جدد التغيير الذي شهدته دول عربية، آمال الوحدة التي داعبت مخيلة كثير من العرب في السبعينيات من القرن الماضي، وقامت من أجلها أحزاب وجماعات، دعت إلى "وطن عربي واحد من المحيط إلى الخليج."
لكن الدعوة إلى الوحدة تجددت هذه المرة بشكل يراه محللون منطقيا أكثر، إذ أن تغيير الأنظمة قد يفتح المجال لمشاريع وحدة عربية، فشلت في السابق، ولم تتحقق على مدى عشرات السنين، وأصبحت الآن ممكنة بمعايير عملية ونفعية.
ورغم أن الأحزاب التي كانت تدعو للوحدة العربية خبت واختفت، إلا أن الدعوة هذه تجددت عبر وسيلة أثبتت نجاعتها أكثر من الأحزاب، وبرهنت فاعليتها عبر الثورات التي انطلقت منها، فالشبكات الاجتماعية لعبت دورا كبيرا، كما يرى مراقبون، في تأجيج الثورات الشعبية.
وفي صفحة كرسها القائمون عليها لمشروع الوحدة العربية، وحملت اسم "نعم لتشكيل نواة الوحدة العربية (مصر ليبيا تونس)"، كتبت إحدى المشاركات، وتُدعى شيماء الزين تقول: "إن القلب يهفو إلى نسمة.. تمر من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى إلى الأزهر إلى مسجد قرطبة.. ولا تحمل غير أنفاس العرب."
وبذات الصفحة، كتب المؤسسون عليها: "ظهور الوعي لدى شبابنا العربي.. نواة لتشكل وحدة عربية كبيرة مزروعة في أرض مصر وليبيا وتونس الخصبة بدماء الشهداء."
وأضافوا: "الهدف من تشكيل هذه النواة هو تشكيل دولة عربية قوية مكونة من ثلاث دول، الأمر فيها يرجع للشعب لا أحزاب ولا حركات ولا جماعات الشعب هو المسؤول الأول والأخير عن شؤونها."
وقالوا أيضا "من بلدان عرفت ثمن الحرية وتريد الوحدة كثمن لدماء شهدائها الأبرار، نحن ندعو لتشكيل هذه النواة الوحدوية لتكون بذرة صالحة لوحدة عربية كبرى تضم الوطن العربي كاملاً."
وفي ذلك السياق، يقول الكاتب والمحلل الاقتصادي محمد عايش، إن فكرة الوحدة العربية ممكنة، ولكن "ليس بنسختها الحالمة التي كانت سائدة في السبعينيات من القرن الماضي، بل يجب التفكير في نسخة أحدث تكون أشبه باتحاد كونفدرالي عربي يجلب النفع إلى مواطني الدول العربية."
وأضاف عايش في اتصال هاتفي من العاصمة البريطانية لندن: "أرى أننا يجب أولا أن نبدأ بإيجاد صيغة جديدة للتعاون العربي والتخلص من جامعة الدول العربية التي أسهم ميثاق عملها في تعزيز حالة الانقسام العربي وأصبحت عبئا على طموحات الإنسان العربي."
وأشار إلى أن المطلوب الآن هو "صيغة منطقية للتعاون، ينبثق عنها اتحاد يجمع المشترك بين الدول العربية ويتغاضى عن المختلف، بمعنى لماذا لا يتم توحيد السياسة الخارجية للعالم العربي، وتوحيد العملة وتفعيل الاتفاقيات بين الدول وغيرها."
ويرى عايش أن الثورات التي يشهدها العالم العربي، ستفرز أنظمة جديدة، وهذا يتطلب نوعا جديدا أيضا من التعاون العربي، مضيفا أن "العائق الوحيد الآن أمام تلك الوحدة، هي الجامعة العربية.. هذا الكيان المشلول تماما."