الجاعد
كتبها نبيل خالد سعيد خصاونة ،
الجاعد بشعره المنفوش ، وببطنه المملح كان موجودا في كل بيت كما ثغاء الحلال الذي كان يملأ حوش كل الدور في النعيمة
كنت اذهب الى اربد مع ابي الى السوق القديم كانت رائحة الدباغ تملأ المكان واتعجب منهم كيف يحتملونها بينما كان ابي يفاوض الدباغ على السعر ووقت التسليم كنت اراقبهم جيدا كيف يغسلون الجلد جيدا بالماء للتخلص من الدم المتجمد في ثناياه ، ثم ارى الدباغ يحضر مشطا غريب الشكل ، يقبض عليه باحكام ، ثم يبدا بمشط الشعر بتان ، خوفا من اقتلاعه، وبعد ان يتاكد من ان الشوك الكبير قد اختفى ، تزداد حركة مشطه حتى ، يقف الشعر مكويا ناعما
ويكون قد اجتاز اول مرحلة من مراحل التصنيع . ثم يترك ليجف بعد ان يملا جوفه بالملح الخشن مرة اخرى ويتركه تحت اشعة الشمس
وارى دباغا آخر يغرق جلودا كثيرة في وعاء واسع ، يقف برجليه ويدوس على الجواعد بقوه. يسكب الماء حتى يطغى البياض على شعر الجلد
لقد اصبح جاهزا. ولم يتبقى الا نشره على طرف حبل حتى تتولى الشمس تنشيفه من الماء ، ثم يسلم الى صاحبه بعد دفع مبلغ زهيد مقابل كل هذا الجهد
في البيت كنا نتسابق في فصل الشتاء للجلوس على الجاعد ليبعث الدفىء في اوصالنا وكم كنا نباهي ان يكون الجاعد تحت الضيف يكسو فرشته
ابي لقد رحلت ولم يعد احد يعبأ بتمليح الجاعد
وبيوت اليوم خلت من كل شيء يتعلق بالغنم واصوافها ملأناها أثاثا وغطينا جدرانها ستائر ومنعنا من فتحها خوفا من دخول الغبار المتطاير
لقد استبدلنا جواعدنا بموكيت حمل لنا عبئا من الامراض زائد