعد."
جلس على كرسي وثير يحلم به جُلُّ ابناء البشر. كرسي غريب مسحور مرصود لفارس همام, غمرته الأقدار بسحر مكنون فقدسه البشر من بدو وحضر. أخذته قشعريرة لذة لم يعهدها من قبل. هزت أركانه ومضات ارتشعت لها أوصاله. بدأ يرتفع ارتفاعا ظنه ساميا فبشت نواجذه خافية أنيابا لم يكن قد عرف لها وجودا.
أغمض عينيه ليرى بريق اللحظة أكثر صفاء, فيستشعر مكنونات عرشه الجديد. أخبره صديق حكيم بأن الجلوس على هذا الكرسي له طقوس وقرابين. لم يفهم يومها ولم يفهم حتى الآن.... أخبره صديقه مرشدا إياه إلى خطوات التمكن من هذا المخلوق الكرسي. ذلك البري الهائج الجامح الذي لا يسكن الا بعد ترويض دون تمهيد.
" عليك أن تفعل وتفعل وتفعل كي تسد خانة الرئاسة قبل أن تُخلع بشماتة"
جلس بفكره العظيم يستشف الرموز بينما تتسلل إلى أعماقه مشاعر الشموخ والكبرياء ممزوجة بالعظمة والسمو. تملكه السلطان وسقطت عنه صفة الانسان حتى رأى نفسه أعظم العظماء فقرر البقاء. أمسك بأطراف الكرسي بقبضة متمكنة وقال: أيها الكرسي أنا وانت زوجان لا يفترقان.
إهتز الكرسي ورعد... بل زبد وقال: قم من على سلطاني واعتبر
- أنا الرئيس ... أنا السيد باسم الشعب
وهل تصدق كل ما قيل... قم عليك الرحيل
- لن أفعل ...أنت ملكي
قذفه الكرسي إلى البعيد وقال: مهلك أيها المغرور، أيها الهارب من السجون لا أعرف كيف تملكك الحبور ولم تقدم قربانا أو تصدر مراسمك ألحانا كي تستحق جلالي فأطرب وأبقيك. أيها الغريب القادم من المجهول ، قد حملتك الأقدار على عجل قبل أن بزوغ النهار. قدم ما لديك حتى أقول لبيك ولا أتخلي عنك قبل انسدال وشاح الظلمة فأضعك فيها سجينا أزليا.
وقف بعيدا بخشوع دون أن يدري ما يقول أو يفعل. أخذته الأفكار مراجعا ترتيب الأقدار عبر ذكريات غير بعيدة. كان هناك ثورة وتلتهب في ميدان وكان خائفا من السلطان. خاف أن تسقط الثورة فيدخل غيابات السجن مرة أخرى فآل على عدم معادات اليد الطولى حتى لا تصيبه صفعاتها فبقي مختبئا متنكرا يترقب الاشياء ليقتنص من الفرص أثمنها وأعزها. وعندما رأى السلطان ينهار تحت وطأة الثوار أدرك بأنه راحل إلى الأبد وبأن الرعاع بسطاء القلب حميدي السريرة, مياههم ضحلة وخداعهم سهل. لقد أبصر بما لم يبصره أحد, فانقض على كرسي السلطان ووعد الناس بالامان والنجاة من الطوفان... وهكذا كان.
انتخبه الناس مأخوذين بطراوة لحيته وطول سبحته, وهابهم ذلك الصف الطويل من رجاله الأتقياء كما دلت عليهم مظاهر الدعة والحياء. فطبل وزمر ووعدهم بالحرية والكرامة بعيدا عن التنكيل والصرامة...وقررر أن يفي بوعده يومها.
قالت له الكرسي: توقف عن الهذيان أيها الانسان. وانظر كيف تحافظ على جلستك والبقاء في في عزتك... أنظر كيف هوى عن جلالي الزعماء وكيف سقطوا من علياء.
أرعبته الحقيقة... أرقته
لماذا سقط هذا وذاك؟
نعم لماذا ... خاطب نفسه بينما تتسلل إلى أحشائه أهواء العظمة والى كيانه عزة السلطة. تنفس الجبروت وسر الكهنوت وصرخ : لانهم تركوا ثغرات نفذت منها المهلكات.
فهمس الكرسي من كل مكان : إن أردت البقاء عليك بمعرفة الأسرار قبل انقضاء النهار.
- أي أسرار ؟
أن تبذل القرابين وتقدم اليقين
- أي قرابين
أن تنسى كل وعودك وتنكث عهودك
- لا أستطيع
كاذب ... كاذب فقد نكثت كثيرا ... إنس ولا ترحم وزج بالسجن من يعطل مسيرة خلودك...عليك بذل الدماء حتى ترتوي الأشياء
- سأفعل...
وفعل
اعترته وجاهة لم يعهدها وأضواء أخذت بلبه فسرى قلبه إلى العلياء وقال: أنا عطية السماء. هل لي أن أجلس
- لا... ليس بعد... تولى القيادة وخذ عجلة الوطن في زمامك
أخذها دونما كلل... فازداد غرورا وانعدام بصيرة وقال: هل لي أن أجلس وارتاح
- إحتكر السلطات وكن السيد المطاع حتى تستحق جلالي
فعلت ... فعلت... سأكون أعظم من جلس عليك .... ولن أسمح لغيري بالدخول إليك
- هههههه... كم أنت ساذج لقد فعلت ما فعل غيرك قبل ان يهوي من عليائي إلى غيابات الظلام
- انقذيني ماذا بعد؟
الغي القضاء وغير الاشياء كما تشاء.... فانقذك من البلاء
- لا... لا أقدر فللقضاء قدسية
ها ها ها...وهل على الأرض قدسية تفوق جلالي؟ إما أن تفعل أو إلى الجحيم ترحل.
نهشته الخيلاء والعزة والكبرياء وقال اللعنة على القضاء... أنا سيد الاشياء.
- قال سيد الكرسي... يمكنك الجلوس
جلس باطمئنان ونام قرير العين حامدا الرحمن على ما كان.
ابتسم سيد الكرسي وقال في ذاته "ليته يدري بأن الثورة لم تنته بعد."