قبل ايام اتصل بي احد الاصدقاء الاعزاء وهو مغترب عاش اكثر من نصف عمره خارج العراق وكالعاده ابتدأت المكالمه بالسؤال كل منا على صحه الاخر وظروف الحياة وبدء يسألني عن اهالي منطقتنا حتى اخبرته بأن الحاج فلان الفلاني وهو شخصيه محترمه ومعروفه في المنطقه قد وافاه الاجل قبل ايام فحزن كثيرا الا انه سألني فجاء قاطعا كلامي وكان هناك شيء مهم تذكره .
اين اقاموا مجلس عزائه ؟
احسست ان سؤاله هذا فيه رائحة الطائفيه وذلك لسببين .
الاول .. لان صديقي العزيز هذا مؤمنا وبقوه بالحاله التي ظهرت بعد 9 نيسان 2003 وهي حالة نقل المذهبيه من الدين الى الساحه الاجتماعيه والسياسيه .
والثاني . لان المتوفي طائفته غير طائفة اهالي المنطقه هو شيء قد يراه صديقي المغترب مهما الا انه بالنسبه لاهالي المنطقه فأنه لايذكر حتى ..
وسرعان اما اجبته ..
اقاموا مجلس عزائه في حسينة المنطقه ..
فقال صديقي مستغربا .. حسينة المنطقه ولما ما اقيم مجلس عزاءه في قاعه او جامع من جوامعهم ..
فقلت له .. لايوجد فرق بيننا فالمتوفي واهله هم من اهل المنطقه الاوائل كذلك الحسينيه بيت من بيوت الله وهي تخص المسلمين ككل ولا تخص مذهب او طائفه بعينها والدين الاسلامي جاء ليس مفرقا بل جامعا .
فرد صديقي والخجل ظهر في كلامه .. لا لم اقصد الفرقه ولكن قصدت وهنا قاطعته
وقلت .. ان اهالي المنطقه كلهم حضروا مجلس عزائه لما كانت سيرة الرجل رحمه الله كلها حسنه .
قال .. لم اقصد غير السؤال
فقلت .. اعرف قصدك وسوف اجيب عن كل اسئلتك وان كانت في قلبك . لقد اوصى الرجل بدفنه حيث دفن والده في النجف الاشرف ..
استغرب صديقي وقال .. في النجف الاشرف ؟
فقلت .. ولما لا الم يكن الرجل رحمه الله مسلما ..
فقال .. نعم ولكن الا توجد موانع من جهة اهله ؟
فقلت .. هذه الموانع هي افكار مريضه ودخليه اصلا على ديننا واخلاقنا وقد وضعت في عقول البعض من قبل من يستفيد من ترويج هكذا مشروع .
فقال .. انها حاله نادره .
قلت وبثقه .. ابدا انها حاله عاديه يدفن في النجف او في اي مكان في العراق فالعراق كله مهد الرسائل السماويه ومهد الانبياء و الاوصياء فهناك من طائفتنا ومن منطقتنا من دفن في سوريا اثناء حرب 1973 وهناك من دفن في الاردن وهناك من دفن في السعوديه وهو ذاهب ليحج بيت الله الحرام بل الاكثر من ذلك والاشد حزنا هو من لم يعرف مثواهم وهم الشباب الذي اعدمهم صدام في بداية الثمانيات ..
سكت صديقي ثواني وقال بهدوء .. الحمد لله
واجبته .. الحمد لله الف مره فالطائفيه يا صديقي الغالي امرا صنعه بعض السياسيون ليستفيدوا منه ويصلوا الى السلطه وهو مشروع اجنبي وغير عراقي اصلا ولكن استخدموا فيه بعض العراقيون وصدقه بعض العراقيون ايضا اما الاغلبيه من المثقفين والمتعلمين ووجهاء مجتمع فأنهم على نقيض منه ..
فقال صديقي ضاحكا .. هل تنوي ان تكون سياسيا ؟
فقلت .. ابدا فأني لست تاجرا والسياسيه تجاره غير مشروعه بهموم الناس .
وانتهت المكالمه بيننا بالسلام المتبادل والتمنيات بالصحه والعافيه ...