أوردها سعد وسعد مشتمل… ما هكذا تورد يا سعد الإبل
لا أعرف في ظل ضجيج ماكينات التآمر، كيف يمكن للعاملين خلفها أن يأمنوا الملايين التي لا تقرأ إلا واقعها وإلا ظروف حياتها، ولا تتأمل إلا مائدتها وأمنها ومستقبل ابنائها فحسب. إن هذه الملايين لا يستطيع أحد أن يزيف عليها مشكلات حياتها حتى بكلام الله، ولن تقبل أن تتردى ظروفها بعد كل هذه الطنطنات من كل الفرقاء عن مصر ما بعد الثورة، وعن الانتقال الديمقراطي للسلطة، فعلى صخرة الحاجة تتعطل – تماما – بيانات العسكري، وتسقط مشاريع النهضة لا مشروعها الوحيد، أما القوى السياسية فإنها كلها – في الأصل – ساقطة من عين الشعب ومن عين الوطن جملة وتفصيلا. إنهم يبحثون عن الحكم والسلطة والدور، والشعب تتكسر أظافره في التنقيب عن لقمة العيش حفرا في الصخر، فكيف يأمن الجميع أسنان الجائع، وإن تكسرت أظافره !! إنهم الآن يقفون إزاء بعضهم البعض : الميدان بإخوانه ومعهم الرئيس المنزوع الصلاحيات وهو منهم، والعسكري ببيانه الدستوري المكمل وأحكام الدستورية العليا. وليس ثمة مطلب للثورة يرفع في هذه المواجهة، لا عيش ولا حرية ولا عدالة اجتماعية، بالرغم من أن كل مفردة من هذه الثلاث قد اصطفت تحتها، عبر سنة ونصف، الكثير الكثير من الوقائع والتفاصيل والمستجدات. وإذن، هل يمكن الزعم أن هذا الشعب ببال أحد من طرفي الصراع ؟.. يبدو أنه، في حساباتهم، لا يزيد عن كونه مجرد قوة عمياء يحشدها هذا الطرف أو ذاك لصالح تكريس سلطته وحكمه. إلا أن هذه القوة العمياء تمتلك من الوعي الفطري ما يجعلها تكتشف الزيف والزور بأسرع مما يوقِّت لها الطرفان، فإذا حدث ووقعت على الحقيقة فقد وقعت الواقعة على الاثنين معا، فلينتبه الجميع، وليحذر الجميع، وليصحح الجميع وضع ما يحسبونه قوة عمياء في حساباتهم، فهي ليست لهم ولا منهم، إنها مطالب واحتياجات تسعى على قدمين لا تشبعها الوعود ولا تحتمل التأويلات. هو ذا الرئيس في الميدان.. أهلا أهلا أهلا، بم جئت إلينا يا سيادة الرئيس المنتخب من ثلاثة عشر مليونا ويزيد لا يوجد في الميدان منهم إلا من تعرف، وما لا يزيد عن عشر عدد من جعلوك رئيسا، وفي البيوت من في البيوت تسعون مليون فم يحتاج لقمة العيش.. تسعون مليون إنسان بحاجة إلى حريته وكرامته.. تسعون مليون فرد يريدون العدالة الاجتماعية.. بم جئت إلينا ؟. إنني لا أفهم وجود الرئيس في ميدان اعتصامِ عددٍ لا يقاس إلى بقية الشعب إلا أنه ديماجوجية رسمية، وانحياز إلى فئة لا يكاد يقرأ عدده إلى جوار ملايين الشعب الغائبة عن الميدان. غير هذا، ماذا يمكن أن أفهم من وجود رئيس جمهورية منتخب في ميدان التحرير حيث يعتصم بعضُ بعضِ البعض ضد الإعلان الدستوري المكمل وضد حكم قضائي من أعلى جهة عدلية في البلاد "المحكمة الدستورية العليا"، والأنكى : ضد "العسكر" الذي أجرى انتخابات فاز فيها الرئيس ولم يوفق مرشح النظام القديم الذي اتهم جميعنا العسكر بدعمه ؟.. ماذا أفهم من هذا ؟ . ماذا يمكن أن أفهم من وجود الرئيس في الميدان ضد كل ما سبق، وبعد ساعات هذا اليوم ينتقل إلى المحكمة الدستورية ليقسم اليمين حسب الإعلان الدستوري المكمل، وأمام الهيئة العدلية التي يطالب بإسقاط أحكامها ؟.. ماذا يمكن أن أفهم من هذا ؟. هل بلغت الديماجوجية حد إذعان الرئيس لها، بل.. ومشاركته فيها ؟ هل هكذا سوف يدير الرئيس البلاد ؟ وهذا العسكري، وما أدراك ما العسكري، ثم ما أدراك مع العسكري، أدار البلاد عير سنة ونصف عبر استراتيجيات دائرية. وفي الدائرة، أنت لا تتقدم نقطة إلا وأنت تقترب بمقياس النقطة نفسها من البداية، وهكذا فعل فخطط للبرلمان فالدستور فالرئيس، فكان الرئيس ثم يكون الدستور (ربما) ويكون البرلمان (أيضا ربما). ولأنه لا يوجد في استراتيجيات العسكري عموما، وليس الدائري منها فقط، حسابات للديماجوجية، فها هو ذا يشاهد، وربما كانت ابتسامة أعرض ما تكون مرتسمة على محياه الآن، ويسأل سؤالي نفسه : هل هكذا سوف يدير "الرئيس المدني" بلدا كمصر ؟ مطمئنا إلى قوته كعسكري لا يهمه الأمر، أما نحن الشعب فيهمنا جدا، إذ إن مبدأ مدنية الرئيس يهددها – الآن – الرئيس المدني نفسه بممالأة الديماجوجيين أو بديموجاجيته هو نفسه. يا سيادة الرئيس المدني، ثمة شاعر جاهلي قال بيتا صار مثلا، هو أكثر مناسبة لك اليوم، من مناسبته التي قيل فيها، آتيك به لتتذكره كلما خرجت على تقاليد الرئاسة المصرية : أوردها سعد وسعد مشتمل… ما هكذا تورد يا سعد الإبل نعم، ما هكذا تورد يا سعد الـ….