الثلاثاء 14/02/2012 م
كشف رئيس جمعية الصيادين في دبي اللواء محمد سعيد المري، أن هناك عوامل عدة تؤدي إلى إهدار الثروة السمكية في البلاد، أبرزها عدم وجود ضوابط تحكم عمليات الصيد التي تنفذها قوارب النزهة، وتصدير الأسماك من دون رقابة واضحة، على الرغم من حاجة السوق المحلية إليها.
وتفصيلاً، قال المري إن هناك حاجة متزايدة إلى تعديل قانون الصيد الحالي، لافتاً إلى أن مجلس الإدارة الذي عين في مايو الماضي، وأعيد انتخابه حديثا، عقد اجتماعات مع جمعيات الصيادين في الإمارات كافة، وطرح مقترحات لتعديل 16 مادة في القانون، ومن المتوقع إقرارها قريبا.
وأضاف أن «الإشكالية في القانون الحالي أنه لم يطرح على الصيادين، أو تعرف آراؤهم فيه، لكن هذا الوضع تغير حالياً، لأن هناك حاجة ماسة لتعديله على نحو يحقق المصلحة العامة للأطراف كافة».
وأكد المري أن «مجلس الإدارة الحالي أجرى عملية مسح شامل لجميع المشكلات التي تواجه مهنة الصيد، ورصد مظاهر غريبة وتناقضات واضحة تؤدي إلى تجريف الأسماك، وإهدار تلك الثروة، أبرزها إطلاق قوارب النزهة في البحر من دون رقابة، حتى صار عددها أضعاف قوارب الصيد على مستوى الدولة، إذ يبلغ عددها في دبي 5000 قارب نزهة مقابل 620 قارب صيد، وفي أبوظبي يصل عددها إلى نحو 7000 قارب نزهة مقابل 700 أو 800 قارب صيد».
وأشار إلى أن «المفارقة أن قوارب النزهة تستخدم في الصيد جميع الوسائل المحظورة على قوارب الصيد، لأنها لا تخضع لأيّ قوانين، على الرغم من أن جميع دول العالم تتحكم في هذه المسألة، ولا تسمح لأي قارب بالخروج من دون ضوابط تحكم ممارساته».
وتابع المري أن هناك عوامل أخرى تؤدي إلى حدوث خلل في عملية تنظيم الصيد والبيع، إذ «لا توجد إحصاءات دقيقة يمكن الاستناد عليها في وقف بيع نوع معين من الأسماك حفاظاً عليها»، لافتا إلى أن «بلدية دبي تبذل جهدا كبيرا في تنظيم عمليات البيع في الأسواق، لكن تعاونها مع الجمعية سيعطي فائدة أفضل، لأننا ندرك طبيعة الأسماك وسبل إدارة عملية بيعها».
وأضاف: «بدأنا التعاون مجددا مع البلدية لتحديد مواطن الخلل، بعدما اكتشفنا أن جميع الإحصاءات التي تطرح من جهات مختلفة حول بيع وصيد الأسماك، وهمية، والأرقام التي تنشر تدور في فلك الكلام العشوائي»، مشيرا إلى أن «هناك إمكانية لتنظيم هذه العمليات بدقة، وإخراج إحصاءات صحيحة، حتى تتضح الصورة أمامنا».
وشدد المري على ضرورة مراقبة عمليات التصدير، مؤكداً وجود «مستودعات تخزن فيها أطنان من الأسماك، بعد صيدها في شواطئ الدولة، ولا تراها الأسواق المحلية إطلاقاً».
وأوضح أن «إشكالية التصدير تكمن في أنه لا يدرّ ربحا مجديا على الدولة أو الصيادين، بل يصيب الأسواق المحلية بالشح».
وقال: «إنهم يصطادون أسماكي، ولا أرى شوكة منها»، مشيرا إلى ضرورة وجود صورة واضحة حول الأسماك التي تصدر، وإخضاع هذه العملية للرقابة، بحيث تستفيد السوق المحلية أولا.
وأكد المري أن «كمية ما يطرح في السوق تراوح بين 30 و40 طنا، فيما تصدر أضعاف هذه الكمية إلى الخارج»، مشيرا إلى أن «هناك سمكة تسمّى (الببغاء) اختفت تماما من الاسواق، على الرغم من وجودها الكثيف في مياه الدولة، لأن إحدى الدول الخليجية تطلبها بشكل كبير، ما يدفع كثيرا من الصيادين إلى تخزينها وتصديرها إلى تلك الدولة التي تطلق على هذه السمكة اسم (الحرير)، بهدف الاستفادة من ارتفاع الطلب عليها».
وشرح أن «هذه السمكة هي أحد الأمثلة التي تطرح بقوة، عندما يدور الحديث عن الكميات المفقودة من السوق»، مشيرا إلى وجود أنواع أخرى من السمك في قائمة التصدير.
وأفاد المري بأن التحكم في التصدير له فائدة أخرى مهمة، هي الرقابة على جودة الأسماك التي تصدر، والتأكد من صلاحيتها، حتى لا ينعكس الأمر بالسلب على سمعة البلاد إذا كانت فاسدة، مؤكدا أهمية أن تلعب الجمعية دورا في هذه الناحية.
كما أكد أن الدراسات والتقارير التي تتحدث عن شحّ الأسماك في دبي ليست علمية أو مستندة إلى أسس صحيحة، بل مجرد اجتهادات من أصحابها، على عكس الحال في أبوظبي «التي تتوافر فيها إحصاءات صحيحة، لأن جمعية الصيادين هناك تتحكم في كل شيء».
وأشار إلى أن هناك أنواعاً معينة من الأسماك تتعرض للشح، نظرا لإصرار الناس عليها، مثل الهامور، خصوصا في ظل عدم وجود آلية تحكم عملية صيده، لافتا إلى أن هناك أكثر من 200 نوع سمك في السوق، ويستلزم الأمر نوعا من الثقافة والتوعية في التعامل معها، لافتا إلى أن هناك إمكانية لمضاعفة مخزون الأسماك في الإمارات، إذا نظمت حركة الصيد والبيع.
وأوضح أن عملية التنظيم يجب أن تشمل وضع تسعيرة محددة للأسماك حسب الإنتاج اليومي، بحيث لا تتم عملية البيع على هوى كل بائع على حدة، مؤكدا أهمية التنظيم في البر وليس البحر فقط.
وطالب المري بإنشاء اتحاد للصيادين على مستوى الدولة، لافتا إلى أنه جلس مع جمعيات الصيادين في مختلف الإمارات، وتحدث معهم، واتفق الجميع على ضرورة إنشاء هذا الاتحاد لحماية حقوق الصيادين والمستهلكين، والحفاظ على الثروة السمكية في الدولة.
وحول الإشكالات التي تواجه عملية التوطين في المهنة التي احترفها مواطنو الدولة منذ القدم، قال رئيس جمعية الصيادين إن هذا الأمر يستلزم نظاما إدرايا وقانونيا على مستوى الدولة، ينص على ضرورة أن يكون قبطان المركب مواطنا.
وتابع أن هناك نظامين للصيد، الأول في الطرادات واللنشات الصغيرة التي تراوح رحلتها من أربع إلى خمس ساعات، وهذه يسهل توطينها، والثاني اللنشات الكبيرة التي تستغرق رحلتها من سبعة إلى ثمانية أيام، وهذه يعزف عنها المواطنون لصعوبة ترك منازلهم كل هذه الفترة، على الرغم من أنها مهنتهم الأولى.
وأكد المري ضرورة دعم الصيادين المواطنين من خلال منحهم رواتب وحوافز تشجيعية، وتحديث خبراتهم بالدورات المتخصصة حول أنسب أماكن الصيد وكمياتها وأنواعها، وسبل تحديدها بالوسائل التقنية الحديثة. كما حثّ على الاستعانة مجددا بأبناء دول مجلس التعاون الخليجي، الذين حرمهم القانون الاتحادي من الوجود بفاعلية في هذا المجال، بحيث يكون في القارب مواطن أو شخص خليجي.
وأشار إلى أن دور المواطنين تراجع في سوق السمك «الذي يسيطر عليه حاليا في دبي نحو 400 آسيوي، يشترون الكميات التي يبيعها صاحب القارب المواطن مقابل 30٪ فقط من قيمة الأسماك، فيما يحصدون هم 70٪ من القيمة»، مؤكدا أهمية وجود نظام يحكم تشغيل الوافدين، وتشجيع المواطنين على البيع والشراء، مشيرا إلى أنه «ستتم مراعاة ذلك في السوق الجديد».
وأوضح المري أن «مكرمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، للصيادين، كان لها أثر إيجابي كبير في نفوسهم، فالصياد يحتاج إلى الدعم، لكن المرسوم لم يشمل شريحة كبيرة من الصيادين، لذا نسعى إلى تعديل بعض نصوصه حتى يستفيد منه أكبر عدد منهم».
اعداد : عبير ابراهيم
ساحة النقاش