مقال للشيخ محمد العوضي أطال الله عمره
قبل عشر سنوات تقريباً سألني سفير الكويت حالياً في اليونان ابراهيم المنصور ، سألني في جدة يوم ان كان قنصلا فيها قال هل يجوز أن يتحدث الإنسان بما شاهده داخل الكعبة ؟ قلت أكيد تشرفت بالدخول فيها ؟ قال نعم لقد أكرمني الله بدخولها فقال لي أحد الداخلين إياك أن تتحدث بما رأيت وأجعله سراً بينك وبين ربك ؟ قلت له يا ابا عبدالله ليس في ديننا أسرار ولا يوجد دليل على تحريم الحديث عن ما يشاهدة الانسان داخل الكعبة وتاريخ المسلمين ينقض هذا الكلام .
كل من شاهدتهم من أهل بلدي ومعارف يفي الحرم أو في الفندق أو في الطائرة أو في المطار أو في الكويت سؤالهم الأول خبرنا ماذا يوجد داخل الكعبة ؟
مازلت منذ الأربعاء الماضي إلى ساعة كتابة هذا المقال وأنا أعيس تلك الأجواء الطاهرة ، كنا على باب الكعبة الكتف بالكتف ونحن نعلم أن مكوثنا في الكعبة لدقائق معدودة ، فالتركيز متوجه على أخذ موقع داخل الكعبة ثم الصلاة والدعاء والتضرع إلى المولى عزوجل ، وأذن لنا بالدخول وصعدنا الدرج ، دخلت فأخذت الزاوية على اليمين وتناثر الزائرون في الكعبة يصلون ويبتهلون ، الضوء خافت حيث ليس في الكعبة أضواء كهربائية وإنما النور الداخل من الباب هو الذي زاد الجو رواحية فكأنك في مطلع الفجر لا أحد يريد أن يترك موقعه وأخرون ينتظرون دورهم ، فنادى سادن الكعبة على الزائرين يا جماعة ، السنة ركعتان بارك الله فيكم وأفسحوا المجال لاخوانكم في الخارج ، علمت بعد ذلك أن الزاوية الرخامية التي كانت عن يميني هي البا الداخلي الذي يؤدي إلى سطح الكعبة صليت ثم التفت ورائي وإذا بالأخ مزيد العازمي نائب القنصل وكان القنصل جمال الغانم في الجهة الأخرى ، ونحن نتبادل السلام والتباريك شعرت بنفس الأجواء التي نعيشها بعد صلاة العيد .
مفاتيح الكعبة
رايت البخور يتصاعد من المباخر الصمطفة على عتبة صغيرة في وسط الكعبة ويجوارها رجل كبير السن يلبس مشلحاً ويجلس على كرسي والناس تسلم عليه ، وإذا به عبدالعزيز الشيبي حامل مفاتيح الكعبة فتذكرت يوم أن دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً ، نادي عثمان بن طلحة فدعا له وقال له هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء ، خذوها خالدة تالدة ، لا ينزعها منكم إلا ظالم ، وها هي إلى اليوم في أيديهم وهم من بني شيبة .
غابت الرؤية
أخذت قطعة من القماش الأبيض وهويت على الأرض أمسح وأنظف ما هو نظيف وهي عملية رمزية ليتشرف الانسان بخدمة البيت العتيق ، حيث جرت المراسم بعد الانتهاء الضيوف من الزيارة ، يتشرف أمير مكة عبدالمجيد بن عبدالعزيز بغسل الكعبة من الداخل بماء زمزم 25 غالونا مخلوطاً بماء الورد ومعه كيلو بخور عود ... لا أحد يريد الخروج وهذا خلاف الأدب والواقع والضيوف في الانتظار ، وذهبنا مع الدكتور طارق السويدان وولديه محمد ومهند وبصبتنا الأخ المكرم كامل جمعة من الامارة مرافقاً وفي الفندق تناولنا الافطار مع القنصل ونائبه ، وجاء السؤال من أنفسنا ومن الناس ماذا شاهدتم داخل الكعبة ؟ كان السؤال مفاجئاً لي حيث لا أذكر أنني رفعت بصري إلى سقف الكعبة ولا إلى أعالي جدرانها ، كيف غابت الرية ؟ وكيف ضاعت فرصة العمر ؟ وماذا أجيب المحبين العاشقين لبيت الله ؟ وكيف فاتني أن أمتع بصري بهذا الطهر والشرف ؟ صدق قاضي مكة الأسبق الشيخ محمد الرفاعي عندما قلت له بالمساء تصدق يا شيخ أنني لا أذكر شيئا داخل الكعبة ؟ فقال : لست أنت أول من يقول ذلك ، كل الذي دخلوا أول مرة أخذهم هو الموقع فوقعوا في الذهول وغابت الرية لانشغال الانسان بذنوبه وتقصيره ، وتوجه قله إلى رحمة رب الكعبة أكثر من الكعبة .
أعمدة ومعلقات
وأخذنا نتبادل المعلومات في كل عزيمة ومجلس ونسأل ونتساءل ماذا رأيتم ؟ الدكتور السويدان مثلي لم يدقق ، ولداه محمد ومهند يقولان في الكعبة عمودان قاعدتهما من ذهب وخشبهما من العود المنقوش ، القنصل جمالا لغانم يقول ثلاثة أعمدة ونائبه مزيد متردد وكامل جمعة يقول ثلاثة أعمدة وفي وفي كل مجلس خلاف عمودان أم ثلاثة ، إلى أن تأكدت أمس أنهما عمودان عبر مكالمة هاتفية للمزيل كامل جمعة ويبدو أن الزاوية التي فيها باب سطح الكعبة أوقعتنا في الشك ، وفي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانت الأعمدة ستة .
سقف الكعبة
بين العمودين سلسلة معلق فيها تحف نحاسية أو ذهبية تراثية قديمة نادرة وجملة فاتني مشاهدتها وقالوا : سقف الكعبة قماش أخضر يمتد إلى مترين أو ثلاثة على الجدران من أعلى ثم بعد ذلك يأتي الرخام إلى الأرض ولون الرخام أبيض يتخلله فواصل لونها فستقي ليس في الكعبة أكثر من ذلك سالت البارحة المدير الاقليمي لقناة إم بي سي لماذا لا يتم تصوير داخل الكعبة قال : ممنوع على كل وسائل الاعلام وفعلاً هيبتها في غموضها وتطلع القلوب إليها ولكن ادخال السرور على الناس برؤيتها أمر مطلوب ، في المقال الا×ير سنتكلم عن عبدالجبار الباكستاني وستارة الكعبة وكرم وأخلاق وكيل الامارة .
محمد العوضي
أدعوا الله أن يزيدكم أيمانا وثباتا بإذن الله
أخوكم المحب هشام
ساحة النقاش