خسارة
خسارة.. لم يكن كثيرون يتوقعون هذا التدهور المتسارع فى أداء حكومة شرف.
كيف وقع شرف فى خطأ حسنى مبارك القاتل؟
مبارك كان بطيئا جدا، وكانت استجابته أكثر بطئا، وفى كل مرة كان يستجيب لمطالب الثوار كان الوقت يكون قد مر، وارتفع سقف المطالب، وانتهى الأمر بتنحيه.
اعتقدت أن أى سياسى مهما بلغ تجمده وبطئه لن يكرر هذا الخطأ قبل مرور عشر سنوات على الأقل.
كنت فى ميدان التحرير طوال مساء السبت وأتيح لى أن أشهد بدايات رد الفعل على كلمة شرف المسجلة تليفزيوينا.
المحزن أن كثيرا من الناس استقبلوها بنفس طريقة استقبالهم لكلمات مبارك «اياها». ربما كان الفارق الوحيد هو أن بعضهم لايزال يحترم شرف، ويراه طيبا ومغلوبا على أمره. لكن الدول ــ خصوصا فى أثناء الثورات ــ لا تدار بالنوايا الطيبة والاحترام فقط.
النتيحة التى انتهى إليها الأمر مساء السبت بعد كلمة شرف كانت كارثية، وربما ستكون نقطة تحول فى مسار حكومته بل ومستقبلها.
كارثية النتيجة كانت فى الشكل والمضمون.. الشكل من تكرار واستنساخ طريقة مبارك فى التعامل مع المتظاهرين الذين يفترض أن شرف جاء بشرعيتهم. وفى المضمون من طريقة «الاستجابة بالقطارة» لمطالب المتظاهرين.
ما معنى أن يظل الناس يطالبون بوقف الضباط المتهمين بقتل الثوار عن العمل طوال شهور والحكومة «ودن من طين وأخرى من عجين»، ثم تطلق سراحهم، وفجأة عندما يعتصم الناس فى التحرير لا تكتفى فقط بوقفهم عن العمل بل بفصلهم وإنهاء خدماتهم.. وربما بطريقة غير قانونية يمكن نقضها بالقضاء؟!.
ثم ما معنى أن يظل الناس يتحدثون عن ضرورة الإسراع فى محاكمات الفاسدين والقتلة، لكن الحكومة تترك القضاة يذهبون إلى المصايف، وبعدها ونتيجة الضغط يتم انشاء محاكم متفرغة لهذا الأمر.. ويسأل الناس: لماذا لم يتم ذلك من قبل؟!.
ثالثا ما معنى الطلب من وزير الداخلية الإسراع بتحقيق الأمن ومراعاة كرامة المواطن.. هل هذا أمر مستجد ولماذا الآن، ولماذا لم يتم ذلك منذ بداية الانفلات والغياب الأمنى والبلطجة.. هل كان هناك قرار بإباحة البلطجة قبل القرار؟!.
رابعا: ما معنى اللجنة الوزارية لتلبية مطالب الشعب فى الأجور والمعاشات والعلاج والإسكان والتوظيف.. وهل سيصدق عاقل أن لجنة يتم تشكيلها فى لحظة توتر وضغط تحل مشاكل تحتاج إلى خطة ورؤية وميزانية وسنوات؟!.
مرة أخرى.. حكومة شرف والمجلس الأعلى خسرا كثيرا فى الأيام الأخيرة.. والخسارة الأعلى هى ثقة غالبية الناس.
هل تصوروا مثلا أن مجرد سجن العادلى وترك مبارك فى المستشفى حتى يقضى الله امرا كان مفعولا وحبس عشرات الضباط بطريقة تمثيلية سيحل المشكلة وينسى الناس أن هناك ثورة.
الثورة ليست سجن مبارك أو حتى إعدام العادلى.. الثورة برنامج ورؤية وأمل للغد.. الناس يسألون إذا كانت الحكومة غير قادرة على التعامل مع بضعة ضباط وبعض البلطجية فكيف ستقود أمة أنجزت واحدة من أعظم الثورات الإنسانية؟!.
ساحة النقاش