علي الرغم من امتلاك مصر لأعظم ثروة من الحفريات الفقارية كالديناصورات والحيتان والأسماك والأحياء البحرية والبرية الأخري التي عاشت علي أرض مصر وداخل مياهها منذ عشرات الملايين من السنين إلا أن تلك الثروة المتفردة والمتميزة لم تحظ بالاهتمام العلمي الكافي من الجامعات أو الحكومة, لا من ناحية المحافظة عليها أو إنشاء مركز أو مدرسة علمية متخصصة تتولي تحفيز الباحثين علي الدراسات العليا بها. اكتمال بناء تلك المدرسة يأتي في حصول أول ثلاثة باحثين مصريين علي درجة الدكتوراه في الحفريات الفقارية, فلم يسبق أن حصل أي باحث مصري علي تلك الدرجة العلمية سوي الراحل الدكتور يوسف شوقي في خمسينيات القرن الماضي, وفي إضافة هائلة لجامعة المنصورة تحتل بها الريادة في هذا المجال سجلت باسمها أول شهادتي دكتوراه في تخصص الحفريات الفقارية بحصول الباحثين هشام سلام والذي حصل عليها من جامعة اكسفورد بانجلترا ليصبح ثاني مصري يحصل عليها من الخارج, والثانية إيناس عبد الهادي وهي ثاني باحث مصري تحصل علي الدكتوراه في هذا التخصص من الجامعات المصرية علي مر التاريخ الذي سجل باسم الباحث محمد سامح مدير إدارة الحفريات والجيولوجيا بجهاز شئون البيئة كأول مصري يحصل علي الدكتوراه في هذا التخصص النادر من جامعة الزقازيق التي سجل لها التاريخ السبق كأول جامعة مصرية تنال هذا الشرف.
وكما يقول الدكتور محمد عابد ـ أستاذ الجيولوجيا بجامعة المنصورة: مصر من أغني دول العالم ثراء بالحفريات الفقارية خاصة الموجودة بالفيوم. ومنها وادي الحيتان الذي يزخر بأكثر من005 حوت وتم إعلانه كمنطقة للتراث الطبيعي العالمي لمنظمة اليونسكو, بل ويتميز بوجود أنواع متميزة ومتفردة من حفريات الحيتان ومنها الباسليوسورس ثاني أطول حفرية حوت في العالم, كذلك الواحات البحرية الزاخرة أيضا بواد شاسع لحفريات الديناصورات بأنواعها المختلفة, وغير ذلك من حفريات الأسماك والأحياء الأخري, وكل تلك المقومات تجعل التفكير في مضاعفة الاهتمام بهذا الفرع الهام من العلوم أمرا حتميا, ومن هنا كانت جامعة المنصورة سباقة في الاهتمام بهذا التراث المتفرد, فخصصت دراسة الحفريات الفقارية كمادة مستقلة بذاتها في قسم الجيولوجيا بكلية العلوم, وهذا يضاعف من الاهتمام العلمي بها, كذلك تؤهل لوجود إخصائيين مصريين فيها لأهميتها, وبالطبع سيفيد ذلك المجال البحثي والاستكشافي لمناطق الحفريات ويثقل الخبرات المصرية. وكأول باحث مصري يحصل علي الدكتوراه في هذا التخصص منذ أكثر من نصف قرن, أو ثاني باحث يحصل عليها في تاريخ العلم المصري يقول الدكتور هشام سلام ـ مدرس الحفريات الفقارية بعلوم المنصورة ومؤسس المركز: كان من المهم التفكير في إنشاء مركز علمي متخصص للحفريات الفقارية في مصر, نظرا لتمتعها بثروة هائلة من الحفريات الفقارية كالديناصورات بأنواعها المختلفة التي عاشت علي أرض مصر منذ أكثر من09 مليون سنة بل ومائة مليون, أيضا الحيتان المتحفرة منذ04 مليون سنة, والكثير من الأحياء الأخري التي عاشت منذ ملايين السنين, كان ثمرة هذا الجهد العلمي وباكورة هذا النجاح هو إنشاء أول مركز لاستكشاف وتوثيق الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة(PVUM) وهو الأول من نوعه في مصر والدول العربية بأثرها, وعلي الرغم من حداثة إنشائه حيث تأسس العام الماضي إلا أنه وفي نفس العام حصل علي جائزة جمعية الأحافير الدولية بأمريكا والمركز يقوم حاليا بالتعاون مع أشهر جهات عالمية في علم الأحافير الفقارية وهي جامعات اوهايو و استوني بروك ومتحف دنفر بالولايات المتحدة الأمريكية وجامعة اكسفورد الإنجليزية, ويهدف المركز إلي التوسع في دراسة هذا التخصص في الدراسات العليا, وإقامة تعاون علمي مع العلماء العالميين المتخصصين, وتدريب أجيال جديدة من علماء وباحثي مصر عن طريق الرحلات الاستكشافية لمناطق الحفريات, وتزويد معامل الأبحاث بأحدث التقنيات والخبرات في مجال معالجة الحفريات الفقارية من أجل استقبال الطلاب والباحثين وأعضاء هيئة التدريس من داخل وخارج مصر لإجراء الدراسات اللازمة وتوثيق الاستكشافات الجديدة وطرحها للجمهور بشكل علمي بسيط, كذلك تزويد المدارس بجميع مراحلها بداية من الروضة ومرورا بالابتدائي والإعدادي والثانوي بالمواد العلمية البسيطة عن الحفريات.