تجربة جديدة من نوعها في إطار التفكير خارج الصندوق تساهم في تغيير الواقع بمصر للأفضل ، كشف عنها طالب بكلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة ، وهي مدينة تقوم على تماسيح بحيرة ناصر بأسوان!
الفكرة هي أن كل تمساح يأكل في اليوم 20 كيلو من الأسماك .. 40 ألف تمساح عدد تماسيح البحيرة حسب آخر الإحصائيات لهيئة تنمية البحيرة ، نحو ما يقرب من المليون كيلو من أجود أنواع الأسماك كخسائر يومية تقدر بالملايين بل والمليارات على فترات زمنية متباعدة فتضيع هذه الثروات دون أن تستفيد منها الدولة.
المشروع يحل مشكلة التماسيح ويستغل الموارد من الأسماك التي ستوفر لمصر إنتاجا وفيرا من الثروة السمكية كانت تضيع هباء.. التقت « الأخبار» مع صاحب الفكرة حسام محمد فاروق محمد ٢٣ سنة من إحدى قرى مركز طوخ محافظة القليوبية والرابع على قسم التصميم العمراني بكلية التخطيط الإقليمي والعمراني بجامعة القاهرة والحاصل على تقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف..
كيف جاءت فكرة المشروع ؟
من المعلوم ان من اهم القضايا التى تشغل الرأى العام هى قضية زيادة عدد التماسيح فى بحيرة ناصر عن العدد الذى يحقق التوازن البيئى وجاءت فكرة مشروع التخرج أثناء تفقدى لبعض المواقع الاخباريه وكان هناك خبر يقول (ازدياد عدد تماسيح بحيرة ناصر الى 40 الف تمساح حسب احصائيات هيئة تنمية بحيرة ناصر) وكنت فى حاجة الى مشروع تخرج فوجدت الفكرة ملائمة وخارج اطار اختيار المشاريع فى الكلية فبحثت عن جميع دول العالم الموجود فيها تماسيح وكيفية الاستفادة منها كما فى استراليا ودول اواسط افريقيا المشهورة بالتماسيح والغابات الاستوائية.
هل ذهبت إلى أرض الموقع؟
نعم كنت هناك فى رحلة استطلاع لأرض المشروع عندما بدأت التفكير فيه وقابلت عددا من الاشخاص منهم كبار شيوخ الصيادين البدو فى يناير الماضى ورحبوا بالفكرة جدا لانها ستوفر لهم آلاف الاطنان من الاسماك يوميا بدلا من اهدارها وجبة للتماسيح وعندما رجعت قابلت د. وفاء عامر رئيس قسم النبات والميكروبيولوجى بكلية العلوم جامعة القاهرة وابدت اعجابها الشديد بالفكرة وقدمت لى ملف التماسيح الذى اعدته ادارة المحميات الطبيعية وهيئة تنمية بحيرة ناصر عن اعداد التماسيح الفعلية واطوالها واماكن ظهورها وبناء عليه تم اختيار موقع المشروع بمنطقة وادى العلاقى على بعد ٢٠٠ كيلو متر من محمية وادى العلاقى.
وكيف يمكن لنا الاستفادة المادية من المشروع؟
ملامح فكرة المشروع هى تصميم مجتمع عمرانى نوبى قائم على السياحة من خلال تماسيح بحيرة ناصر فى ضوء المعايير البيئية وجاءت الفكرة بعد الاطلاع على استخدامات التماسيح على مستوى العالم وحجم الاستثمارات التى تبلغ المليارات من الدولارات سنويا ومدى فائدة جلود التماسيح والاصداف السطحية لظهر التمساح بالاضافة الى دمائه التى تستخدم فى مستحضرات طبية وبعض الاماكن به التى تستخدم كمنشطات حيوية..حيث يمكن استغلال العدد الكبير من التماسيح فى ٣ امور اساسية.
اولا جلود التماسيح فى بعض الدول تباع بالسنتيمتر مثل اوغندا واستراليا حيث وصل حجم صادرات التجارة العالمية فيها الى ٨٦ مليار دولار طبقا لاحصائيات منظمة التجارة العالمية من هنا قصدت استغلال الموارد التى تميزت بها مصر ولا تجد الاهتمام الكافى بها فالمشكلة ليست نقص الموارد بل الإهمال فى استغلالها.
ثانيا المنشطات الحيوية والجنسية التى تستخرج من بعض اعضاء التمساح التناسلية باضافة مواد كميائية وبيعها بأعلى الاسعار كما ان بعض الدول تأكل لحوم التماسيح كالدول الافريقية ويعتبر وجبة اساسية لمواطنيها.
ما جدوى وأهمية ذلك المشروع بالنسبة لاهالى النوبة ؟
يعالج مشكلة التهجير لهم حيث انه سيكون بمثابة منطقة تراثية لاعادة توطينهم بأنشطة مختلفة خلف السد العالى مما يساهم فى حل مشكلة التكدس على الوادى والدلتا ويفتح افاقا لصيد الاسماك والصناعات القائمة عليه حيث ان الهدف الاساسى للمشروع هو انشاء مجتمع محلى نوبى يسكن به اهل النوبة فى ضوء استراتيجية الدولة لاعادتهم الى موطنهم الاساسى خلف السد العالى.. يعملون بهذه الانشطة ونوفر فرص عمل مهولة للشباب باستخدام موارد جديدة.
فى رأيك كم سيوفر من فرص العمل للشباب؟
المشروع اجماله فى تصورى على مساحة ١٢٠ فدانا يوفر فى المتوسط من ٢٠٠ الف إلى٥٠٠ الف فرصة عمل جديدة.
ما عناصر اقامة المشروع ؟
المشروع يضم منطقة الصناعات الجلدية.. منطقة المستحضرات الطبية والحيوية.. الورش اليدوية لأصداف وعظام التماسيح .. متاحف الاحياء المائية والنهرية بالاضافة الى فنادق ووحدات اقامة للسائحين بها حمامات سباحة مع التماسيح.
وما معايير الأمان فيها؟
الاحواض الزجاجية للسباحة مع التماسيح تعتبر نمطا من أنماط مايسمى بسياحة المغامرة.. ينزل السائح فى حوض من الزجاج المقوى مع التماسيح خاضع تماما لكافة النواحى الامنية للاشخاص والسلامة البيئية لهم.
ما الجدوى الاقتصادية من ذلك المشروع؟
تصميم المشروع عبارة عن محورين اساسيين يرتبط كل محور منهم ببرك التربية والعناية بالتماسيح
المحور الاول : هو المنطقة الصناعية والحرفية والتى ترتبط ببرك التربية والعناية ويبدأ بمنطقة الافران الشمسية واحواض الصيد للتماسيح ثم الى اماكن الفصل الحيوى للتماسيح ثم الى ثلاث مناطق اساسية وهى ورش الجلود والمنتجات الجلدية ومعامل المستحضرات الطبية والحيوية والورش الحرفية اليدوية لعظام واصداف سطح التماسيح.. والمحور الثانى للمشروع يبدأ ايضا بمنطقة التربية والعناية ثم الى مناطق المشاهدة للتماسيح فى بيئتهم الطبيعية وصولا الى حمامات السباحة مع التماسيح ووحدات الاقامة للسياح والزائرين ومتاحف الاحياء النهرية والمطاعم والكافيتريات على الطراز النوبى.
ما الاستفادة التى ستجنيها الدولة من صيد التماسيح؟
التماسيح تعد ثروة مهدرة وعندما يتم استثمارها بعد السيطرة عليها سيوفر ذلك آلاف الاطنان من الثروة السمكية يوميا والتى تفقد يوميا بسبب التهام التماسيح لها.. كل هذه مكاسب اقتصادية تقدر بنحو ٣٠٠ مليون دولار سنويا بخلاف الجانب السياحى الذى يحقق اضعاف اضعاف هذه القيمة شهريا. اى اننا سنستفيد من حجم الاقتصاد القائم على التماسيح ونستفيد ايضا من الاسماك التى كانت تتغذى عليها التماسيح.
وهل يسمح بصيد هذه التماسيح من قبل منظمات البيئة العالمية؟ وهل يتعارض الصيد مع اللوائح البيئية العالمية بحكم ان التماسيح من الكائنات المهددة بالانقراض؟
لا.. حيث انه يتم صيد التماسيح حاليا عشوائيا بدون اى اساليب عملية وعندما يتم اقامة المشروع سوف يقنن هذا الصيد بيئيا وبأساليب محكمة لا تؤثر على التوازن البيئى بالبحيرة بين الاسماك والتماسيح.
ماذا عن الجانب المجتمعى للمشروع؟
من ضمن التصميم منطقة الاسواق الحرفية التى تكمل المشروع وتربطه بطريق العلاقى ـ اسوان ويتم فيها بيع المنتجات التى يتم تصنيعها بالمشروع من شنط واحذية ومنتجات جلدية ومستحضرات طبية ومنشطات حيوية ومشغولات حرفية.
هل حصلت على جوائز عن المشروع ؟
نعم لقد حصلت فكرة المشروع على درجة الامتياز مع مرتبة الشرف من كلية التخطيط العمرانى والعمارة بجامعة القاهرة وكان من ضمن لجنة الاشراف على هذا المشروع الدكتور هشام البرملجى وكيل كلية التخطيط العمرانى لشئون التعليم والطلاب والدكتور احمد عبدالحميد بقسم التصميم العمرانى فى كلية التخطيط جامعة القاهرة وهو مرشح حاليا لجائزة افضل مشروع تخرج للعام الجامعى ٢٠١٦.. كما لاقى المشروع ترحاب النشطاء على مواقع التواصل المختلفة.
فى رأيك ما أبرز المعوقات التى قد تواجه مشروعك؟
لا توجد مؤسسة رسمية واضحة لاستقبال هذه الافكار وترجمتها الى واقع ملموس..تؤتى ثماره على ارض الواقع ولا تقوم بالدور المنوط بها على اكمل وجه.. كما أن كلية التخطيط تحمل العديد من الافكار التى يمكن ان تؤثر على منظومة التخطيط فى مصر.
وهل عرضته على جهة معينة؟
بصراحة لا لأننى خفت من عرضه على الوزارة فيتم اهماله وعدم الاهتمام به وفضلت نشره بوسيلة اعلامية فاتجهت لمؤسسة اخبار اليوم حتى يلاقى الاهتمام الكافى من قبل مسئولى الدولة ويتم العمل على تنفيذه.