تعددت المنصات والتحرير واحد             

ساورنى بعض القلق عندما وجدت خطبتين للجمعة عبر منصتين مختلفتين فى ميدان التحرير أمس، وتمنيت لو أن الخطيب واحد والكلام واحد والدعاء واحد، غير ان القلق تبدد مع توحيد الإمام فى الصلاة، وما زأرت به الجموع فور انتهاء الصلاة بشعار «إيد واحدة».

وكان رائعا أن الهدف بدا واحدا فى مليونية الأمس على الرغم من تعدد المنصات وتفاوت الشعارات واللافتات، ومع أن بعضها استبد به الشطط أحيانا، إلا أن المشهد فى مجمله كان جميلا وفاتنا، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه هى المليونية الأولى بعد أسابيع عدة لم تتوحد فيها الجماهير تأثرا بفتنة الدستور أم الانتخابات أولا.

والحقيقة أن الانقسام أريد له أن يكون حاضرا مع الإصرار على فتنة التعديلات الدستورية التى شطرت جماهير الثورة نصفين، ولذا تصبح مليونية الأمس واحدة من اللحظات الفارقة فى مسيرة ثورة المصريين، إذ استعاد الميدان كثيرا من ألق وبهاء بواكير الثورة، وتراصت الصفوف والتحمت الإرادات وتعانقت الأحلام مجددا فى محاولة استنقاد ثورة استبدت بها رياح التباطؤ والتواطؤ والتلعثم وانعدام الرؤية واختفاء القدرة على المبادأة والمبادرة.

إن الجماهير التى ثارت من أجل التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، منحت ثقتها للمجلس العسكرى ولحكومة عصام شرف وتحملت حالة الانفلات الأمنى المتعمدة، وأودعت طموحاتها وأحلامها لدى من يديرون البلد ويحكمونها على مدار خمسة أشهر، وحين تبين أن الأداء لم يكن على قدر الأحلام والتطلعات، وأن المردود لم يكن بمستوى الثمن المدفوع فى إنجاح هذه الثورة (نحو ألف شهيد وآلاف الجرحى والمصابين) كان لابد أن تنعقد الجمعية العمومية للشعب المصرى لكى تضع الذين منحتهم ثقتها أمام مسئولياتهم، بعد أن كشفت الأيام والشهور أن أكثر الرابحين من حالة التواطؤ والارتباك هم فلول القوى المضادة للثورة الذين استفادوا من حالة الرخاوة والاسترخاء فى تنظيم صفوفهم و«تستيف أوراقهم» حتى بدت الثورة برمتها مهددة بأخطار جسام.

ومن ثم كان من الطبيعى أن يعتصم الشعب بميدانه ووحدته واصطفافه مرة أخرى ضد عبث المحاكمات ومهرجان البراءات لمن فسدوا وأفسدوا على مدار سنوات، والأهم من كل ذلك حالة الاستخفاف القاتلة بقضية الشهداء والمصابين ما جعل قطاعات كثيرة من الجماهير تستشعر نوعا من الاستهانة بمشاعرها والاستفزاز لكل عناصر القلق والخوف بداخلها.

ولعل ما جرى بالأمس يكون فرصة لإعادة ضبط المصطلحات وتعريف الأشياء بمعانيها الحقيقية، وإعادة الاعتبار لكلمة «ثورة» بما تشتمل عليه من معانى التطهير والتغيير الكامل، بما يستجيب لمطالب الملايين التى خرجت فى يناير وفبراير حاملة أرواحها على أكفها من أجل الحلم الجمعى بمصر جديدة ونظيفة وعادلة.

وعلى الجميع أن يعى من الآن فصاعدا أن الشعب المصرى هو الجهة السيادية الأولى فى هذا البلد، مع كل الاحترام لكل «السياديين» الآخرين.

 

 

المصدر: الشروق المصرية / بقلم : وائل قنديل
  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 312 مشاهدة

ساحة النقاش

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

721,987

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته