الإنسان اجتماعي بطبعه " ويعيش في حياة معقدة, وهي في عمومها عملية تفاعل ديناميكية تتطلب سلوكا اجتماعيا, وعلاقات اجتماعية تتصف في غالبها بالتعاون والتنافس والصراع والتعاون سلوك هادف يرمي إلى تحقيق هدف مخطط له, ويقوم كل فرد فيه بدوره وفق المصلحة العامة والهدف الجماعي, وهو بذلك سلوك اجتماعي, ويعتبر عملية أساسية للحياة الاجتماعية, والفرد بواسطة التعاون – حين يحقق الهدف الجماعي – يشبع حاجاته الفردية.
والتنافس شكل من أشكال الكفاح الاجتماعي, ولكن المنافسة تظل فردية إذا ظا الانتباه مركزا على الأهداف الفردية مثل التنافس على البطولة الفردية الذي يرتكز على حرمان الآخرين من الحصول على ما يكون قد ابتغاه. وعن هذا التنافس قد يتولد الصراع أو التنافس العدواني, إلا أنه إذا وجه وأصبح الكفاح فيه من أجل الوصول إلى هدف لا يلحق منه الضرر, أصبح تنافسا شريفا ومقبولا
والتنافس والتعاون مظهران اجتماعيان, وهما ركائز الألعاب الرياضية, ومن ذلك يظهر مدى علاقة الألعاب الرياضية بالاندماج الاجتماعي وتظهر أهميتها في خلق المواطن الصالح علاوة على ما تحققه من نمو جسمي سليم له.

وقد نحت التربية الحديثة منحى واضح المعالم في اتجاه العناية بصحة الفرد وصحة المجتمع, ونادت برعاية جسم الإنسان في كل مرحلة من مراحل نموه, بنفس العناية بتثقيف العقل وتحصيل العلم والمعرفة, وتهذيب السلوك والتحلي بالقيم الأخلاقية, وخاصة بعد أن تبين من الوجهتين – البيولوجية والاجتماعية – ما للعناية بالصحة وتنظيم الحياة من آثار على سعادة الإنسانية , وما ظهر من الناحية السيكولوجية والتنمية الاقتصادية من أثر قوة بناء الجسم في أداء العقل لوظائفه المختلفة بنشاط وانتظام ومردودية جيدة وليس غريبا أن تكون الألعاب الرياضية في هذا العصر الذي ضاقت بالإنسان بيئته الطبيعية, وأصبح يفتقر إلى النشاط الحركي الذي كانت حياته تعتمد عليه, أن تكون أساسا من أسس إعداد النشء للمجتمع وتهيئته للاندماج فيه بطريقة عملية يكون الدافع فيها ميله التلقائي للعب مع الأقران, فبواسطتها ينمي جسمه نموا متزنا , ويكسب التنافس والتوافق في حركاته ويكتسب صفات خلقية واجتماعية متعددة كالتعاون والنظام والتسامح والتغلب على الصعاب والعمل من أجل الجماعة.

إن للألعاب الرياضية تأثيرا عميقا على الفرد والمجتمع لما تكسبه ممارستها من حيوية الجسم ويقظة في العقل وصحة في النفس, ليس بالخامل القليل الملاحظة, البطيء في التفاعل مع المؤثرات الخارجية, إنه يمكن أن يتغير كلية عن طريق ممارسة الألعاب فيصبح قادرا على التوقع وسرعة التلبية والتنبؤ. مثلا بقدوم الكرة إليه, ويسمع خطوات الأقدام خلفه, ويصبح بشتى الأساليب سريع التيقظ والانتباه.

والألعاب الرياضية – إلى جانب ذلك – تساهم في النمو الاجتماعي للناشئين, وقد وقفت على حالات كثيرة لأطفال كانوا منزوين منطوين, ثم اكتسبوا قوى جديدة للتفاعل عن طريق الألعاب, فهي علمتهم تسلم الأدوار بين الأصدقاء وأبعدت عنهم الأنانية وأكسبتهم المهارة وتقبل الهزيمة دون تثبيط العزيمة, وتقبل النصر ولذة الانتصار دون غرور وزهو, فاستيقظت قدرات التعاون الاجتماعي فيهم وازدادت قوة التحمل لديهم, فابتكروا واكتسبوا الجرأة والتضحية والعزم, وصار اندماجهم الاجتماعي في طريقه إلى السلامة, مما يؤكد ضرورة الاهتمام بالألعاب الرياضية للناشئين في مدارسنا الابتدائية وإعادة النظر في برامجها حتى تكون هادفة تحقق الحاجات الفردية من جهة, وتضمن شبابا قويا في مقدوره القيام بمردود يساهم في تنمية المجتمع في كل مجالات التنمية.

 

المصدر: محمد التهامي بنيس
Over-seas-group

كيف يصطاد الفتى عصفورة فى الغابة المشتعلة؟ كيف يرعى وردة وسط ركام المزبلة؟ كيف تصحو بين كفيه الاجابات وفى فكيه تغفو الأسئلة؟!

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

818,322