نَحْنُ وَطَنٌ وَأُمَّةٌ وَمُواطَنَةٌ يَشْهَدُ لَهَا الْتَّارِيْخ ...
(الوطن والأمة والمواطنة) نجد أن لهذه الكلمات الثلاثة الصفة المتلازمة والصلة والوثيقة والمترابطة ببعظها إلبعض والتي تكمل إحداهما الأخرى في تكوين المجتمع المتكامل من حيث نشأته بمختلف طوائفه الدينية وطبقات فئات مواطنيه والبقعة الجغرافية التي يقطنونها على مرِّ تاريخهم الفائت والحاضر وتطلعاتهم المستقبلية للتقدم والرقي والإزدهار سواء لهم كأشخاص أو للبقعة الجغرافية التي يقطنونها .
فالوطن يعبر عن المكان الذي يرتبط به سكانه (الشعب) إرتباطاً تاريخياً طويلاً ، وهو أيضاً يعد المنطقة التي ولدت فيها الهوية الوطنية للشعب وليست بالضرورة أن تكون هي موقع ولادة الشخص بل هي المنطقة الجغرافية التي ولدت فيها أمته والتي تعنى لنا "بالوطن" ونستطيع القول أيضاً هو المكان الذي يضحى من أجله بالمال والروح والدم لا بل وبالغالي والنفيس كي يبقى ضمن جوٍ آمنٍ ومستقرٍ يتيح لأبناء الشعب العيش فيه بسلام وإطمئنان .
والأمة هي مصطلح قانوني وسياسي في آن واحد وهي عبارة عن مجموعة من الناس يرتبط أفرادها بروابط معينة مثل اللغة أو التاريخ أو الجنس من جهة ومن جهة أخرى المصالح المشتركة والغايات والأهداف الواحدة فيما بين أفرادها بالوقت الذي يقطنون فيه جميعاً بقعة من الأرض حتى ولو لم يخضعوا لنظام سياسي معين في حين تشمل الأمة أموات الشعب والأجيال التي ستولد في المستقبل . وهذا ما يعبر عن الأمة بأنها حقيقة وكيان مجرد له وجود مستقل عن المواطنين الذين على قيد الحياة في لحظة معينة ، فالأمة تعتبر شخص حقيقي قانوني معنوي حر، يتجاوز الأجيال المتعاقبة لأنه موجود عبر القرون المتتالية وما المواطنين إلا مسافرين عابرين ، فالأمة هي كل الاجيال السابقة والمعاصرة بل واللاحقة أيضا ، أي هي كل المواطنين الأحياء والأموات بل ومن لم يولد بعد فهي الماضي والحاضر والمستقبل ، فهي تسمو على الشعب الحالي للدولة و وجودها يسمو على وجوده ، لأنها توجد قبله ومعه وبعده ، أي أنها مستمرة بعد انقضاء الجيل الحالي للشعب . فالأمة هي التركيبة التي يتحقق فيها وبموجبها الامتداد القانوني والمتضامن بين الاجيال المتعاقبة ودوام وثبات المصالح الكبيرة المشتركة .
والمواطنة هي وحدة الانتماء والولاء من قبل كآفة مكونات المجتمع السكاني في تلك البقعة الجغرافية التي يقطنها على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي للوطن الذي يحتضنهم، الأمر الذي يقتضي أن تذوب كل خلافاتهم واختلافاتهم عند حدود المشاركة والتعاون في بناء الوطن وتنميته والحفاظ على العيش الكريم فيه وصيانة علاقاتهم المشتركة والعمل على تقويتها .
نعم .. فنحن بالأردن وطناً وأُمةً ومواطنةً يشهد لها التاريخ ، فنعماً هو الوطن الذي نعيش فيه ، ونعماً هي الأمة التي ننتسب إليها ، ونعماً هي المواطنة التي ننتمي إليها ، فطالما نعيش في وطنٍ قد حباه الله بالكثير من النعم والعطايا ولأمته التاريخ المشرف والعريق في عمل الخير والمسطر بالعطاء وما رافقه من بطولات وتضحيات من أجل الكرامة والحرية للعرب والمسلمين يشهد لها القاصي والداني والمواطنة المخلصة لله ثم للوطن والمدركة الواعية من أبناءه النشامى والتي شهد لها الجميع بالحكمة والرشاد في معالجة الأمور المستعصية لإنقاذ الوطن وأمته من الإنجراف إلى الدمار والخراب نتيجة ما يتعرض لها من تهديدات ومؤامرات وفتن من الداخل والخارج محاولة تفتيت تلاحم وحدة أبناءه الوطنية القوية وزعزعة إستقرارهم الوطني فكان الشعب أهلاً لثقة الوطن به لردع كل من حاول أن يسيء للأردن وأهله فكان له بالمرصاد ، فحمداً لله على هذا الوطن الغالي وعلى هذا الشعب الواعي وعلى تاريخ أُمتنا المشرف الذي نعتز ونفتخر به على أمد الدهر ...
بقلم : سميح علوان الطويفح