26 نوفمبر 2011
تعاني مصر والتي تعتبر نموذجاً للكثير من الدول العربية هي الأخرى من الفجوة الغذائية، ويتمثل ذلك في عدم إنتاج ما يكفي للاستهلاك، رغم ما لديها من خيرات حباها الله بها، ويرى الدكتور محمود أبوالوفا ـــ الخبير بالمنظمة العربية للتنمية الإدارية والخبير المالي والاقتصادي ـــ أن السبب في ذلك يعود لعدم وجود الرؤية أو الآليات لاستغلال تلك الثروات وسط هذه الفجوة بين حمى الاستهلاك وعجز الإنتاج.
وأشار إلى أن القمح يعد أحد أهم المشكلات التي تواجه الاقتصاد المصري، اذ وصل حجم وارداتها من هذا المحصول الإستراتيجي 10ملايين طن سنويًّا، على الرغم من وجود صحراء رملية شاسعة بمصر يمكن زراعتها بتقنيات حديثة، فالمستغل من مساحة مصر 8% فقط، ولذا يجب استنباط طرق حديثة للزراعة مثل تجربة الدكتور أحمد مستجير في معالجة بذر القمح التي طبقتها الهند فتحوّلت من أكبر مستورد للقمح عام 1996 إلى أكبر مصدر للقمح في عام2009، كما يجب توجيه الزراعة من أجل تحقيق فائق وثورة زراعية ينتج عنها ثورة حيوانية كبيرة.
وتمتلك مصر أيضاً شواطئ تصل إلى 3 آلاف كيلومترات مقسمة كالتالي 1200كيلومتر حول نهر النيل، و1300 كيلومتر حول البحر الأحمر، و500 كيلومتر حول البحر المتوسط. وهي مساحات قد ينتج عنها توفير ثورة سمكية تحقق فائضاً في الثورة الداجنة، إلا أن ذلك مرهون ـــ كما يقول أبوالوفا ـــ بآليات مثل توجيه الاستثمارات للصيد ودعمه، وكذلك عمل مدارس للصيد.
أما عن المحركات ووسائل الطاقة، فإن مصر تمتلك ثروات لسد عجز مواد الطاقة غير المتجددة، كما تمتلك أفضل بقعة في العالم لتوليد الطاقة الشمسية في الصحراء الغربية واستخدامها كبدائل ومصادر جديدة للطاقة، لكن تغيب الرؤية والإستراتجية للاستفادة من هذه الثروات. وإذا تم زيادة المنتجات الزراعية فبالإمكان إنتاج المحروقات الزراعية كمصدر للطاقة وهي تجربة مستخدمة في بعض دول العالم كالبرازيل.
ويرى خبير الاقتصاد الدولي مصطفى النشرتي، أن الاستهلاك في البلاد العربية أصبح مرضاً اقتصادياً واجتماعياً، ويقول: جميع الإحصائيات تؤكد إهدار مليارات الدولارات على السلع غير الأساسية كأطعمة الكلاب والقطط وحفلات الزفاف، موضحاً أن هذا السفه الاستهلاكي يصل إلى ضعف معدل الادخار والذي يعد مقياساً لقدرة الدول على البناء الذاتي لنهضتها وعمل فرص استثمارية جيدة، ويكفي لإثبات ذلك معرفة أن المتوسط العالمي للادخار يبلغ 21%، يرتفع في دول شرق آسيا إلى نحو 39%، بينما يصل في الصين على سبيل المثال إلى 47%، فيما لا يتخطى الــ 18% فقط في الدول العربية والتي تتمتع معظمها بثروة نفطية هائلة.
أضاف النشرتي أن ذلك البذخ يأتي في ظل بوادر أزمة غذائية عالمية مرتقبة تتزامن مع الأزمات الاقتصادية التي تطيح بالعالمين الغربي والعربي. كما يجب عمل تكامل اقتصادي زراعي بين الدول العربية لتحقيق الأمن الغذائي العربي، وذلك من خلال تطوير الاستثمار الزراعي والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمائية.
اعداد : عبير ابراهيم
ساحة النقاش