الجونة وطباق القش

كتبها نبيل خالد سعيد خصاونة 

كان ياما كان في قديم الزمان قرية صغيرة على رووس الجبال مبنية ، وكان فيها ناس وهبوا حياتهم لارضهم ورووها بعرقهم ، كانت سهولها تتمايل بسنابل القمح المحنية كل ما هبت عليها نسايم جبلية ، وكان هناك ام ومعها بنت صبية، قاعدات على طرف البيدر بوقت الصبحية، واشوفهن بدورن بين اكوام القش على عيدان القصل اللي بدها تصنع منها احلى جونة وطبق وصينية

الجونة والطبق والقبعة بتسكين الباء والمهفة كلها قطع اثاث كانت امهاتنا زمان يتسابقن على صناعتها من القش والقصل ايام البيادر بعد جمع سيقان القمح بدون السنابل وتجمع على شكل ضمم تكفي لصناعة ما يحتاجه البيت من ادوات وطبعا كانن يحتفظن بكومة قش للحشوة وتجتمع نسوان الحارة بعد ما يصبغن السيقان بالوان مختلفة والشاطرة اللي تعمل الجونة أو الطبق وترسم فيها اشكال والوان مناسبة

كان حوش الدار ساحة نقع القصل بالمي والصبغات حتى يلين وما ينكسر وكل وحدة بلشانه بلون معين وما يكملن صبغ القصل والا يكونن هدهن التعب من العمل وقضب الشل وفلانة كم فرشة عندها وفلانة جوزها هاجرها وفلانة خايفة انه جوزها يتجوز عليها وفلانه رفستها البقرة وهي تحلبها وقصص ما الها اخر

اول طبق بدي اسويه كبير يسع كل العيلة على الفطور، الطبق القديم اهترى صارله ثلاث سنين واحنا بنستعمله خلص بكفي لو يعرف طريق المحكمة كان راح اشتكى علينا، واخرى تقول اني والله بدي اسوي قبعه اخلي الكل يطير عقله لما يشوف الوانها…….

ويبدأ العمل ويأخذ المخرز طريقه الى ايديهن وتبدا كل واحدة بعمل العقدة التي ستبني عليها دوائرها لتتسع تلك الدوائر مع الوقت لتشكل ذلك الطبق الجميل بعد ان تبلل بحبات العرق المتساقطة من جباههن كل قشة فيه ….

في آخر دائرة من الطبق كانت امي تصنع مثلثا صغيرا لتعليقه وتخيط قطعة قماش حتى يبقى متماسكا

…..

رحم الله امهاتنا كم كانت حياتهن صعبة

لم تكن امي تعلم ان بيتها مصنعا للفنون الجميلة

بيوتنا كانت للاصالة عنوان قبل ان تزحف علينا آفات الحضارة

الجونه والطبق كانوا للبركة عنوان

من بيدرنا كنا نطحن قمح ومن بيدرنا كنا نطعم دوابنا ومن بيدرنا كانت الجاجات تروح بالليل على خمها وحوصلتها منتلية،

هذا هو نفس البيدر الذي كانت امي تصنع منه قطع اثاث فنية تزين فيها حيطان بيوت من الطين مبنية

آخ على بيادر الخير وخصب الارض أيام زمان ما احلاها

ايها الطبق لقد هجرنا صناعتك لم يعد هناك سنابل قمح نصنعك من سيقانها فقمحنا ياتي من بلاد بعيدة