لابد للمدير – أى مدير – فى أى مؤسسة – أن يتعامل مع مؤسسته على اعتبار أنها مؤسسة أعمال – تهدف الى الربح – تعمل فى سوق - وتتأثر بعوامل السوق ويمكن أن تؤثر فيه أيضا – حتى لو كانت مؤسسة حكومية خدمية أو جمعية أهلية لاتهدف الى الربح أو حزب سياسي. ذلك أن كل مؤسسة فى الواقع لها أهداف ربحية وتعمل فى اطار آليات سوق ما ولكن مفهوم الأهداف الربحية وطبيعة السوق يختلف من مؤسسة الى أخرى...
فالشركات تهدف أساسا الى الربح المادى من المبيعات وزيادة شرائح السوق وتعمل فى سوق تبعا لنشاطها
والهيئات الحكومية تهدف الى الربح الاجتماعى من زيادة مؤشر رضاء الجماهير وزيادة معامل الثقة فى الأداء وتقليل البطالة وغيره من مؤشرات الربح الاجتماعى وتعمل فى سوق الخدمات الحكومية وعملائها متعددون من مواطنين وموردين وغيره
والجمعيات الأهلية – تبعا لنشاطها – تهدف الى الربح من زيادة معدل التبرعات والانفاق الخيرى وحجم المشروعات الناجحه التى تديرها وتعمل فى سوق العمل التطوعى – سوق منظمات المجتمع المدنى
والاحزاب السياسية تهدف الى الربح من زيادة عدد ونوعية الأعضاء الفاعلين فى الحزب وزيادة القاعدة الشعبية للحزب وتعمل فى سوق السياسة
اذا فكل المؤسسات لها أهداف ربحية وتعمل فى أسواق وفى ظل تفاعل مع مؤثرات خارجية وداخلية – وبالتالى يجب على المديرين فى كل مؤسسة أن تكون هذه الأهداف وفهم طبيعة الاسواق فى صلب تفكيرهم اليومى لتتحول قطاعاتهم الى الأداء الاستراتيجى وتعمل فى اتجاه انجاح التوجه الاستراتيجى لمؤسساتهم.
ولقد شاهدنا العديد من المديرين يتجاهلون – أو يتغافلون – عن مؤشرات النجاح وفهم الأسواق التى يعملون فيها وكانت النتيجة فشل مؤسساتهم فى مواجهة منافسة غير متاكفئة من مؤسسات أصغر ولكن مدرائها يعملون وفق مؤشرات الأداء الاستراتيجى.
والآن...اذا وافقنا أن كل مؤسسة لها أهداف ربحية – أو مؤشرات أداء – بالتالى يجب علينا أن نتفهم طبيعة الأسواق و المؤثرات الخارجية والتى تؤثر على أعمال مؤسساتنا ليتسنى لنا التفكير فى ادارة أعمالنا كمديرين فى ظل وتفاعلا مع هذه المؤثرات.
من المؤثرات التى ينبغى على – كل مدير – أن يكون دائم الاطلاع عليها ومتابعتها: اتجاه المهنة أو الصناعة...هذا الاتجاه مقصود به الجديد فى توجهات الصناعة التى أعمل فيها والتغيرات الناشئة فيها.
فاذا كنت مديرا فى شركة تعمل فى صناعة الخدمات السياحية...ما هى اتجهات صناعة السياحة فى ظل ثورات الربيع العربى؟
واذا كنت تعمل مديرا فى وزارة أو مؤسسة حكومية...ما هى اتجهات العمل الحكومى بعد الثورة على الفساد وبعد الاتجاه لميكنة الاعمال الحكومية؟
وان كنت مديرا فى أحد الأحزاب اسياسية...ما هو اتجاه العمل الحزبى بعد زوال القيود على العمل السياسيى وفتح الآفاق – والمنافسة الحقيقة – بين الأحزاب؟
وان كنت تعمل مديرا فى جمعية أهلية...ما هى اتجهات العمل العام فى بلدك بعد قضايا التمويل الدولى للجمعيات؟
وهكذا...
ومتابعة وفهم توجهات الصناعة تكون من خلال الاطلاع على الصحف والمجلات التخصصية للصناعة والصحف العامة والمشاركة فى أنشطة الصناعة التى تعمل فيها من خلال المشاركة فى أنشطة الغرف التجارية المحلية والأجنبية والجمعيات المهنية المتخصصة فى صناعتك وبناء شبكة علاقات مع العاملين فى تلك الصناعة وحضور المؤتمرات المحلية والدولية الخاصة بتلك الصناعة حيث تكون هناك فرص كبيرة للتعرف على اتجهات الصناعة وبناء شبكات علاقات جديدة تخلق فرصا جديدة – لك كمدير – ولشركتك – على حد سواء.
ان فهم ومتابعة توجهات المهنة أو الصناعة يشكل تغيرا محوريا فى طريقة عملك وتوقعاتك للمستقبل – لك ولشركتك – أيا كان تخصصك كمدير...وعندها تبدأ حياتك كمدير ذو تفكير استراتيجى.
فى المقال المقبل – باذن الله – نستكمل كيفية بناء العقل الاستراتيجى للمدير...على أمل اللقاء.