06-29-2009 08:36 PM

 

 



 0 ونظرية التدخل في الأزمات هي : \" مجموعة من المفاهيم المتعلقة بردود أفعال الأشخاص عندما يواجهون بتجارب غير مألوفة \" ، قد تكون هذه التجارب علي هيئة كوارث طبيعية أو فقدان معني ما أو تغييرات فى البناء الاجتماعي أو تغييرات في دورة الحياة ونظرا لأن مفاهيم نظرية الأزمة قابلة للتطبيق على الفرد وعلى الأسرة أيضا ، وربما - مع بعض التعديل - على الأنساق الاجتماعية الأكبر كذلك ، فقد قامت العديد من البحوث بدراسة تغير حياة الأسرة تحت تأثير الأزمة ، ونظرا لأن المفاهيم الخاصة بالبناء الأسرى وتفاعله وأدائه الوظيفي ، لها صلة وثيقة مباشرة بالتعامل مع وحدة الأسرة التي في موقف الأزمة ، فان نظرية الدور لها مكان مهم في نظرية الأزمة فيما يتعلق بتحليل أدوار الأسرة ، وطالما أن العجز في الأداء الوظيفي للدور الاجتماعي يكون عادة نتيجة من نتائج الأزمة 0 كما أن مفهوم انتقال الدور وتعاقب تغير الأدوار طوال دورة حياة الفرد يعتبر أحد أبعاد الضغوط التي تعجل بحدوث الأزمة عند الفرد أو الأسرة ، وقد استفادت نظرية الأزمة من نظرية الدور فى هذه المفاهيم واستخدامها 0

وقد جاء مفهوم التدخل في الأزمات استجابة لحاجة الجماعات للمساعدات خلال فترات التغيير المفاجئ والعنيف من وضع حياتي إلى وضع حياتي أخر ، ومن بين هذه الأوضاع الحياتية كالكوارث الاجتماعية والهجرة والتقاعد ، والأزمات الناشئة عن التطور ، كتلك التي تنشأ عن مراحل تطور معينة 0

وقد قدمت قولن في عام 1978م تصورا لنظرية التدخل في الأزمات والذي حددت فيه أهم فروض النظرية ، وفقا لما يلي :

<!--أن أي شخص أو جماعة أو منظمة يتعرضون لأزمات خلال حياتهم 0

<!--  أن الأحداث الخطرة التي يمر بها الإنسان تمثل المشكلات الأساسية التي تمهد لحدوث الأزمة.

<!--  أن الأحداث الخطرة يمكن التنبؤ بها أو توقعها (كمرحلة المراهقة والزواج والانتقال للتقاعد) كما أن هناك أحداثا غير متوقعة ( كالموت والطلاق والكوارث البيئية والمرض )

<!-- أن حالة المعاناة من هذه الأحداث تتضح عندما يفتقد ضحاياها ، أشياء معينة منها: أ)- فقدان التوازن في قدرتهم على معالجة الأزمات التي تصيبهم 0 ب)- تبذل الجهود لاعادة التوازن ولكن الفشل فيها قد يترتب عليه توترات وضغوط نفسية مع كل حالة فشل ، كما أن تراكم حالات الفشل قد يضاعف من حالات التوتر مما قد يساعد في زيادة اشتعال الأزمة .

<!--مظاهرة الأزمة أو أعراضها ، قد توحي إلى الباحث الاجتماعي بأنها الأزمة الحقيقية ، بينما هي أعراض لأزمة أخري أساسية ، وبالتالي يجب البحث عن الأزمة الحقيقية وليس عن أعراضها.

<!--أن النجاح في التغلب على الأزمة في الماضي يساعد على التغلب عليها في المستقبل بينما عدم النجاح في حل الأزمات في الماضي يؤدي إلى المزيد من الوقوع في الأزمات مستقبلا

<!-- الأشخاص الذين يواجهون أزمات هم أكثر انفتاحا لتقبل المساعدة من الذين لا يواجهون مثل هذه الأزمات.

<!--أن التدخل في وقت حدوث الأزمة أكثر نجاحا من أي وقت أخر

<!--أن الوقوع في الأزمات والتغلب عليها ، يتعلم منها الناس طرقا جديدة لحل المشكلات بصورة أكثر فعالية ، كما يحسن من مقدراتهم على التوافق مع الأزمات مستقبلا

 ثانيا : مفهوم الأزمة :

تعرف الأزمة في معجم العلوم الاجتماعية : \" أنها توقف الحوادث المنتظمة والمتوقعة واضطراب العادات والعرف مما يستلزم التغيير السريع ، لاعادة التوازن ولتكوين عادات جديدة أكثر ملائمة \" . كما تعرف الأزمة بأنها :

 \" اضطراب عاطفي حاد يؤثر في قدرة الفرد على التصدي عاطفيا أو معرفيا أو سلوكيا ، ويؤثر كذلك في قدرته على حل مشاكله بالوسائل العادية لحل المشكلة ، والأزمة ليست مرضا عاطفيا أو عقليا. ويوضح لنا هذا التعريف أن الشخص الذي يكون في موقف الأزمة يعاني من اضطراب عاطفي ، ويعجز عن حل مشكلات الحياة بالطرق العادية لحل المشكلة فالحياة الصحية السعيدة تتطلب أن يكون الشخص قادرا على حل مشكلاته بفعالية ، وأن تتوفر له الحاجات الإنسانية الأساسية التي تحقق له الصحة النفسية والجسدية الجيدة ، ومسانده الأصدقاء والأسرة والأقارب والإحساس بهويته وبالانتماء للمجتمع وتراثه الثقافي .ومعاناة الشخص من أزمة تكون نتيجة لفقدان مفاجئ للمساندة النفسية وغيرها من المساندات الأخرى ، حيث يفقد - أو يخشى أن يفقد - أحد أو بعض الحاجات الأساسية السابق الإشارة إليها

0 ففقدان إنسان عزيز (أب ، أم ، أخ ، أخت ، صديق 000 الخ) في حادث سيارة أو بسبب نوبة قلبية ، أو بسبب الموت أو الأسر في الحرب ، وما إلى ذلك ، وقد تسبب للشخص صدمة وتجعله يشعر بالضياع أو العجز عما يجب عليه عمله ، فقد اختفى مصدر المساندة والراحة التي كان يوفرها له الشخص المفقود دون سابق إنذار ودون أن يترك له الوقت الكافي للتوافق والتغيير

0 وقد تحدث صدمة مشابهة في حالات الاستجابة لانتحار صديق ، أو الإصابة بمرض مميت مثل الإيدز ، أو إجراء عملية جراحيه مثل استئصال الثدي التي تشوه صدر المرأة ، فالشخص المصاب بالإيدز - على سبيل المثال - لم يفقد فقط صحته واحتمال موته بعد وقت قصير ، ولكنه قد يواجه بهجر أسرته وأصدقائه وبازدراء من يمكنهم مساعدته 0

 كما يمكن للشخص أيضا أن يقع في أزمة بسبب وجود تهديد بفقدان شيء يعتبره مهما وأساسيا في حياته ومن الأمثلة الشائعة على هذا النوع تهديد الرجل لزوجته بالطلاق أو العكس، وتهديد العمل له بالتقاعد . ومما سبق يمكن القول أن الأزمة تحدث لبعض الأشخاص عندما يواجهون حادثا نفسيا اجتماعيا يمثل بالنسبة لهم تحديا معينا ، فالأزمة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص تمثل دعوة لفعل جديد لا يستطيعون مواجهته بمواردهم الحالية ، فالفرد يسعى دائما إلى المحافظة على حالة من التوازن من خلال سلسلة من الجهود التكيفية ، تسعي أنشطة حل المشكلة من خلالها إلى إشباع الحاجات الأساسية للفرد ، فطوال دورة حياة الإنسان تحدث العديد من المواقف التي تؤدي إلى اضطراب التوازن أو انعدامه ورغم أن الفرد يكون له ميكانيزمات التكيف أو التوازن المناسبة ، فان الأنشطة العادية لحل المشكلة لا تصلح لمهمة استعادة التوازن بسرعة عندما يكون الفرد في حالة أزمة كما أن الأحداث الخطرة أو العوامل الضاغطة التي تعجل بحدوث الأزمة ، تتطلب من الفرد التوصل إلى حل جديد على خبرات حياة السابقة وعلى ذخيرته العادية من ميكانيزمات حل المشكلة 0

وبناء علي ما سبق فإن هناك ثلاثة عوامل تنتج الأزمة وهي :-

 1)- حدث أو سلسلة من الأحداث الخطرة تفرض على الفرد نوعا من التهديد 0 2)- تهديد للحاجات الأساسية الحالية أو الماضية التي ترتبط بشكل رمزي بالتهديدات المبكرة التي تنتج عنها اضطراب أو صراع 0

 3)- عجز الفرد عن استخدام ميكانيزمات التصدي للأزمة 0 لذلك يمكن النظر إلى الأزمة والمشاعر التي تصاحبها علي أنها :

 

 أ - تهديد: وقد يكون موجها نحو الحاجات الأساسية للفرد أو نحو إحساسه بالتكامل أو الاستقلال 0

وفي هذه الحالة ترتبط بقدر كبير من الشعور بالقلق

0 ب - فقدان: وقد يكون فقدان لشخص ، أو خبره لحرمان شديد وفي هذه الحالة يصاحبها شعور بالاكتئاب والحزن 0

ج - تحدي: وقد يكون من أجل المحافظة والبقاء ، أو النمو ، أو السيادة أو التعبير عن الذات ، وفي هذه الحالة يصاحبها بعض القلق ولكنها تحمل معها مقوما مهما للأمل وتحرير الطاقة من أجل حل المشكلة وتحقيق السيادة 0

وترتكز نظرية الأزمة على قيم أساسية هي : 1

 - أن الأشخاص الذين يكونون في مواقف الأزمات أشخاص طبيعيون أساسا حتى ولو كانوا على درجة عالية من التوتر والقلق 0

فعلي الرغم من أن الأشخاص الذين يعانون من الضيق أو الاضطراب الحاد أو يمرون بأزمة ، قد يكون لديهم اضطراب عاطفي أو عقلي قبل حدوث الأزمة أو ترتب على حل الأزمة نتائج سلبية تؤدي لمثل هذه الاضطرابات ، فان ذلك لا يعني أن الشخص الذي في موقف الأزمة مصاب بالضرورة باضطراب عاطفي 0 لذلك فان من المهم أن نميز بين الأزمة وبين الأشكال المختلفة من الأمراض العاطفية والعقلية حتى لا توحي الإشارة \" بعلاج\" الأزمة بأن الأشخاص الذين في مواقف الأزمات يدخلون في عداد \"المرضي\"

0 2 - أن الأشخاص الذين يكونون في مواقف الأزمات لديهم القدرة والرغبة في مساعدة أنفسهم ، وأن هذه القدرة والرغبة قد ينتابها قدر متفاوت من الضعف ، وأن قدرتهم على تحقيق النمو من خلال هذه الأزمة يمكن أن تدعم عن طريق الحصول على مساعدة مؤقتة من جانب الأسرة والأصدقاء والجيران وأحيانا من جانب بعض الأخصائيين المؤهلين للتدخل في مواقف الأزمات. كما أن الفشل في الحصول على هذه المساعدة قد يعوق النمو ويؤدي إلى نتائج سلبية للأزمة تأخذ أشكالا مختلفة مثل إيذاء النفس أو الاعتداء على الآخرين وغيرها من أنواع السلوك السلبي الضار ، إن رغبة الشخص القوية في تقرير مصيره وتحقيق النمو بالإضافة إلى المساعدة التي يحصل عليها من الآخرين ، يؤثران عادة على توجيه نتائج الأزمة نحو الاتجاه السليم 0

وعدم الاعتراف بأن الأشخاص الذين يكونون في مواقف الأزمات لديهم القدرة والرغبة في مساعدة أنفسهم قد يحول دون الوصول إلى نتائج إيجابية للأزمة فتشجيع الشخص على الإسهام النشط للسيطرة على الأزمة والوصول إلى حل ايجابي لها أمر مطلوب وبخاصة عندما يكون الخوف من فقد السيطرة على النفس والأحداث جزءا رئيسيا من خبرة الأزمة 0

 3 - يمكن أن يكون لجهود الأشخاص الذين يشتركون في التدخل في مواقف الأزمات مثل الأباء والأقارب والجيران ، والأخصائيين الاجتماعيين ، وغيرهم ، فائدة عظيمة إذا آمنوا بإمكانية النمو الكبيرة الموجودة في كل شخص ، وبأن الأزمة تحمل في ثناياها الفرصة للنمو بجانب الخطر ، لذلك فان عليهم ، إذا أرادوا أن يحققوا النجاح لتدخلهم في مواقف الأزمات ، أن يساعدوا الأشخاص في تلك المواقف على أخذ فرصتهم للنمو وتجنب الخطر المتضمن في الأزمة 0 ثالثا : كيفية حدوث الأزمة :-

1)- يخضع الإنسان سواء كان فردا أو أسرة أو جماعة في مراحل عمره المختلفة لضغوط متنوعة سواء كانت هذه الضغوط داخلية أو خارجية يتأثر بها ويتفاعل معها ويحاول إزالتها أو التقليل من تأثيرها وإشباع احتياجاته ، وتحقيق التوازن وأداء مسئوليات أدواره الاجتماعية بشكل مقبول 0

2)- يؤدي ازدياد هذه الضغوط إلى أحداث اضطراب في توازن الفرد ويصحب محاولات الإنسان لاستعادة التوازن ارتفاع معدل التوتر ، وكلما زاد اختلال التوازن ارتفع معدل التوتر 0

 3)- يلجأ الإنسان إلى كل ما هو متاح لديه من مصادر وإمكانات ، ويجند كل قواه إلى أساليب جديدة لاستعادة التوازن ، فإذا فشل في استعادة التوازن فان التوتر يتصاعد إلى أن يصل إلى ما يسمى (نقطة التحول) ، حيث يعيش الإنسان مرحلة من الاضطراب واختلال التوازن ، وبذلك يدخل في مرحلة الأزمة 0 (4ينظر الفرد إلى موقف الأزمة على أنه تهديد لوجوده ولاحتياجاته الأساسية ومشاعره

5 )تؤدي معايشة الإنسان لهذا الموقف إلى مشاعر سلبية قوية تظهر في صورة اكتئاب ويأس وفقدان أمل .

6)- تضعف خلال مواقف الأزمة العمليات الدفاعية ، ويصبح الإنسان أكثر استعدادا لقبول التأثير الخارجي ، بحيث يصبح الحد الأدنى من التدخل قادرا على أحداث الحد الأقصى من التغيير 0

7)- قد تؤدي الأزمة إلى إثارة بعض المشكلات القديمة من الماضي القريب أو البعيد ، حلت أو تركت بدون حل أو تم حلها بشكل جزئي ، وعلى هذا فان موقف الأزمة يمكن أن تكون فرصة لحل هذه المشكلات 0

 وتصنف الأزمة من خلال مداخل متعددة ، فمن حيث المستوي هناك الأزمة الفردية والجماعية المجتمعية ، وهناك الأزمة المادية والأزمة المعنوية ، وصنفها كابلن ، إلى أزمة متوقعة كالإحالة للتقاعد ، والأزمة المفاجئة كالمرض المفاجئ وانهيار المنزل وصنفها جاكبسون إلى أزمة عامة وأزمة فردية 0 ويعتمد تطبيق النظرية على نوع الأزمة وقد أورد كوتوتون ثلاثة أنواع من الأزمات :-

 (أ)- الأزمة الحادة حيث تتعطل أدوات التوازن الجسدي عند الفرد وتتوقف عن العمل إلى حد يعجز معه الفرد عن التكيف مع هذه الحالة أو التغلب عليها 0 (ب)- الأزمة العادية وهي جزء من عملية النمو 0

 (ج)- الأزمة الوضعية وهي رد فعل إزاء وضع معين كالمرض أو الكارثة 0 ويمكن اعتبار الأزمة كنوع من التهديد أو الخسارة أو التحدي ، فالفرد يواجه تهديد سلامته ومتطلباته الذاتية بالقلق ، كما يواجه الخسارة أو الحرمان بالحزن والاكتئاب في حين انه يواجه التحدي بالنشاط الهادف إلى حل المشكلة وبالحيوية والتحرك 0

وهناك العديد من الخصائص التي يجب أن تتوفر في الموقف أو المشكلة حتى يمكن ، أن نطلق عليها (أزمة) ومن أهم هذه الخصائص :

1)- وجود تركيبة من القوي التي تضغط على الإنسان ، وقد تكون هذه القوي جسمية أو نفسية أو اجتماعية

2 )أن ينظر الإنسان إلى هذه القوي على أنها تشكل تهديدات لحياته ولأمنه ولأهدافه الأساسية في الحياة 0

 3)- أن يلتقي موقف الأزمة علي من يتعرضون لها مسئوليات تخرج من نطاق الإمكانات العادية المتاحة وإمكانات الأشخاص الآخرين الذين يلجأون ، إليهم في طلب المساعدة

 4)- أن يشعر الإنسان تجاه هذه الموقف باليأس والعجز وعدم القدرة على التعامل معه .

5)- يفقد الإنسان في معظم الحالات ثقته في نفسه

0 6)- قد يؤدي موقف الأزمة إلى ظهور أعراض سلوكية مرضية كفقدان العلاقات الاجتماعية والإصابة بالاكتئاب والقلق . نموذج لخطوات التدخل العلاجي مع عملاء الخدمة الاجتماعية من منظور نظرية التدخل في الأزمات 1- تقدير الموقف : وهنا يعمل الأخصائي الاجتماعي على الحصول على المعلومات الضرورية عن الحالة لتكوين صورة واضحة عن العميل في موقف الأزمة ، ولمعرفة هل هناك أزمة بالفعل ؟ أم ينظر إلى الموقف على أنه مشكلة عادية ؟ وماهي المرحلة التي وصلت إليها وما طبيعتها ؟ ومن هم المتأثرون بها ؟ ودرجة خطورتها ؟ وإلى أي مدى أصبحت ذات العميل قابلة للتأثر بها ؟. وتتمثل الأزمة هنا في دخول العميل في دور جديد مجهول بالنسبة له (دور العميل) والذي نجم عنه اضطراب في أدواره الأخرى ، نتيجة للتأثير المتبادل (بين هذه الأدوار) وكذلك التعرف على أهمية دور العمل بالنسبة للعميل (العميل) والتعرف على الجهود السابقة لمواجهة الأزمة ، من قبل العميل (العميل) ، والتعرف على التوترات والانفعالات التي صاحبتها ، ومعرفة المدعمات البيئية المتاحة التي يمكن الاستفادة منها عند التعامل مع الأزمة .

 2- تحديد الأهداف العلاجية مع العميل : وتلك هي أول خطوة تبدأ بها العملية العلاجية المباشرة ، وذلك أنه من الأهمية بمكان أن يبدأ التدخل العلاجي بتحديد واضح لأهداف العلاج ، والتي يمكن تقسيمها إلى نوعين :

 أهداف قصيرة المدى ، وأخرى بعيدة المدى .* وتدور الأهداف بشكل عام حول معاونة العميل (العميل) على اكتساب أو استرداد القدرة على القيام بأدواره المختلفة التي فقدها نتيجة للتقاعد ، وبمستوى أداء يتمشى مع القيم والمعايير المجتمعية السائدة ، تمهيداً للعمل مع العميل على إزالة المعوقات الذاتية والبيئية التي تعوق الأداءات المطلوبة . ويمكن أن يتم تحديد الأهداف العلاجية من خلال تحديد الأدوار التي يعجز العميل عن أدائها أوالأدوار المسببة للأزمات المستهدفة بالعلاج ، ويمكن تحديد الأهداف العلاجية كالتالي :-

·مساعدة العميل في التخلص من الشعور بالعزلة الاجتماعية . ·

 مساعدة العميل في تخفيف حدة التغيرات الناجمة عن فقدان دوره الوظيفي . · التعرف على عجز العميل عن أداء أدواره الاجتماعية الأخرى المتأثرة بفقدانه لدوره كعامل .

· تحسين مستوى الأداء الاجتماعي لأدوار العميل .

· شغل وقت الفراغ بطريقة سليمة .

ويستخدم الأخصائي الاجتماعي هنا عدة أساليب علاجية مثل :

الإقناع ، والتوضيح ، والتنبيه ، من أجل تزويد العميل بمعلومات جديدة أو تصحيح بعض المعلومات الخاطئة لديه ،

. 3- وضع الأولويات بين الأهداف ومتطلباتها : بعد تحديد الأهداف العلاجية ، يعمل الأخصائي الاجتماعي بمشاركة العميل على تحديد الأولويات بين تلك الأهداف ، والتي هي في الواقع أولويات بين الأهمية النسبية للأدوار المختلفة ، ويمكن للأخصائي الاجتماعي عند تحديد تلك الأولويات الاستعانة بالمحكات التالية والتي تفيد في معرفة مدى أهمية كل دور :

<!--هل اختار العميل ذلك الدور بنفسه ؟

<!--أم فرض عليه ؟ ومن فرضه عليه ؟

2. متطلبات الدور ، ونوعية الأعباء التي يفرضها على العميل .

 3. القيم والمعايير الاجتماعية المرتبطة بذلك الدور .

4. معاونة العميل على أداء أدواره الاجتماعية : لكي يقوم الأخصائي الاجتماعي بمعاونة العميل على أداء أدواره ، وفقاً للتوقعات المجتمعية السائدة فإن الأمر يتطلب منه ببعض العمليات التالية وفقاً للمتطلبات الفردية لكل حالة وهذه العمليات هي :

أ- تعديل فهم العميل لدوره ودور الأخصائي الاجتماعي في العملية العلاجية : كثيراً ما يأتي العميل إلى المؤسسات الاجتماعية ولديهم تصورات غير واقعية من أدوارهم وأدوار الأخصائيين الاجتماعيين بتلك المؤسسات ، لذلك فمن اللازم أن يناقش الأخصائي الاجتماعي مع العميل دور كل منهما في العملية العلاجية ، وأسلوب تعاونهما في العمل معاً - موضحاً له دوره المتوقع منه من خلال فترة صلته بالمؤسسة ، وكذا طبيعة بناء المقابلات المهنية معه ، من حيث أماكنها وأوقاتها وغير ذلك ، ويستخدم الأخصائي الاجتماعي هنا أساليب التوضيح والإقناع ، بحيث يدرك العميل دوره في العملية العلاجية وأهميته ويتقبل ما يطلب منه برضى واقتناع .

 ب- معاونة العميل على فهم توقعات دوره : لكل فرد في المجتمع أدوار يمارسها ، والمجتمع من خلال تعريفه لحقوق ومسئوليات الأفراد ، يتوقع أن يكون سلوك هؤلاء الأفراد طبقاً لها ، وإلا تدخل المجتمع من خلال جزاءات أو معايير لإيقاع الجزاءات المناسبة بالخارجين على تلك التوقعات ، لذلك فإن عدم فهم العميل لتوقعات دوره ، سوف يؤدي به لأن يسلك بأسلوب مخالف عما يتوقعه منه المجتمع ، مما يوقعه في كثير من المشكلات . والأسلوب العلاجي المناسب هنا كالآتي :

1. معرفة تصورات العميل عن متطلبات دوره ، وتصوره الذاتي لحقوق وواجبات ومسئوليات دوره ، وكيفية تصوره لأدائها ، وذلك وفقاً للمكانة التي يشغلها في أسرته ومجتمعه .

2. مساعدة العميل على تصحيح تصوراته غير السوية عن تلك الأدوار من خلال التوضيح والإقناع وإيراد الأمثلة والنماذج الحية الواقعية ، والقريبة من مجالات أنشطة العميل المختلفة ، هذا ويمكن للأخصائي الاجتماعي استخدام بعض العميلين الذين حققوا توافقاً مناسباً في أدوارهم (كمساعدين) لشرح خبراتهم الناجحة ، وتقديمها كنماذج لمتقاعدين لم يحققوا بعد قدراً مماثلاً من النجاح .

ج- إزالة غموض الدور :

 لعل أكثر المجتمعات معاناة من مشكلات غموض الدور ، هي المجتمعات المتحررة ، أما في المجتمع العربي الإسلامي ، فإن الأمثلة التي يعاني الفرد فيها من غموض الدور ليست كثيرة ، ويمكن للأخصائي الاجتماعي في مثل تلك المواقف ، أن يدرس التقاليد والعادات والتراث الثقافي للمجتمع ، ليجد من بينها أدواراً يمكن إبرازها والتأكيد عليها ، مادامت تتسق مع ثقافة المجتمع ، مع السعي لإقناع العملاء الأصليين ، والثانويين بها ، فبالنسبة لدور العميلين ، يمكن إيجاد أدوار أخرى مناسبة لهم خارج أسرهم ، كالحصول على العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية أو في المؤسسات المختلفة التي قد تناسب خبراتهم ، بحيث تضمن لهم شيئاً من الحركة والانتقال والاهتمامات الخارجية ، كما تشعرهم بقدر بسيط من المسؤولية يتناسب مع قدراتهم .

 د- إيجاد الدافع للعميل للقيام بأدواره الاجتماعية : ويمكن للأخصائي الاجتماعي هنا أن يعمل على تبصير العميل بالفوائد التي تعود عليه من ممارسة دوره ، وأيضاً ما قد يترتب على القيام بهذا الدور من أضرار ، كذلك عليه أن يناقش معه خبراته السابقة بشأنه ، ليتعرف على العوامل التي ارتبطت بفقدان العميل للدافع لأداء دوره ، ليعمل على علاجها حسب فردية كل حالة . هـ- إزالة صراع الدور : إذا كان السبب في مشكلة العميل يرجع إلى صراع بين أدواره المختلفة ، فإنه من الممكن العمل على حل هذا الصراع عن طريق :

<!--معاونة العميل على وضع أولويات تبين الأهمية النسبية لأدواره

<!--. إعادة توزيع وقت العميل وجهده على تلك الأدوار ، طبقاً لأهميتها النسبية .

<!--. التخلي عن الدور الأقل أهمية ، إذا استحال الاحتفاظ به في وجود الدور الآخر .

<!--العمل على إعادة توزيع بعض الأدوار ، بين العميل وأسرته . و- رفع قدرة العميل على أداء أدواره : ويستخدم الأخصائي الاجتماعي هذا الأسلوب في حالات عدم كفاية الدور عندما لا يملك العميل الإمكانات أو القدرات أو المهارات اللازمة بذلك الدور ، وهنا يكون على الأخصائي الاجتماعي أن يساعد العميل إما على :-

<!--اكتساب تلك القدرات اللازمة لأداء الدور مثل : توفير فرص التدريب للعميل الذي يحتاج إليه ، أو توفير مساعدة اقتصادية ، أو توفير العلاج عند تسبب مرضه في إعاقته من القيام بدوره ، أو مساعدته في معرفة المؤسسات التي يمكن أن يعمل به .

<!--التخلي تماماً عن هذا الدور ، إذا لم يكن بوسعه القيام به ولا توجد إمكانية لإكسابه القدرة عل ذلك ، وفي هذه الحالة يجب إتاحة الفرصة أمام العميل للقيام بدور آخر أكثر مناسبة لإمكاناته وقدراته أو زيادة كفاءته في أدوار أخرى يقوم بها فعلاً .

 ز- إحداث التكامل والتوازن بين أدوار العميل وأدوار المحيطين به : من الضروري أن يسعى الأخصائي الاجتماعي إلى تفهم دقيق ليس لأدوار العميل فحسب ولكن أيضاً لأدوار المحيطين به ، وكيفية أدائهم لها ، ولاسيما أسرة العميل وعليه أن يساعد كلاً منهم على أداء أدواره ، وبالذات تلك التي تتصل بالعميل ، لأن أداء كل فرد داخل الأسرة لأدواره يعني إشباعاً لحاجات أفراد الأسرة ، وبالتالي يؤدي إلى حدوث التوازن ، أما إذا وقع التصارع وعدم التكامل بين الأدوار داخلها فسوف يؤثر في استمرارية الأسرة ذاتها .ويمكن للأخصائي الاجتماعي استخدام برامج التوجيه والتوعية والتوضيح والإقناع والثقافة الأسرية ، للتقريب بين المفاهيم والأفكار القائمة لدى أجيال الأسرة ، بحيث يحدث الوئام بين العميل وأسرته ، ويجد في الأسرة أدواراً جديدة يرغب وبشدة في القيام بها ، ويجد التقدير من الزوجة والأبناء لما قام به من رعاية في السنوات السابقة ، وبالتالي يتحقق التماسك الأسري

 . ح-وقف وإعاقة أدوار العميل المشكلة : يمكن للأخصائي الاجتماعي أن يعيد ترتيب العوامل البيئية في حياة العميل ، بشكل من شأنه وقف أو على الأقل إعاقة قيام العميل بأدواره المشكلة ، كإيجاد عمل جديد للعميل يتفق مع إمكاناته وقدراته ، أو إعطائه مسؤوليات داخل المؤسسة ، كريادة أحد الأنشطة ، أو كتابة مذكراته وغيرها ويستخدم الأخصائي الاجتماعي هنا عدة أساليب علاجية كالتوضيح والتحويل والتدعيم .

 ط- التعامل مع الأنساق التي تعوق قيام العملاء بأدوارهم : إذا كانت الأزمة التي يعانيها منها العميل في أداء أدواره مردها إلى أسباب تتعلق ببعض الأنساق القائمة في بيئة العميل ، فهنا يكون على الأخصائي الاجتماعي أن يسعى إلى تذليل تلك الصعاب المجتمعية مثل :أن يكون العميل راغباً في العمل ، لكن لا توجد في المجتمع فرص كافية للتدريب المهني ، أو عندما يكون راغباً في التطوع ، لكن لا توجد جمعية مناسبة قريبة منه ، أو لديه مهارات في الكتابة والتأليف ويحتاج للمساعدة من المؤسسات ذات العلاقة في المجتمع ومنها (مؤسسات البحث - دور النشر – الأندية الأدبية والمكتبات – أندية العميلين الرياضية ) . والنتيجة النهائية المتوقعة عند اتباع هذا الأسلوب هي استعادة التوازن واختفاء الأزمة

 


<!--

المصدر: . :الكاتب عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2865 مشاهدة
نشرت فى 23 مايو 2014 بواسطة Socialresearch
Socialresearch
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

67,025