حلمك يا شيخ مظهر              

«الطريق إلى جهنم مفروش أحيانا بالنوايا الطيبة»، مثل شهير ينطبق للأسف الشديد على الاقتراح أو الفكرة التى طرحها الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم والداعية إلى جعل منطقة ميدان التحرير منطقة خضراء تخلو من رجال الشرطة المسلحين والاستعاضة عنهم بأعضاء أو أفراد من اللجان الشعبية.

تعبير «المنطقة الخضراء» مرتبط فى الأذهان بتلك البقعة التى أنشأها الاحتلال الأمريكى فى بغداد عقب غزوه للعراق الشقيق عام 2003. هى منطقة كان يقيم فيها قادة الاحتلال وكبار عملائه إضافة إلى السفارات والوزارات والهيئات التى كان يخشى من تعرضها لهجمات المقاومة العراقية

هذا عن الشكل، وفى المضمون فإن هذا الاقتراح الذى يبدو مغرقا فى المثالية يكرس حالة القطيعة التى يريدها البعض دائمة بين الشعب والشرطة.

نحن نحتاج بشدة إلى ردم الهوة والفجوة النفسية بين الطرفين، ونحتاج إلى أن تعود الشرطة بأسرع وقت ممكن كى تمارس دورها فى حماية الوطن والمواطنين.

الطبيعى أن تكون الشرطة مسلحة فهى بحكم القانون المؤسسة الوحيدة إضافة إلى الجيش المخولة باحتكار استخدام العنف الرسمى. أى ينبغى عليها أن تستخدم العنف فى أوضاع معينة كى تحمى النظام وتحفظ الأمن.

وغنى عن القول أن استخدام هذا العنف يتم فى إطار القانون فقط، ومن دون وجود سلاح مع الشرطة فإن هيبتها تضيع.

مشكلتنا الآن ليست هى سلاح الشرطة بل إن هذا السلاح معطل بفعل فاعل عن حفظ الأمن ومواجهة البلطجة والخروج على القانون.

أى دعوة ينبغى أن تركز على ضرورة عودة الشرطة إلى ممارسة دورها بكل كفاءة وقوة وحسم وردع فى إطار القانون، وبالتالى فإن أى دعوة تخرج عن هذا الإطار هى للأسف رغم كل حسن النية تساهم فى تدمير هذا البلد وليس إعماره.

وبمناسبة العراق والمنطقة الخضراء فإن أسوأ شىء فعله الاحتلال وممثله فى بداية الغزو المجرم بول بريمر هى أنه قام بحل الجيش ومعظم جهاز الشرطة بحجة أنه كان ينتمى لحزب البعث

وكانت النتيجة هى أن هذا القرار كان ومايزال السبب الجوهرى وراء الانفلات الأمنى الشامل الذى يعيشه العراق منذ عام 2003 وحتى هذه اللحظة.

ومع كل التقدير والإعزاز لدور اللجان الشعبية خلال أيام الثورة الأولى فى أثناء غياب الأمن. فإنها لم تكن ولن تكون بديلا عن الشرطة النظامية. ومن دون قانون يحكم هذة اللجان فسوف تتحول إلى عصابات ترهب الجميع. أى دور مستمر لهذه اللجان يعنى تحولها إلى شرطة رسمية التى نملك منها الكثير.

كثير من الناس يخلط للأسف الشديد بين الدور القمعى الذى مارسه قادة الداخلية أثناء حكم مبارك لخدمة نظامه وبين الدور الذى ينبغى أن تلعبه الوزارة فى المستقبل بأن نعيدها خادمة للشعب كما يقول شعارها.

الشرطة ليست عدوا للشعب ولا ينبغى أن تكون. ودورها السابق ينبغى أن يكون جرس إنذار نقرعه كل لحظة حتى لا تعود إليه مرة أخرى.

يا شيخ مظهر نواياك طيبة لكن اقتراحك إذا كتب له النجاح لا قدر الله يزيد الفجوة بين الشعب والشرطة ونظن أنك لم تكن تقصد ذلك بالمرة.

 

 

 

المصدر: الشروق المصرية / بقلم : عماد الدين حسين

التحميلات المرفقة

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 236 مشاهدة

ساحة النقاش

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

761,506

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته