يدين الدكتور الراحل علي الوردي ما يسميه بالناحية " الملوكية " التي دأب عليها المؤرخون في كتابة التاريخ حيث ينظرون من ناحية الملوك ويهملون ناحية الشعوب؛ يأخذون التاريخ من وجهة نظر الحاكم وينسون وجهة نظر المحكوم . في حين أن المؤرخ الحديث يأخذ كلتا وجهتي النظر في الإعتبار . فهو محايد ، ومثلما يدرس وقائع السلاطين الفاتحين في الغزو والسيطرة فإنه يدرس وقائع الشعوب المفتوحة في التمرد والثورة . لكن الكثير من المؤرخين للأسف لا يعملون و...وكان على الطالب أن يحفظ أسماء الملوك وأسماء البلدان التي فتحوها ومعاركهم التي انتصروا فيها دون أن يسأل عن المشاعر المكبوتة التي كانت الشعوب المفتوحة تعانيها عند الفتح .
ويواصل الوردي موقفه النقدي هذا بالقول :(( شعرت ذات يوم وأنا صبي بشيء من الصراع النفسي . فقد كنت أقرأ قصص الأنبياء في البيت وقصص السلاطين في المدرسة . فأرى بينهما تناقضا مذهلا . فكتب الأنبياء تعطينا صورة من التاريخ معاكسة لما تعطينا إياه كتب السلاطين . فالقرآن مثلا يحتقر فرعون وآثاره ، بينما يمجد موسى ومن تبعه من الثوار على فرعون . أما كتب التاريخ المدرسي فهي تركز نظرها على أمجاد فرعون وأمثاله وتكاد تهمل أثر المتمردين عليهم . إن الكتب المدرسية عندنا تعلم التلاميذ أن يكونوا ضباطا عسكريين ، لا علماء باحثين )) (168) .
المصدر: كتاب مهزلة العقل البشري- د. علي الوردي
نشرت فى 24 مايو 2015
بواسطة Thakeratkaree
أ. م. د. محمد صالح رشيد الحافظ
موقع خاص يعنى بالقضايا الأدبية والثقافية العراقية والعربية والعالمية مع اهتمام ببعض التوجيهات التربوية والأكاديمية.. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
5,418