جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
لا تختلف التنظيمات الإنسانية فى بقائها وتطورها عن الإنسان ككائن اجتماعي. فهى تُولَد وتنمو، وتتطور وتموت، وتحمل بذور فنائها بداخلها كما يحمل الإنسان عوامل فناءه فى معاصيه لفطرته التى خلقه الله عليها، ومن لم يؤمن بأن لكل نظام إنساني نهايته؛ فإنه بالتأكيد أعمى وغير مدرك لكنه الحقيقة أو أنه غبي ولم يتعلم الدرس. فأى تنظيم إنساني يمر بمراحل ثلاث تبدأ بالتعاقد وتحديد الهدف ثم التفاعل وينتهى بالتحلل، ويرتبط بقاء التنظيم بمشروعية أهدافه وقدرته على مسايرة البيئة وانصياعه للنظام العام. فقد ينهار التنظيم من الداخل عندما يفقد أعضاءه الشفافية وتتملكهم الأنانية، وعندما يشعرون بأنهم أكبر من المجتمع الذي يعيشون فيه، وقد ينهار من الخارج عندما تتعارض أهدافه مع الصالح العام ويخرج عن القوانين التى تنظم وجوده. وجماعة الإخوان كأي تنظيم اجتماعى لا نستطيع أن ننكر كفاءته ولا نستطيع أن نعترف بشرعية وجوده؛ ولهذا فإن الدعوة لحل هذه الجماعة ليست محض تجنى وافتراء، ولكنها دعوة خالصة لاحترام القانون الذي أُنيط بأعضائها تنفيذه بعد اعتلائهم الحكم؛ فهذه الجماعة لا تخضع لقانون الأحزاب ولا ينطبق عليها قانون النقابات وتخالف أنشطتها بفجاجة قانون تنظيم العمل الأهلى, وهذه التشكيلات الثلاثة هى التى نص عليها القانون ليس فى مصر وحدها بل فى معظم دول العالم كقنوات شرعية لحرية التعبير والتواصل مع السلطة والمجتمع ،ويعد الخروج عنها محض إدانة واتهام. وإن لم يقم النظام الحاكم بمحاسبة الجماعة وإخضاعها للقانون فإنه متورط معها وشريك لها فى الخروج عن النظام ووجب الخروج عليه فأنه نظام فاقد للشرعية غير موثوق فى انتمائه للوطن. وإذا لم توفق الجماعة أوضاعها وتنصاع للقانون فإنها تمارس ضرباً من أعمال البلطجة السياسية ووجب على السلطة قبل الشعب ردعها حتى لا تكون نموذجا لجماعات أخرى تشاركها السير على الدرب، ربنا تعجز الدولة حينها عن درء مساوئها ورصد علاقتها فى الداخل والخارج. وإذا كان الإخوان يعترفون بأن جماعتهم تم قيدها كجمعية أهلية فى مارس1928 ولم ينصاعوا لقرار الحل الذي صدر ضدهم فى 24 أغسطس 1954؛فإنها بالقطع مخالفة ماليا وإداريا لكافة قوانين العمل الأهلي. حيت تحظر هذه القوانين على الجمعيات ألأهلية القيام بأي نشاط سياسي أو دينى.
وإذا اعتبرنا عدم التزامها بنصوص القانون مخالفة إدارية يعاقب عليها القانون؛ فإننا لا يمكن أن نتجاهل المخالفات المالية، فكلنا على علم بأن الجماعة تقوم بتحصيل من 3 إلى 7 % من دخول أعضائها دون ترخيص جمع مال وتتلقى تبرعات دون الكشف عن مصادرها وسبل إنفاقها، كما أنها لا تخضع للرقابة المالية والإدارية كسائر الجمعيات الأهلية .. فلم يعد بعد الثورةرموز ولا مؤسسات على رأسها ريشة، ومن ثم فإن جماعة الإخوان المسلمين ليس أمامها سوى طريقين للخروج من أزمتها مع الشعب الأول محاولة توفيق أوضاعها كجمعية أهلية مع القانون الحالي للجمعيات، وهذا الحل يستوجب من الجماعة تقديم كل سجلاتها للفحص المالى والادارى وإذا ثبت أنها قامت بدعم حزب الحرية والعدالة أو أي نشاط سياسي أخر ماليا فسوف بتم مطالبتها برد المبالغ باعتبارها مال عام، وإذا لم تتمكن من رد المبالغ لخزانة الدولة فسوف يتعرض مكتب الإرشاد برمته للمسألة التى قد تفضي بأعضائه للسجن؛ مما قد يضع الرئيس وحكومته فى مأزق تاريخي لا يحسد عليه. والطريق الأخر يكمن فى حل الجماعة والاكتفاء بحزب الحرية والعدالة كقناة شرعية للوصول للسلطة وتحقيق الحلم.
صحيفة " الوطن العربى الأسبوعية " المستقلة الشاملة - لندن ، المملكة المتحدة ..
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير :
د. علاء الدين سعيد