الربيع العربي اليمني
ودور المبادرة الخليجية في إنقاذ رموز النظام !!!
حقيقة إن ثورة شباب اليمن وثورة التغيير السلمية للشعب اليمني أظهرت مدى قوة الشعب اليمني على التحمل وضبط النفس وإصراره على الإستمرار في الحراك السلمي والمطالبة رغم مقابلة قناصة وجيش النظام له بآلة قمع هوجاء ورصاص حي أعمى أصاب العديد من النشطاء والمواطنين لاسيما وأن معظم الشعب اليمني يقتني أسلحة وعتاد إلا إنه لم يستخدم أي منها في مقاومة شرطة وأمن النظام رغم الأحداث التي مر بها خلال مسيرة الثورة وخاصة المجزرة في جمعة الكرامة والتي راح ضحيتها ما يقارب 52 مواطناً يمنياً غير المصابين الذين تعدوا المائة نتيجة طلقات القناصة والتي معظمها جاءت في الرأس ، والذي كان على أثرها أن أعلن الرئيس علي عبدالله صالح حالة الطوارئ والتي بموجبها يمنع المواطنين من حمل السلاح حيث توالت إستقالت العديد من الوزراء والمسؤولين إحتجاجاً على قمع المتظاهرين ، فإندلعت الثورة اليمنية للمطالبة بإلإصلاح السياسي والدستوري والإقتصادي والإجتماعي ، بالإضافة إلى تحقيق مبدأ المساواة والديمقراطية وعندما لم يتمكن النظام من تلبية مطالب الشعب نادوا بإسقاطه لما رأوا من قدرة الشعب في إسقاط الأنظمة العقيمة وإيمانهم الراسخ بأن الجيش من الشعب وللشعب وسوف لن يقف مع النظام لقمع شباب الثورة كما هو الحال في تونس ومصر . فتوالت الأحداث بعدها فكانت مسيرة ملعب الثورة بمدينة صنعاء التي راح ضحيتها 13 مواطنا وجرح 210 أخرين ، وما كان من إحراق ساحة الحرية بمدينة تعز التي وصفت بالمذبحة ومساندة شيخ مشايخ قبيلة حاشد اليمنية صادق الأحمر للثورة ودعمها والتي هي من أكبر وأقوى قبائل اليمن وما كان من النظام إلا أن قصف منزله في مدينة حصبة بمدافع الهاون وقتل وإصابة العديد من أفراد قبيلته وبما سمي بحرب الحصبة وما حدث بعد ذلك من محاولة إغتيال الرئيس علي عبدالله صالح خلال تأديته لصلاة الجمعة في مسجد القصر الرئاسي وقتل وأصابة العديد من المسؤولين في هذه الحادثة وسفره للسعودية للعلاج ومكوثه فيها 4 أشهر ، وما كان لمجزرة كنتاكي في مدينة صنعاء من دوي وصدى والتي راح ضحيتها 21 مواطناً وإصابة 113 آخرين من نشطاء الحراك السياسي الذي كان يطالب بإسقاط النظام نتيجة إطلاق نيران القناصة عليهم من فوق أسطح الأبنية والمنازل وما تبعها من قتل لأكثر من 100 مواطن يمني برصاص القناصة . وعودة الرئيس علي عبدالله صالح إلى اليمن بعد أن خول نائبه عبدربه منصور هادي في التوصل لإتفاق ينص على نقل السلطة في البلاد بناءً المبادرة الخليجية التي تم إطلاقها آنذاك حيث طعن بها وحدثت مواجهات بين قواته الموالية وأخرى مناهضة له وتساند تنحيته عن سدة الحكم وبقاءه بعيداً عن السلطة وكادت أن تقع البلاد في حرب أهلية لولا قيام التحركات العربية والدولية في دعم المبادرة الخليجية وما فيها من تطمينات وضمانات وذلك بمنح الرئيس وأسرته ومساعديه حصانة تقضي بعدم المتابعة والملاحقة القضائية ، وتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أسبوعين وإجراء إنتخابات رئاسية خلال ثلاثة أشهر . وهكذا إنتهى حكم علي عبدالله صالح لليمن بعد حكم دام 33 عاماً دون أية مسؤولية عما حدث من أعمال قتل ودهم لجنود وقناصة النظام ضد النشطاء والحراكات السياسية في الثورة من خلال المبادرة الخليجية ومنحه الحصانة بعدم المسائلة أو الملاحقة حين التنحي عن السلطة وإنتخاب نائبه رئيساً للبلاد وبقاء العديد من رموز نظامه في الخدمة مما يجعل ، فكان لهذه المبادرة الدور الأكبر في صيانة النظام ورموزه من المسائلة القضائية لاحقاً ، لهذا فهي تعد ثورة غير مكتملة النصاب بإعتبارها ثورة ولد ربيعها منتقص بعض الشيء ولا تزال بمخاضها الثوري الأول ، فهي إذن غير مؤتمنة في ركودها ويمكن أن تستكمل مراحلها لاحقاً كونها جاءت تلبية لمطالب الشعب الذي يُعدُّ بالمرتبة الثانية في العالم بعد شعب الولايات المتحدة الإمريكية تسلحاً ، في حين إستطاع النظام الهروب من المحاسبة والحصول على الضمانات بالوقت الذي تمكن فيه من إبقاء العديد من رموزه في السلطة ، وهذا الشيء قد يقود مستقبلاً إلى ربيع يمني آخر يكون أكثر دموياً إذا لم يتدارك اليمنيُّون الأحرار حقيقة مطالبهم بوضوح تام ورضاء كامل الشعب اليمني بما حققوه خلالها ومتابعة السير في عملية الإصلاح أولاً بأول .
بقلم : سميح علوان الطويفح