Sal-Irbid-jordan بلدة سال اربد الاردن

موقع يعنى بشؤون بلدة سال أربد معا لنرتقي ببلدتنا الحبيبة

كرشات وكراعين

 

كتبها نبيل خالد سعيد خصاونة ، 

هناك أكلات اصبحت ذكرى طواها الزمن ولفها النسيان كانت امي تطبخها في ايام كانت اكثر صفاء ونقاء من ايامنا

كانت اكلات شتوية تطبخ لانها تبعث الدفيء في الاوصال وتملاء جو الغرفة بالبخار حتى انه كان يتكثف على السقف منتظرا الاستمطار

اكلة الكرشات والكوارع والروس مع فتة الحمص كانت تحل ضيفا عزيزا على من يحبها منا في الشتاء بعد ان يحضرها ابي رحمه الله في كيس الخيش الممهور بخطه الازرق تفرغها امي بعد ان تتزنر لهذه المهمة الصعبة تدك ببور الكاز وتجلس مقرفصة وامامها مفرمة الخشب الكبيرة التي ترى على وجهها الاف من ضربات السكين حتى تغيرت معالم سطحها كنا نحاول الهرب من الروائح المنبعثة ولكن يدفعنا الفضول لرؤية معركة امي مع ما بداخل الكيس بعد تسخين الماء بتلك السخانة التي يغطي نصفها الخارجي سنا الببور تغرق الرأس بذلك الماء ثم تخرجه بسرعة لتبدأ احدى الاخوات المساعدات لتفركه بيديها وتجرده من شعره وتكرر العملية حتى يصبح الراس بدون شعر بمنظر أشبه بالكوابيس وأمد يدي لاخرج طرف لسانه وانا خائف منه وان تراني امي فتزداد عصبية وننفجر ضحكا على منظر لسانه المتدلي

أمي التي كانت تتعب من هذة الطبخة كانت تصمت ثم تتمتم منزعجة تارة وتارة مبتسمة لا ادري اهي من الماء الساخن ام صعوبة المهمة ام من تجمهرنا حول الببور لنشعر بقليل من الدفء

كان صوت الببور طاغيا على اصوات لعبنا وحركتنا ولكن كنت اتوقف عندما تزيل امي السخانة لتبدا مرحلة الشلوطة للرأس ولا اعرف كلمة غير هذه للتعبير عن تمرير الرأس فوق اللهب فيحترق الشعر العصي وينفث في الجو رائحة لم نعد نشمها ثم تجرح الفكين قليلا وتفتح الرأس بتلك السكينة التي ما زلت اذكر لون مقبضها الاحمر وحدها البراق

ثم تنتقل امي الى الجولة الثانية من المعركة والخصم هنا يبدو لينا ولكن سلاحه اصعب من الرأس انه يتسلح بروائح كريهه وتجلس امي تحت الرمانة آمرة احدنا ان يفتح الحنفية ويناولها البربيش وتدخل طرفه في تلك المصارين التي تبدأ بلفظ ما فيها من بقايا روائح حتى تتأكد انها اصبحت نظيفة ثم تقطعها وتكشطها بالسكين ثم الجولة النهائية مع الكرشة والتي تنتهي بانتصار امي الساحق عليها بعد ان تحولها الى شخاتير بيضاء ناصعة مقطعة ومجهزة لحشوها بالرز والحمص والتوابل التي تفوح رائحتها لتطغى على مشهد المعركة وتختلط رائحة الدهن والكمون والعصفر والفلفل الاسود المطحون بروائح اخرى انها رائحة امي الحنون

كنت اراقب اصابع امي وهي تنغمس بالرز المنقوع تارة ثم بالشختورة تارة اخرى بعد ان تكون طلبت مني لظم ابرة لها لتخيطها وتأخذ شكل حبات القطايف مع فارق الطعم طبعا ثم تشد عليها قليلا لتوزع الرز داخلها وتصفها في طنجرة الالمنيوم ثم تحضر الكوارع ارجل الخاروف ويديه بعد ان نظفت واصبح بيضاء وتلف عليها المصارين بطريقة تنم عن فن رهيب وتربط طرفه حتى لا ينفك اثناء الطبخ

ما ان تنتهي من ذلك حتى تدك الببور مرة اخرى معلنة للجميع ان الطبخ سيبدأ وتحكم اغلاق الطنجرة بقطعة من العجين وكانها تحولها الى طنجرة ظغط والتي لم نكن نعرفها في تلك الايام

وفي طنجرة اخرى كانت الرؤوس تغلي وشخير الببور برأسه المحمر وكأنه يعلن عن ضجره من حمل كل تلك الطناجر في يوم واحد تعلن انها استوت واصبحت جاهزة وتزل امي عنها الماء لتصنع منه فتة الحمص بعد ان أوكلت لي مهمة تقطيع خبز الفته وانا اتضجر من الاكلة ومن يأكلها

كنت انتظر الفرصة لاهرب من الغرفة حتى لا ىكل معهم فلم اكن احتمل ان اشاركهم هجومهم الشرس على صدر الالمنيوم والدخان الكثيف يتصاعد منه الى عنان السقف مشبعا الغرفة بكمية هائلة من الروائح المختلطة والتي اشم منها رائحة الزفر واكتفي باكل الحمص وانظر الى البقية كيف يلتهمون الشخاتير والايدي تمتد الى الرأس تنزع عنه الجلد واخرى تقطع منه اللسان وتنتهي الجولة باحضار ايد الهاون لكسر الرأس واخراج المخ الذي يوزع على الجميع الا انا فقد سامحتهم بحصتي

وينتهي الهجوم بانتصارهم على محتويات السدر وما فيه لتثقل الحركة وتبدأ رحلة تمني ان اعمل لهم كأس الشاي بأكبر ابريق لدينا بنكهة النعنع الاخضر وعصرة الليمون

لقد رحلت تلك الايام التي كانت فيها البطولة لامي

امي لقد كنت احب تلك الطقوس لا لاكلها ولكن لمتعة النظر اليك وانت تكدين

كم اتمنى ان تعود تلك الايام وافهم ما كنت به تتمتمين وانت تريننا فرحين

صحيح انني لم استسغ الروس والشخاتير ولكني اعلنها دائما كل طبخ امي طيب

كل شيء من عمل أمي لذيذ

Sal2012

الموقع انشئ ليكون صلة الوصل بين ابناء سال الاحباء في الداخل والخارج ومعرفة كل ماهو جديد من اخبار وصور في بلدتنا الحبيبة اتحفونا بمشاركاتكم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 554 مشاهدة
نشرت فى 5 فبراير 2012 بواسطة Sal2012

Sal2012@

Sal2012
للمساهمة بصورة عن البلدة موضوع مقالة اعلان صورة لمولود تهنئة بنجاح تخرج مولود جديد مشكله في البلد وفاة لاسمح الله يود نشرها ارسالها [email protected] ونعدكم بنشرها باسرع وقت مجانا لان الموقع انشئ ليكون صلة الوصل بين ابناء سال الاحباء في الداخل والخارج ومعرفة كل ماهو جديد من اخبار وصور في »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

134,247