تتكرر الاحتفالات السنوية بذكرى الانتصار في حرب السادس من أكتوبر عام 1973.. الانتصار الذي يعبر عن أعظم إنجاز للقوات العسكرية المصرية.. انتصار جاء بالفرحة والنصرة واثلج قلوب الشعب المصري ومنحه الفرصة لرفع رأسه واستعادة كرامته.. ومن المؤكد أن طعم هذا الانتصار يختلف من شخص لأخر.. فمن خاض المعركة عام 1973 وذاق مرارة الصراع العربي – الإسرائيلي وشاهد وعاصر أحداث مؤلمة دامية، شخص يظل يحتضن بداخله شعور مختلف لذكرى هذه الأحداث.. ويراها بنظرة مختلفة عن الشخص الذي لم يعاصر أحداثها ولم يشاهد نزف الدماء ورفرفة أرواح الشهدء.. وتتوالي صور الاحتفالات على مر الأعوام لما يقارب الأربعين عاماً.. ونبقى على يقين بأن من قاموا بتحقيق هذا الانتصار هم من أكثر القلوب التي ذاقت طعم فرحة مثل هذا النصر.. قادة وجنود بذلت كثير من الجهود.. تستحق عليها كثير من الشكر والتقدير لأمد طويل من العقود.
نعم حققنا النصر بتوفيق من الله عز وجل.. حيث اجتزنا مرحلة الحرب ووقت العسر.. ولكن هل فعلا انتهت الحرب، هل انتهت مسلسلات الصراع على الأرض؟. لا اعتبر نفسي من المحنكين سياسياً، ولا أحب إطلاق الفتاوى فيما ليس لي علم (تخصصي) به.. ولكن "وبكل تواضع" أرى أن مسلسل الصراع على الأرض أصبح يكتب على ضوء سيناريوهات جديدة أخرى.. سيناريوهات تتسم بدهاء أكبر وأساليب تكتيكية أكثر تطوراً.. فاللجوء إلى الحرب أصبح من الأساليب القديمة التى عفى عليها الزمن..
قد لا يؤمن البعض بنظرية المؤامرة، فهي نظرية لها مؤيديها ومعارضيها.. ولكن من يستقرأ الأحداث يمكن أن يستشف بأن هناك شيئاً من عدم المصداقية والشفافية في بعض التعاملات والمفاوضات السياسية الدولية.. وربما تكون لعبة المفاوضات السياسية من أحد الأساليب التكتيكية الجديدة التي تم تبنيها مؤخراً..
معاهدات نزع السلاح، معاهدات السلام، مختلف المواثيق الدولية التي نصت على احترام حقوق الإنسان.. هل طبقتها جميع الدول وإلتزمت بها؟. أم أن هناك انتهاكات صارخة لمثل هذه المعاهدات والاتفاقيات، مثلما يحدث من الجانب الإسرائيلي في كثير من المواقع.
نعم حققنا النصر، واستعدنا الأرض.. أرض سيناء التى تعتبر كل حبة من حبات رمالها ذهباً ارتوى بعضها بدماء غالية.. وكل ساحل من سواحلها، وكل جبل من جبالها يرسم لوحة فنية فائقة الإبداع.. حباها الله العزيز الجليل بنوع من السحر والجاذبية الخاصة.. تترك في النفس انطباع خاص وحب يُؤثر القلوب..
ولكن ماذا فعلنا بعد أن حققنا النصر، واستعدنا الأرض منذ ما يقارب الأربعين عاما.. هل حققنا بعض التنمية الفعلية التي تتناسب مع طبيعة هذه البقعة من الأرض.. نعم هناك مشاريع استثمارية تحققت.. ولكن كان من الممكن إقامة مشاريع تنموية أكبر وأوسع تحقق الاستغلال الأمثل لهذه الأرض وما تتميز به من موارد طبيعية وخصائص جغرافية.. مميزات عديدة جعلت كثير من الأطماع ترنوا إليها وتحلم باغتصابها.. وهو الأمر الذي يتطلب معه مزيد من الاهتمام بهذه الأرض وتأمين الحماية الأمنية اللائقة للحفاظ على رمالها من أي اعتداء.. وحتى لا تضيع دماء شهدائنا هباء..
وطني الحبيب سلاماً.. سلاماً من أي اعتداء، من أي محاولات فتك وهدم وعودة للوراء.. دمت سالماً غانماً ببركة من الله العلي الحفيظ، وبفضل خير أبنائك المخلصين الأوفياء، ممن تحلوا بخلق الإيثار وكرم العطاء لخدمة الوطن ليمروا به من الشدة إلى الرخاء.. دمت وطني الحبيب سالماً من أي اعتداء.. ليتمتع شعبك بالحرية والرخاء.