ذكاء إداري أم غباء إداري- أ.د. أحمد السيد الدقن

     يظهر الذكاء الإداري في بعض  الإدارات والمؤسسات؛ مما يؤثر عليها  بالإيجاب وزيادة الأداء الإداري الفردي والمؤسسي وتميز للمديرين وإدراتهم ومؤسساتهم، وفي المقابل يظهر الغباء الإداري في بعض  الإدارات والمؤسسات؛ مما يؤثر عليها بالسلب وتراجع الأداء للمديرين ولإداراتهم ومؤسساتهم؛ الأمر الذي قد يشير إلى أهمية توضيح هذا المفهوم وآثاره الكارثية على الإدارات والمؤسسات؛ مما يمكن أن يشكل ناقوس خطر للمدراء بضرورة العمل بكل جد لممارسة الذكاء الإداري وتجنب ممارسات الغباء الإداري، ولكن الأمر يتطلب توضيح مفهومي الذكاء الإداري والغباء الإداري في البداية.


    الذكاء الإداري هو ببساطة معتقدات إدارية صحيحة يمارسها مديرون في بعض الإدارات والمؤسسات مما يعود بالنفع عليهم وعلى إداراتهم ومؤسساتهم عبر زيادة الأداء الإداري الفردي والمؤسسي وتزايد الإنتاجية وتحقيق التقدم والتميز لهذه الإدارات والمؤسسات ولهؤلاء المديرين أنفسهم الذين يمارسون الذكاء الإداري بما يساعدهم على الاحتفاظ بمناصبهم الإدارية بل والترقي إلى مناصب أعلى.


   بينما الغباء الإداري هو ببساطة معتقدات خاطئة يمارسها مديرون في بعض الإدارات والمؤسسات بهدف تحقيق مكاسب إدارية شخصية أو مؤسسية ولكنها تعود بالخسارة الشخصية والمؤسسية معا وتؤدي إلى تجمد هؤلاء المديرين وعدم ترقيتهم  بل قد يفقدون مناصبهم أي أنها تضر هؤلاء المديرين وإداراتهم ومؤسساتهم معا.


   إذن ركيزة الذكاء الإداري هو معتقدات إدارية صحيحة بينما ركيزة الغباء الإداري معتقدات إدارية خاطئة؛ ومن ثم يحسن بنا سرد بعض معتقدات الغباء الإداري مع تصحيحها بمعتقدات الذكاء الإداري، وأبرز هذه المعتقدات الخاطئة هو اعتقاد المدير أنه يستطيع الإدارة والتطوير من خلال الإدارة الفردية سواء لشخص المدير أو مساعد له، وذلك حفاظا على مركزه!!!


   وفي الواقع الإداري أن هذا المعتقد الخاطئ يلقى بثقل كبير جدا على المدير          لا يتحمله  ويؤدي إلى تراجع الأداء الفردي للمدير؛ لأن لكل فرد طاقة معينة لحجم عمل معين أي حد أقصى للقدرة،  فإذا زاد حجم العمل واستمر الفرد في الأداء فإن منحنى الأداء يرتفع ويرتفع ويرتفع إلى أن يصل إلى درجة ما، ثم يبدأ في الهبوط  ليتراجع ويتراجع ويتراجع، ولأن هذا الأداء الإداري للمؤسسة قائم على فرد، فالنتيجة المنطقية تراجع الأداء المؤسسي ككل سواء للمؤسسة أو للإدارة، فضلا عن أن هذا المدير غير الذكي يضغط على نفسه وصحته وأسرته؛ مما يؤدي إلى تدهور نفسي وصحي وأسري له.


    ولذلك معتقد الذكاء الإداري هو:  ضرورة الإدارة الجماعية للإدارة أو للمؤسسة من خلال اختيار  شخصيات ذوي كفاءات عالية يتولون مناصب إدارية فعلية وليس اسمية أي يكون لهم صلاحيات إدارية حتى يمكنهم من زيادة الأداء الإداري الفردي وبالتالي الأداء المؤسسي سواء على مستوى الإدارة أو المؤسسة؛ حيث إن الأداء المؤسسي  هو ببساطة حصيلة جمع الأداء الفردي لكل فرد في المؤسسة.

 

  كما أنه من أبرز المعتقدات الإدارية الخاطئة التي تعبر عن الغباء الإداري هو استبعاد الكفاءات العالية في المؤسسات والإدارات من المناصب القيادية خشية أن يؤثروا على منصب المدير أو محاولة استغلال الكفاءات العالية دون أن يحصلوا على المقابل الأدبي والمادي، وبالتالي ينصرف ذوو الكفاءات العالية عن المدير ليلتف حول المدير الكفاءات المنخفضة، والنتيجة المنطقية أنهم يؤثرون بالسلب على أداء المؤسسة أو الإدارة وعلى أداء المدير نفسه، لأن أداء الإدارة والمؤسسة يرتبط بأداء المدير بعلاقة طردية، والواقع الإداري الفعلي يثبت أنه كثيرا ما فشل مديرون ذوو كفاءات عالية بسبب أنهم أحاطوا أنفسهم بكفاءات منخفضة.

    أما المعتقد الإداري الذكي هو أن يحيط المدير نفسه بذوي الكفاءات العالية ويعمل على استغلال كفاءاتهم وجهدهم في مقابل مادي ومعنوي جيد لهم، وبالتالي يرتفع أداء المؤسسة والإدارة وأداء المدير نفسه لوجود علاقة طردية قوية بين المتغيرين، والواقع الإداري الفعلي يثبت أنه  كثيرا ما نجح مدراء ذوو كفاءات منخفضة بل وسطع نجمهم بفضل الكفاءات العالية المحيطون بهم. 

<!--<!--<!--<!--

المصدر: أ.د. أحمد السيد الدقن ، ملاحظات علمية لممارسات إدارية في بعض المؤسسات والإدارات.
PLAdminist

موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس

عدد زيارات الموقع

743,224

ابحث