مصر فقيرة فى مواردها من المياه العذبة  وشعبها لا يمتلك من مصادرها إلا مياه نهر النيل وما يتسرب من مياهه إلى باطن الأرض  فالنيل يهب مصر وشعبها الحياة ولكن ننظر العجب  من سلوكيات شعب مصر مع النيل الذى يمنحه الحياة  فرغم أن  نهر النيل  يشق صحارى مصر من أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها منحة من الله  وما أضافه محمد على باشا وأسرته من رياحات وترع وقناطر لتنظيم مياه النيل وتلاه عبد الناصر بإقامة السد العالى العظيم والسادات برؤيته الحالمة لمصر وشعبها ورغم أن مصر تمتلك كل هذه الثروة المائية الوافدة إليها والعابرة لأراضيها  تحمل الخير والنماء لمصر وشعبها ويحمل عنهم أثقالهم بنهر النيل وسنتناول فى هذا المقال النيل بأوجاعه والمأمول منه لخدمة هذا الشعب  الذى أهان نيله  الذى يهبه الحياة .

النيل وفروعه : لابد أن يتعرف المصريون على نهر النيل وفروعه بجسمه الرئيسى الممتد من الجنوب عند أسوان حتي القناطر الخيرية بطول  960  كم  بذراعيه الشرقى فرع دمياط الذى يبدأ عند قناطر الدلتا وينتهى عند مدينة دمياط على البحر المتوسط فى الشمال  مخترقا محافظات الدلتا بطول 243 كم  وزراعه الغربى فرع رشيد الذى يخترق المحافظات  الغربية للدلتا ويبدأ عند القناطر الخيرية وينتهى عند مدينة رشيد المطلة على المتوسط فى الشمال بطول 237 كم هبة الله لمصر وشعبها  و لا ننسى محمد على باشا وأسرته العظيمة التى حفرت شرايين الحياة تخترق الدلتا وصحارى مصرشرق النيل وغربه فقامت هذه الأسرة العظيمة بما تمتلكه من رؤية عظيمة وحفرت  ترعة الإسماعيلية من النيل إلى بحيرة التمساح بطول  136 كم ثم تتجه إلى الشمال بفرع بورسعيد بنحو 90 كم وجنوبا بفرع السويس بطول87 كم وترعة وترعة الإبراهيمية  التى تأخذ مياهها من النيل عند أسيوط وتنتهي عند أشمنت بمحافظة بنى سيف ويبلغ طولها 267 كم وترعة بحر يوسف التى تنبع بداية من ديروط بمحافظة أسيوط مارة بمحافظة المنيا ومحافظة بني سويف ثم إلى الفيوم لتكون هي المصدر الوحيد الذي يمد الفيوم بالمياه  والرياح البحيرى وترعة النوبارية  الذى يخترق الصحراء الغربية بطول كلى 203 كم بالإضافة إلى 20 كم تصل ترعة النوبارية بميناء الدخيلة  و الرياح التوفيقى الذى يبدأمن امام القناطر الخيرية على البر الشرقى ماراً بمحافظات القليوبية إلى بنها بنها حيث يخرج منه فرع بحر موريس إلى الزقازيق ثم يتصل بترعة الساحل وفيها يكون امتداده إلى ما بعد ميت غمر ثم يتفرع فى ترعة ام سلمى وترعة البوهية والترعة المنصورية وفيها يكون امتداده ايضاً حتى يتصل عند مدينة المنصورة بالبحر الصغير الموصل للمنزلة ويتجه إلى  فارسكور الواصلة إلى ثغر دمياط ومنها إلى عزبة البرج ويصب فى البحر وطوله (192) كيلو متراً .وأنشى الرياح المنوفى فى عهد الخديوى سعيد  ثم فى عصر السادات  شرعت الدولة المصرية فى شق ترعة السلام وفروعها بطول 262 كم وتمتد الترعة بطول 87كم من مأخذها على النيل فرع دمياط وحتى قناة السويس وتخدم الترعة فى هذا المسار خمس محافظات هى  دمياط و الدقهلية و الشرقية و الإسماعيلية و بورسعيد وتعبر الترعة قناة السويس فى سحارة لتنطلق شرق قناة السويس تحمل الخير لأهلنا فى سيناء حيث تجرى مياه النيل فى ترعة الشيخ جابر الصباح  بطول 86.5كم .

التلوث :  وما يفعله شعب مصر لتلويث مياه النيل وفروعه رغم كل ما سبق من تناول النيل منحة الخالق لمصر وشعبها فلم يحسن هذا الشعب وفادة النيل  الذى يمنحه الحياة  وأخذ هذا الشعب على عاتقه تلويث مياه النيل وفروعه بهمة ونشاط  وقد جرت عادة المصريين على الاغتسال فى مياة  النيل وفروعه والترع وغسل الاوانى والخضروات وتنظيف الدواجن والماشية وكذلك يقوم البعض من شعب مصر بإلقاء الجثث والحيوانات النافقة داخل حرم النهر وفروعه وترعه وبعد تحللها تنتشر الروائح الكريهة ويزداد الأمر خطورة عندما تلقى بعض القري والمدن الصغيرة صرفها الصحى في الترع والمصارف الفرعية ولا يقتصر التلوث على المياه السطحية بل يتعداه للمياه الجوفية ومن ضمن السلوكيات الخاطئة صرف مخلفات المصانع  والمستشفيات  والورش غير المعالجة على النيل وتحويل الصرف الزراعي على مجرى النيل وما تحمله مياه الصرف الزراعي من مبيدات حشرية وبقايا الأسمدة وتزداد نسبة التلوث فى الترع كلما نقصت كميات المياة التى تجرى فيها اما فى الترع الفرعية فان اثر التلوث بها اشد خطورة مع قلة تصرفاتها وكلبما اتجهنا شمالاناحية المصب تكون الصورة أبشع وأكثر ضررا وخطورة على صحة الانسان والحيوان والنبات  هذا كله يفعله المصريون  فى نهر النيل وفروعه وترعه ليعود عليهم بالأمراض الخطيرة التى تكلفهم الكثير إقتصاديا وإجتماعيا  وصحيا وبيئيا .

التعديات : وما أكثر التعديات  بكل صورها على النيل  وفروعه وللأسف هناك تعديات من هيئات منوط بها  تنفيذ القانون وحماية النيل وهيئات حكومية  ناهيك عن تعديات الأفراد تحت  سمع وبصر  القانون وحماته  .

الملاحة النهرية : تعانى الملاحة النهرية من إهمال الدولة وأيضا الظروف السياسية التى تمر بها البلاد  حيث تحتاج الملاحة النهرية غاطس مناسب فى الطرق الملاحية  وكذلك لأمن وإستقرار كى يقبل المواطنون على التنزه والانتقال بأمان فضلاعن السياحة النيلية وماتعانيه من كساد نتيجة للعراك الداخلى بين القوى السياسية المصرية  إلى متى سيستمر هذا العراك الذى أطاح بأرزاق وآمال مالايقل عن 10 مليون كانوا يعملون فى هذا القطاع أو أنشطة مغذية  أوخدمات  لهذا النشاط الهام للإقتصاد المصرى .

النقل النهرى :  فرغم أن نهر النيل يشق مصر من جنوبها إلى أقصى شمالها بشبكة خطوط ملاحية من الدرجة الأولى والثانية  تصل إلى 3500 كيلو متر إلا أن إدارات الحكم فى مصر منذ أواخر الثمانينيات ترفض هذه المنحة المجانية التى منحها الله لشعب مصر وكذلك منحها لهم  أصحاب الرؤية المستقبلية من حكامها فترة أسرة محمد على وسار النقل النهرى وسيلة رخيصة يستخدمها المصريين حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضى وفى الوقت الذى كنا ننتظر التطوير والتحديث لهذا القطاع إلا أن إدارة حكم مصر فى تلك المرحلة وحتى اليوم ضاربة  بمصلحة مصر وشعبها عرض الحائط  فقد قررت تلك الإدارات إستخدام الإختيارت الخاطئة  فى النقل  رغم ما  تكلفه تلك الإختيارات للشعب من خسائر إقتصادية كبرى وإختيار  تلك الإدارات للنقل  البرىبالشاحنات واللوارى والسكة الحديد والتى يتم استيرادها  بالكامل وقطع غيارها  ووقود تشغيلها  من الخارج وبالعملة الصعبة الغير متوفرة  للخزانة المصرية فتلجأ الدولة للإقتراض وإثقال كاهل هذا الشعب الفقير  المريض بديون كان ممكن الإستغناء عنها أو بعضها  لو إستخدمت الدولة النقل النهرى كإختيار فى ظل نقل متعدد الوسائط بما له من مميزات من  رخص التكاليف حيث  يتم تصنيع أكثر من 70 % من والوحدات النهرية   فى مصر بأيدى مصرية وتصميم مصرى وخامات مصرية والذى يستتبعه قيام  صناعات صغيرة مغذية لهذه الصناعة  لو إتخذت الدولة قرار بإعتمادها  كأفضل  وسائل النقل  تكلفة وصديقة للبيئة  والأكثر أمان  والذى من شأنه أيضا التقليل من حوادث الطرق البرية  وإنهيارها  والذى يكلف الدولة والشعب الكثير من الإستثمارات المهدرة  ولذا  أقترح على إدارة  الدولة المصرية :

1 – تفعيل القوانين واللوائح المنظمه لإستخدامات نهر  النيل وفروعه ورياحاته وترعه  لتقليل نسبة التلوث  التى  يصنعها الشعب المصرى وتتغافل عنها الدولة  المشغوله بأمور أخرى  لا تعنى مصلحة الشعب .

2 – إعتماد النقل النهرى إستراتيجية  مستقبلية كأفضل وسيلة نقل آمنه وإقتصادية  وصديقة للبيئة ضمن منظومة نقل متعدد الوسائط وخاصة أن مصر تمتلك فعليا منظومة للنقل النهرى  لا تحتاج إلا إرادة سياسية لتفعيلها  وتطويرها مستقبليا أثناء التشغيل .  

3 -  لماذا لا يتم تهذيب مجرى الجسم الرئيسى لنهر النيل بطول 960 كيلومتر من أسوان حتى القناطر الخيرية  وإعتماد قطاع جديد للنيل  بهذا الطول  وردم المساحات الموجودة على جانبيه وإستخدامها فى الزراعة  والمنشآت السياحية  ويمكن أن تطرحها الدولة على المستشمرين بأى نظام إقتصادى  ترتئيه الدولة بما يحقق مصالح الشعب والمستثمرين  مما يسمح بإستثمار أمكانات حقيقية موجودة غير مستغلة ويخلق فرص عمل جديده  ويعمل على تقليل مساحات سطح المياه  المعرضة  لأشعة الشمس مما يقلل مئات الملايين من الأمتار المكعبة من مياه النيل والتى تضيع بالبخر و التى يمكن إستخدامها فى ظل الفقر المائى الذى تعانى منه مصر التى تستورد مياهها من خارج حدودها  .   

ونأمل أن  نجد لدى إدارة الدولة المصرية الأذن الصاغية  والإداراك الكامل لما  يعانيه نهر النيل  ونرجوا أن تكون لديها الإرادة  القوية لعلاج مشاكل النيل وحسن استخدام  مياهه  التى فيها حياة هذا الشعب .

 

وفى مقال آخر سنفصل  ما سبق إجماله كمجهود يضاف إلى مجهودات كبيرة وعظيمة يبذلها المحبين  لهذا الوطن ولهذا الشعب الذى نأمل  له جميعا  التقدم والرفعة موفورا بالصحة ومغمورا بالأمن والسلام . 

 

مهندس / أحمد حسين مجاهد

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 83 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2018 بواسطة Shiphousemisr

عدد زيارات الموقع

2,975