بقلم : وجيهه جميل بدران -
يدور جدل داخل الساحة الفلسطينية حول شخصية المقدح ومواقفه التي تثور أحيانا حتى يخيل إليك بأن الأمور تسير نحو المواجهة داخل الأسرة الواحدة في حركة فتح .
المقدح الرجل الصعب : الذي خبرته ساحات القتال والمواجهة مع العدو الإسرائيلي في الداخل و الشتات وقد كان المقاتل العنيد مصرا للدفاع عن شعبه وعن ارضه متحديا القرارات الإدارية تارة و صارخا معترضا لمواقف عدة تارة أخرى ما يبين بأن هناك شرخا ما بينه و ما بين القيادة الفتحاوية .
تختفي وراء إبتسامته أسرار تُعلن بأن هناك خطرا لسوف يثور متفجرا ليحدث البركان فحينما يرمي قنبلته او يطلق رصاصته تجاه العدو الإسرائيلي تصيب الهدف والله المستعان حيث ينهي عمله دائما بهذا القول .
يقول المقربون منه انه عندما صافح الرئيس الراحل ياسر عرفات الإسرائيلين اثر توقيع اوسلو لم يتمالك نفسه ورفض هذا الإتفاق و عارضه بكل قوة حتى وصل الى ان اتهم الرئيس الراحل بأنه هو من خرج عن مباديء حركة فتح و صرح هذا علنا , و ما يذكره التاريخ انه عندا سؤل الرئيس الراحل ياسر عرفات عن معارضة منير المقدح له في اتفاقيات أوسلو رد الرئيس قائلا : أنا لا أقود خرافا .
ندخل البيت الابيض حيث مقره , معالم الفتحاوية نراها صورا معلقة على الجدران لصور هي رمز الثورة يتخلل بينها ايات قرأئنية , و تتصدرها صورة الرئيس ياسر عرفات وحينما نبادره بالسؤال من هو اللواء منير المقدح الفتحاوي , من هو السهل المتتنع الذي حافظ على عهده للشهيد الراحل ياسر عرفات و من هو المطالب بفلسطين من الفاء للنون متربعا على السين نراه هنا قليل الكلام بنظرته الخجولة التي يتميز بها دائما .
عرف المقدح عن نفسه بأنه المقاتل الفتحاوي العنيد الذي ينتمى إلى حركة فتح مؤمنا بمبادئ و أدبيات الحركة , هو اليوم مازال على القسم والعهد الفتحاوي المتمسك بالأصالة الفتحاوية وبنظامها الداخلي وبرنامجها السياسي الذي يُعلن بدون مواربة تحرير فلسطين كل فلسطين و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كل فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وطنا أبديا لجميع الفلسطينيين , وحول حقيقة انتماءه لحركة فتح و معارضته لكل اتفاقيات السلام مع اسرائيل يقول المقدح :
لا يوجد شيء في ميثاق حركة فتح اسمه دولة إسرائيل , فلسطين هي من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الميت و من جنوب لبنان إلى جنوب فلسطين و عندما أقسمنا اليمين في حركة فتح أقسمناه لتحرير كل فلسطين التاريخية و لازلت مؤمنا و منفذاً لهذا القسم , و عند انطلاق حركة فتح في عام 1965 كان معنا غزة و الضفة و القدس , فقد انطلقت الثورة من أجل تحرير أراضي 1948 لذلك هذا برنامج حركة فتح و هذا ما نحن متمسكون به و هذا البرنامج لم يتم إلغاءه إلى الآن و لم يجري عليه أي تعديل , و لازلت ابن حركة فتح متمسكاً ببرنامجها و ثوابتها و انطلاقتها و بيانها الأول , و معارضتي لإتفاق أوسلو هو حق طبيعي لي فحقي من خلال موقعي في حركة فتح أن أتخذ موقف من هذا الاتفاق , و اثبت الزمن بعد 18 عام من المفاوضات بأننا على حق فاليهود هم اليهود لا مواثيق لهم و لا عهود و كل ما وقعوا عهدا رفضه فريقا منهم فعندما عقد اتفاق مع حزب العمل نقضه حزب الليكود فكلهم أوجه لعملة واحدة و كذلك كل الإدارات الأمريكية لا مواثيق لها ففي كل بداية ولاية لرئيس جديد يتحدث إيجابا عن السلام و عند قدوم موعد التجديد لولاية جديدة يبيع كل فلسطين و كل شعبها و حقوقه إلى الاحتلال الإسرائيلي للبقاء في منصبه كما حدث سابقا مع بيل كليتون و ما حدث مؤخرا مع أوباما فعندما أراد التجديد لولاية جديدة ضرب بعرض الحائط كل المواثيق و العهود و أعلن دعمه المطلق للاحتلال الإسرائيلي ضد إقامة دولة فلسطينية كأبسط حق للشعب الفلسطيني .
فعلينا كشعب فلسطيني أن نعود لجذورنا و أصالتنا التي انطلقنا بها في البيان الأول لانطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965 و هذا حق طبيعي لنا و هو ما يوصل لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني إن شاء الله و هذا هو أقرب طريق للجنة أيضا .
ويكمل حديثه مبتسماً :
الإخوان في حركة فتح كانوا يراهنون على تسوية مع هذا الاحتلال الإسرائيلي أو شبه سلام أعتقد بأنهم ألان فقدوا هذا الاحتمال كليا, حيث أعتقد بأن الرئيس أبو مازن فقد الأمل بأي تسوية مع كيان الاحتلال الغاصب و أيضا فقد الأمل بأي وسيط نزيه مثل اللجنة الرباعية أو الإدارة الأمريكية , لذلك اليوم على القيادة الفلسطينية أن تلتزم خط المقاومة و الكفاح المسلح لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني بعد أن كادت إسرائيل أن تُهود القدس و الضفة الغربية فبعد بدء عملية السلام في عام 1993 كان هناك في الضفة الغربية ماية و عشرون ألف مستوطن أما الآن بعد 18 عام على بدء المفاوضات فقد أصبح هناك أكثر من نصف مليون مستوطن موجودون في الضفة الغربية و تحت حماية الاحتلال لذلك لا جدوى من المفاوضات مع ها الكيان الغاصب الذي لا يفهم إلا لغة واحدة و هي لغة الكفاح المسلح و المقاومة .
أما اليوم بعد 63 عام من الاحتلال فقد أعلن الشعب الفلسطيني في ذكرى النكبة إعلان قيام الدولة الفلسطينية على كامل فلسطين التاريخية و قد كتب بدماء أبنائه على كل الحدود الفلسطينية و في الداخل أيضا أن كل فلسطين هي للفلسطينيين فقط , لذلك على القيادة الفلسطينية أن تقرأ هذه الرسالة أيضا بأن الشعب الفلسطيني يريد تحرير كل فلسطين بعد أن رسم هذا الشعب الخطوط العريضة للقيادة الفلسطينية و طلب منهم رص المزيد من الصفوف لمواجهة السعار الإسرائيلي و الأمريكي ضد حقوق الشعب الفلسطيني الشرعية في تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية ليس فقط على حدود 1967 بل على كل حدود فلسطين التاريخية .
سكت المقدح ليلتفت الى الماضي متذكرا وليس متناسيا ما تم بينه وبين الرئيس الشهيد ياسرا عرفات مجددا له العهد إلى يوم الدين متذكرا وصية الشيد الرمز القائد ياسر عرفات قائلا :
في أواخر عام 1996 أرسل لي الرئيس أبو عمار موفد شخصي من طرفه و قال لي أنت على حق فلا أمل بالمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي اثبت على موقفك و أنا جاهز لكل الدعم ووقتها طلب مني تحرك داعم فقمت بتخريج دورة عسكرية قوامها 1000 مقاتل و أعلنا عن تأسيس الجيش الشعبي لواء الأقصى في الداخل و الشتات , وفي عام 1997 أرسل لي الرئيس أبو عمار قرار بتعيني المشرف العام لقوات مليشيا حركة فتح بعد انقطاع طويل عن أي منصب فتحاوي .
فمن أوسلو في 1993 إلى 1996 كشف الرئيس الرمز أبو عمار بأنه لا جدوى من المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي وقام بجمع كل الأوراق في الداخل و الخارج لتصب في خدمة القضية الفلسطينية حيث قال في مقابلة متلفزة كأني أفاوض سحرة , أما في عام 2000 كان الرئيس انهي جمع أوراقه و في انتفاضة الأقصى وافق على استخدام السلاح في مقاومة جيش الاحتلال و أسسنا كتائب شهداء الأقصى و عدة أجنحة عسكرية أخرى داخل فلسطين من اجل مواصلة الكفاح المسلح لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني .
تداخلنا بالسؤال متسارعين كي لا ينهي حديثه متسائلين من هو الذي يقود المعركة ضد الإحتلال الإسرائيلي ؟ حيث كنا ننتظر منه كقائد لكتائب شهداء الأقصى اجابة معينة و لكنه فاجئنا برده قائلا : الشعب والشباب والجيل الصارخ هو من يقود المعركة الأن وهذا ما تم إثباته من خلال أحداث مارون الراس , و أنا أحي إرادة الشعب والجيل الذي أبهرنا جميعا مجبرين الحكام والقادة لان ينصاعوا إلى رغباتهم بالتغيير فالان هو زمن التغيير , و قال كلمته المعهودة بأننا تحت ارادة هذا الشعب سنشهد زوال قريب لدولة اسرائيل في بضع سنوات قليلة , و تابع كلامه : لنعطي شبابنا الحق بفرض انفسهم على جميع الساحات و في كافة المجالات ابتداءا من العمل المؤسساتي مرورا بالعلوم و المعرفة و انتهاءً بالمقاومة .
هذا هو المقدح الي يعتبره البعض منقلبا على حركة فتح او منشقا عنها , ففي مواقفه داخل مخيم عين الحلوة استطاع ان يفكك العديد من العوائق التي اعترضت حركة فتح في مواجهة بعض الجماعات المتطرفة أو بعض الفصائل الفلسطينية خاصة في ظل الإنشقاق ما بين حركتي فتح و حماس حيث قام بذلك من خلال الحوار فهو الذي يعتبر بأن دم الفلسطيني على الفلسطيني حرام .
يذكرنا أحد أصدقاءه بأن المقدح لا ينكر أنه كانت لديه بعض الأخطاء عبر تاريخه النضالي فهو بشر فقد يخطيء أحياناً و قد يصيب أحياناً أخرى و لكنه يبقى متمسكا بحركة فتح ووحدتها رغم ما يتعرض له من هجومات ما بين الحين و الأخر بسبب مواقفه من المفاوضات , و يؤكد لنا صديقه هذا بأنه متواضع يلتقي الصغير قبل الكبير يعطي دروسه اليومية للشباب حول مجريات الأحداث العالمية و حول حقائق تاريخية عن فلسطين و عن وجوب مقاومة المحتل , سجله النضالي في وجه الإحتلال الإسرائيلي نظيف يأخذ بالأسباب و لكنه ينتظر الشهادة و يتوق إليها و يتمناها أن تكون بيد الغاصب المحتل .