ما عدت ذاك القارئ المهووس
بالأسفار والأشعار والآداب
وسئمتُ حبراً يابساً
لن يرويَ الأذهان أو يحيي اليباب
قد صرت أقرأ صامتاً ريحاً تدقُّ بكلِّ باب
وشغفت فكّ رموزها تلك الوجوه
فإنّها باتت تحنُّ للاغتراب
فسأقرأُ القمعَ المخمّرَ فوقَ أعتاب الرقابْ
وسأقرأُ التعبَ المصعّرَ في عيون الكادحين
وسأقرأُ السّكَنَ الذي قَطَنَ المنافضَ
واحتسى دمع العيون
وسأقرأُ الدُّخّانَ في الاجواءَ والغضب
***
سأصيرُ يوماً
قارئاً لفناجين نسوةٍ
يغرقنَ في الآمال
مع أتْفَهِ الرَِّجالْ
أوقارئاً للتِّفلِ لا أرى سوى العيون
ألنّاظرات عن كثبْ
ألغارقات في السُّكون
ألعاشقات للنّفاق والدّجلْ
ألباحثات في خجلْ
حُبًّا ركيكاً مُبْتَذَلْ
***
أو قارئًا ما جدَّ في البريدْ
أو ليسَ بالشّيءِ الجديدْ؟
أو ليسَ بالخبزِ البعيدْ؟
لا .. لا أظنُّهُ ساذجاً
رَجُلَ البريدْ..
ساعي البريدْ
رجلٌ سعيدْ
بإعادة الأوراق بدءاً من جديد
***
أو قارئَ الأوراقِ في البنوكْ
للدّفترِ الجديدِ للصّكوكْ
أوَ ليسَ للغفران أيضاً ؟!
فاتورةٍ للنّورِ،للمياهِ للأملاكْ
إشعارِ تحقيقٍ من الشَّباكْ
***
أو قارئًا
للدّعاياتِ المقحمه..
عن افتتاح مَلْحَمَه..
في السّوق الجديدة
أحسبتها ملحمةً جديدةً
في مسرحٍ قديم؟!
***
أوقارئًا نَصَّ الكلامِ
لقصّةٍ جميلةٍ محكيّةٍ
على لسان رجلٍ قديمْ
تطوي بألف قصّةٍ مخفيّةٍ
تودي الى الجحيم
***
أو قارئًا للمنطق السّليمْ
في صمتِ الحكيم
حين احتدام الجدل العقيم
والأحمقِ البهيم
***
والقارئَ الزَّمانَ في عقارب السّاعه
أو قارئًا للصّخْبِ في توسّلِ الباعه
وتشنُّجِ الأوجهِ
في الصّراخِ
في العيونِ
في كساد البضاعه
***
أو قارئًا في لحظةِ التكوين
للفجرِ يُصنعُ من أيادي الكادحينْ
للخبزِ مصنوعاً على المواقدْ
ولعاملِ الإعمار، للعتّالِ، للزبّالِ
للبائعِ الجوّالِ في الجرائدْ
***
وقراءةُ المرآةِ في الصّباحْ
وقراءة المرآةِ في المساءْ..
وقراءة السّلاحِ في معرفة الأشياءْ
تسميةِ الأشياء..
غربلةِ الأشياء
أو لحظةِ العزوفِ
عن عبادةِ الأشياء
***
أو قارئًا لهثَ الكلاب
أو قارئَ السّراب
أو قارئَ النباحِ في الشَّوارع السَّريعه
أو قارئًا للّحظةِ الفظيعه
للَّحْظَةِ المُريعه..
في بلسمِ السؤالْ
وأرقمِ الجوابْ
***
أو قارئًا للقولِ قبلَ أنْ يُقالْ
أو قارئًا للحالِ في الْمُرّ الُمحال
أو قارئًا للظِّلِّ في انحسارِهِ
أو قارئًا للشَّمْس في الظِّلال
***
أو قارئَ الأدوارْ
في مقتِ الانتظار
لنصائح ٍعقيمةٍ
في دَورٍ لا يدار..
***
وقراءةُ الآهات والعيونِ واللّيالي
في جلْبَةِ الغِناء المتتالي
في الّلحنِ في فراغٍ يستدير
فيُكَرِّرُ التكرير..
ويُقَدِّسُ التدوير
يُبْلي ولا يبالي
***
وقراءةُ الوجوهِ المستعاره
للوفدِ في الصّداره
للصورِ الْمُلْتَقَفَه..
في لحظاتٍ مُقْرِفَه..
فَيُسَجِّلُ التّاريخُ أنّ هذهِ
خلاصة الحضاره
***
أو قارئًا للبسمةِ الممتزِجه
وَمُصافَحاتٍ لَزِجَه
أو قُبْلَةٍ مُبَرْمَجه
أو خُطبَةٍ ورديةٍ رديئه
لتوَدَّ لو تخالفَ المشيئه
في اللّحظات الحَرِجَه
***
أو قارئًا للذّاكره
أو قارئًا للدّاءِ في الدّواء
أو قارئًا سَيْرَ الحروبِ الخاسره
والقارئَ الزَّمانَ في عقارب السّاعه
أو قارئَ المرآةِ في المساءْ.