رائحة نفَّاذة تحفظها الأنوف وتلتقط مصدرها حتى قبل رؤيتها أو الوصول إليها، فالأسماك لا تتطلب أى جهد لتمييزها دون غيرها من المأكولات، وإذا كان هذا هو الحال فى الأسواق العادية وحتى فى المنازل، فماذا سيكون الوضع فى حلقة سمك؟.
سؤال ترى إجابته وتشُم رائحته وتعيش أجواءه فى شادر عزبة البرج بدمياط، فكل ركن يحوى مهمة خاصة يلتف حولها الرجال والنساء المكلفون بها بشغـف وحب للبحر وكل ما أتى به، فلا يتسرب الملل إلى قلوبهم ولا تعرف المشقة طريقا إلى أطرافهم، التى اعتادت الحـركة والعمل دون راحة.
مهمة تنظيف «السيبيا» أو «السبيط»، كما يقول عنها أبناء القاهرة -على حد وصف العاملين هناك- ليست هيِّنة على الإطلاق، بل لها قواعد مُلزِمة وطقوس إجبارية للاستفادة من كل جزء فيها.
بـ«جوانتي» و«طشت ألومنيوم» يحتوى كمية مما تم صيده تبدأ مهمة كل عامل يقوم بعملية تنظيف مكونات «السيبيا»، فيفصل أولا بيض السبيط ثم لسان العصفور، ذلك اللسان الأبيض الذى يُستخدم فى إطعام الببغاوات وعصافير الكناريا، وأخيراً الحبر الأسود الذى يُشترط ليجـف أن يوضع فى مياه مالحة، بالإضافة إلى الأجزاء الصالحة فيها للطهى بعد ذلك، والتى يتم نقلها لـ«طشت» آخر يبقى فارغا إلا من ألواح ثلج تنتظر الحـصيلة.
وبعد انقضاء عملية الفصل تأتى مرحلة الوزن بعد تصفية «السيبيا» من المياه تماما، ومن بعدها التفريز لتقسيم الكميات ما بين «المطاعم» وأصحاب «الفرش الطازة» الذين يأتون من رأس البر وأماكن أخري، للحصول على ما يحتاجون بالوزن، وحتى من يرغب من المواطنين فى الحصول على كمية طازجة.
صيد ـ تنظيف ـ تفريز ـ بيع وشراء.. موجز سريع لمولد «السيبيا» الكبير الذى يشهد يوميا سلسلة من المهام الثقال داخـل حلقة السمك، التى ترفع الشعار المفضل لكل عامل يومية «الرزق يحب الخفِّية».. ذلك الدافع الذى يشحن الطاقات ويرفع القامات ويزيد حصيلة الإنتاج.
أعده للنشر بجريدة الأهرام / هند رأفت
أعده للنشر على الموقع/ محمد أيمن
إشراف / د. أمانى إسماعيل
مدير عام الإداره العامة للعلاقات العامة
