ذاكرة قارىء

موقع يعنى بالإبداع الأدبي وشؤون الثقافة العراقية والعربية والعالمية

                                         ألا أيها الليل ..!

 

كان الليل كسوة العوائل الأسرى، لا أثر لنور ولا أثر لبصيص ضياء لكن عيونهم  وإن فقدتْ البصر فقد اعتادته!.. كانوا يظنون أنهم يبصرون في الظلمات، صورهم ظلال متنقلة في العتمة، بعضها يتعثر ببعض، أو بأي شيء حتى بكسرة الخبز اليابس التي يحتفظ بها بعضهم اتقاء تشنجات المعدة الخاوية.
كان الليل قد كفّ عن أن يكون هو الليل الذي يعرفونه سكنا وأمنا..! فما عاد له نهار ولا نجوم ولا قمر ولا سماء، بل كانوا هم الليل، يتلمسون أجسادهم وأنفاسهم وأيدي بعضهم ببعض ليشعروا بقايا الحياة في مساحة أمتار قليلة كأنها القبر ..!
كان والد تامر يحملق في الظلام الحالك الذي غطى كل شيء حوله ، جالت في رأسه افكار عدة ، تذكر ليلة زفافه في هذه الغرفة منذ خمسين عاما، شعر بأسى لفقدان شريكة عمره بعد صراعها مع المرض الخبيث، تذكر ولادة ولده الوحيد في هذه الغرفة، اليوم قد صار رجلا مكتمل الرجولة  انه لا بد و ان يكون على قدر المسئولية ، لا بد وان يحقق في ولده " تامر" ما لم يستطع ان يحققه بنفسه، وتسمرت ملامح وجهه فشعر بغصة ومرارة في حلقه ،ثم احس برجفة قوية تهز جسده الواهن ، سالت دمعة من عينه .. كان تامر ملقى جثته خارج الغرفة لا باب ولا منفذ للخروج ودفنه..!
لقد تذكر قول ابنه تامر : لا بد للحياة ان تستمر ,الحياة لا تأبه بأحد , الحياة لا تتوقف من اجل احد , الظالمون ماضون في ظلمهم , والمظلومون يأنون ألما ويأسا , لا شيء يتغير للافضل الكون برمته اشبه بكرة صغيرة تسبح بشكل عبثي في فضاء سرمدي مظلم ...                                د. محمد صالح رشيد

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 91 مشاهدة
نشرت فى 22 يناير 2018 بواسطة Thakeratkaree

أ. م. د. محمد صالح رشيد الحافظ

Thakeratkaree
موقع خاص يعنى بالقضايا الأدبية والثقافية العراقية والعربية والعالمية مع اهتمام ببعض التوجيهات التربوية والأكاديمية.. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,881