الطرف الثالث هو نجم 2011 بلا منازع، حيث فرض نفسه على أدق تفاصيل حياة المصريين، وصار اللاعب الرئيسى فى كل السيناريوهات والمخططات والألاعيب التى لم تتوقف منذ مارس الماضى.
كان الظهور الأول للطرف الثالث والذى يمتلك قدرة هائلة على التلون والتحور والاختباء خلف مسميات عدة فى الثامن والعشرين من يناير الماضى (جمعة الغضب) والذى استخدمه نظام مبارك لتبرير جرائمه فى قتل المتظاهرين وإشاعة الفوضى وفتح السجون وصناعة الانفلات الأمنى.
لقد جرت عملية تصنيع لهذا «الطرف الثالث» فى ورش نظام مبارك من خلال إطلاق السجناء لترويع المصريين فى محاولة يائسة لإجهاض الثورة قبل أن تكتمل وتطيح بالمخلوع وعصابته.
غير أن استخدام «الطرف الثالث» كفزاعة وشماعة لم يكن حكرا على نظام مبارك فقط، فقد ورثه المجلس العسكرى واستخدمه وفق الكتالوج ذاته فيما بعد، ليظهر فى التاسع من مارس الماضى، حين سجلت ذاكرة العام أول واقعة اقتحام خشن من الشرطة العسكرية للميدان لفض الاعتصام السلمى بالقوة، ليسقط شهيد ويصاب العشرات وتتم عملية اعتقالات واسعة، ونسمع لأول مرة عن كشوف العذرية، ويساق المدنيون إلى المحاكمات العسكرية.
 وبعد ذلك بدأت سلسلة من الضربات العنيفة للمتظاهرين كان أشرسها ما جرى فى 8 أبريل، ثم جاء مايو ويوليو ليشهدا أحداثا مشابهة، حتى كان الحضور الأبرز للطرف الثالث فى مجزرة دهس المصريين بالمدرعات أمام ماسبيرو، وهى الجريمة المسجلة بالصوت والصورة، ورغم ذلك يخرج المتحدثون باسم المجلس العسكرى ليتحدثوا عن «طرف ثالث» استهدف الجيش والشعب معا.
ومنذ ذلك التاريخ و«الطرف الثالث» شريك أساسى فى كل الجرائم التى ارتكبت فى حق الثوار والمعتصمين، ليفرض نفسه نجم الشباك فى مذبحة شارع محمد محمود يوم 19 نوفمبر الماضى، ثم يواصل تألقه على مسرح العبث السياسى فى مصر فى جريمة الاعتداء الغاشم على اعتصام مجلس الوزراء.
وللحق فقد أسدى الجنرال «طرف ثالث» خدمات جليلة لجماعة الحكم فى مصر بعد الثورة، على نحو يشعرك بأنه لو لم يكن موجودا لاخترعوه، حيث استخدم كملاذ آمن للتهرب من جرائم واضحة وضوح الشمس، حتى بات عنصرا أساسيا فى معادلة الحكم والإدارة خلال المرحلة الانتقالية، لا يمكن الاستغناء عنه، إلى الحد الذى دفع البعض لاعتباره الطرف الأول والأقوى فى حكم البلاد الآن.
ولم تقف شهرة «الطرف الثالث» عند حدود المحلية، بل فرض نفسه نجما على المستوى الإقليمى والدولى، حتى إن صفحة «بوليتيكال آلش» على فيس بوك تحدثت عن أن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية وضعته فى صدارة قائمة الشخصيات الأكثر تأثيرا فى الوطن العربى خلال 2011.
وإلى أن يقضى الله أمرا سيظل «الطرف الثالث» محتفظا بمكانته فى مصر، وربما نسمع قريبا أنه وراء المداهمات المخجلة التى نفذتها قوات الجيش والأجهزة الأمنية لمقار المنظمات العاملة فى مجال الحريات وحقوق الإنسان، ولم لا وهو يمتلك كل هذه القدرة على التحول والتحور والتلون؟.
اللهم ارزقنا سنة جديدة بدون طرف ثالث ولا لهو خفى.

 

المصدر: الشروق / بقلم : وائل قنديل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 470 مشاهدة

ساحة النقاش

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

761,311

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته