ارتجّتْ الطُرقةُ الطويلة.. خرجَ من مكتبه ..لمَحَ الطرقة تعجُّ بالزملاء ودائرةٍ كثيفة
ٍ من السيدات بنهاية الطرقة.. سحبه الفضول..رأى المديرةُ تتوسط الدائرة والقلق والفزع ينهشان اوصالها وهى تصرخ: ( عملتها خاينة العيش والملح.. عملتها بعد ما يئست من البنت حسنية الاصيلة.. بدّرِتْ عن معادها ...عشان تنفذ بنفسها.. شوفتها بعينى نازلة م السلم الصغير عشان تطلع معانا ولا كأنها عملت حاجة..!)
مازال المحتشدون ينتظرون إماطة اللثام...وشْوَشتْ إحداهنّ بخفوتٍ: ( عملت لها عمل.. سحر يعنى)!..
-
- ثمّة مُقرّبات من المديرة يعلمنَ بالخبر.. لكنهنّ ينفينَ تماماً رؤيتهنّ لهذا السحر..
*
*ظلّ شارداً غير مصدقٍ.. لكنه أفاق حين سمع كلمة( الملكة بداره) تذكّر على الفور..القرية الصغيرة القابعة وسط حقول الأُرز , وشوامخ النخيل, واشجار الجوافة والليمون.. هناك.. قبل نهاية شريط النهر ..تقعى (الملكة بداره) فى بناء صغير هرم من طابقٍ واحدٍ.. مغروزٌ فى بقعةٍ جرداءٍ .. تحوطه مياه آسنة
- كان وقتها واقفا ينتظر جاره الشرس الذى راح يقدم الاموال والقرابين للملكه بداره,,كى تكشف له الغُمّة وتميطُ اللثام عن المجرم الذى أتلف له= طبق الدش= ثلاث مرات متتالية..وافسد عليه مُتعته !!
ساعتها خرج الشرس من حضرة الملكة هائجاً مهووساً زاعقاً:( عملها الكلب -حموده- وتـُربة ابويا لاقطّعه حِتت )!!
كادت لكمات الشرس, تُزهق أنفاس -حموده- زوج إبنته, لولا تدخل الجيران.. عندها أزبـدَ -حموده - بدوره متوعداً ,نافياً عن نفسه الجريمة , حالفاً بكلِّ الأديان,, ساعتها سحبه الشرس الى الملكه,, أخبرها بما قاله -حموده-, قالت: اذن هى ( *البشعه)!!..
-
- استدار مُتمتماً لنفسه: ماذا لو أخفقَتْ البشعهُ الجليلةُ..أو كان مزاجُها غير رائقٍ .. أو كانت مُجهدةً غير واعيةٍ لما تـُصدرُ من احكامٍ؟!
إنحَنتْ =تيسير = صديقة المديرة توشوشُ -حسنية- .. قالت -حسنية بصوتٍ خافتٍ: ( حِـتـّه من ديل كلب مسعور..وراس حربايه صَفرَا..وعضم قُط اسود عجوز.. وخمس أزايـز صُغيّره مليانه لنُصّها بميّة صبّار وَحنضل,,وورقه مشخبطه بكلام غريب .. هوه ده اللى سمعته يامدام, والباقى ف علم الله , والست بداره) !!
تمكّنتْ حُسنيه بمكرها وخبثها من الفوز بنقود الحسناء السخيه لشهورٍ عديدةٍ.. ثم الفوز بنقود المديرة.. حيث أشارت للمديرة ان تتبعها الى (التواليت) لتُطلعها على العمل- السحر - قبل ان تسكبُه فى المرحاض !!
-
- تعاظَمتْ صورةُ حسنيه.. وتلاطمتْ مع نزيف الأسئلة التى تدقُّ بأمِّ رأسهِ.. أحسّ بها تُطَقْقُ ,وتتساقط فى بؤرة الحيرة والذهول.. لماذا تفعل الحسناء شيئاً كهذا؟!.. تهاوىَ فوق كرسيـِه مُردِّداً نفس السؤال: ماذا يحدث؟
هرعت المديرة الى الرئيس الاعلى.. حكَتْ له ..نصحها أن تهدأ وتترك له الامر
- أفشى احد الخبثاء ان الرئيس اقترح على المديرة نقل الحسناء كترضيةٍ مبدئيةٍ .. لكنه ما لبثَ أن سحب اقتراحه خشية سحر الحسناء.. لكنّ المديرة لم تهدأ..هاتفت الحسناء قائلةً: ( الهديه وصلت) ..
-
- ازدحمت أمامَ عينيه غلالاتٌ ضبابيةٌ.. غمرته رائحةٌ غريبةٌ تسلّلتْ وملأت رئتيه , راودَ جسدَه محاولاً النوم ( آااهٍ ..أيتها الحقيقة.. سحراً كُنتِ أمْ خبلاً مارقاً من كودية النزق والعبث..اأو من دهاليز الجنِّ والخُزعبلات.. ما ضرّكِ الآنَ لو تهبطين فوق راسى وتستقرين أمامى؟!
-
-قطعت الحسناء إجازتها..اقتحمَتْ حجرة الرئيس شاهرةً سُخطها وغضبها.. اقترح الرئيس مواجهتها بحُسنية..جاءت الأخيرة.. استقبلتها الحسناء بصفعةٍ فوق خدِّها..ثم انحنت محاولة التقاط ( فردة ) من حذائها لاتمام المهمة .. عاجلتها -حُسنية - بإعصارٍ من السُبابِ والشتائم المنتقاة..وقفت الحسناءُ مُسمّرةً فى ذهولٍ.. تمادَتْ -حسنية-مهدِّدة بإفشاء المستور.. مؤكِّدة انها لن تتقاعس فى الحلف على المصحف الشريف!!
=
= تداخَلتْ الأصواتُ والوجوهُ .. تثاءبتْ الشمسُ عند بوابة الفجر مناشدة ً- الملكه بداره- :الحقيقةَ حتى تهدأ النفوس!
*
*لكنّ الفجر مازال غامقاً .. وهو لايزال يُحدِّقُ فى الّلاشئ ..يُحدِّث نفسه بصوت مسموع: ماذا لو ذَهـَبتُ الى الملكه بداره.. واخبرتُها انى بحاجةٍ لسحرها.. كى أكنُس الكوابيس والشياطين التى تعبث بحجرتى الباردة .. وتُسلمنى لهذا الارق اللعين الذى يُدغدغ رأسى بدقـّاته الرتيبة؟.. ربّما منحتنى شيئاً يبعثُ بعض الدفء لأوصالى المُكبّلة ببرودةٍ أبديةٍ.. أو تَمنحَنى زهرةً شابةً تـُذهبُ العطش الذى يعتصرُ عظامى !!@
....................................................
( *
....................................................
( *البشعة ) شئٌ يشبهُ المقلاة الصاج , تدفنُ فى النار حتى تصيرَ جمرةً متأججةً يلعقها المشتبه به .. فاذا كان مذنباً ..شوَتْ لسانـَه..واذا كان بريئاً.. يشعرُ انه يلعقَ -الآيس كريم!!
**********************
{القصة عنــــوان المجمــــــوعة- نشرت
بمجــــــــــلة الشاهد الدولية -يوليو97}