بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الكتابة فوق الجـــروح    !!

العمق مشبع بأثقال الهموم .. ولا تنقصه طعنات الخناجر المبذولة بأطراف اليراع .. تلك الأطراف التي تسهب بسيول الأوجاع .. وهي تجيد مواصفات الأسقام دون أن تجيد مواصفات الترياق والدواء !.. وقد أفاضت في مناسك الإيلام والغم والتهويل .. وأوجدت حقولاً كلها مزروعة بأشجار الدموع والشكاوي .. مجرد أشجار ثمارها الحروف والحكاوي .. ثمار لا تسمن ولا تغني من الجوع .. ولا تعزي المصاب في مفقود الهناء !,, وقد أصبحت غاية الغايات في عالم اليوم هي الهروب من لعنة الأقلام .. أقلام تنقب ليلاً ونهاراً في بواطن البؤس والشقاء .. جدل يمثل خنادق التشاؤم في الحياة وهو جدل أخطر من الوباء .. ورقية الشفاء ليست كما كانت كلمات من الكتاب .. إنما هي كلمات للشيطان تمعن في جلب الرثاء .. والسكوت عنها أفضل مليون مرة من تكرار ألوان الهراء .. فيا ليت تلك الأقلام تمسك عن الثرثرة وتمسك عن لغو الحديث والغناء .. لقد ملت الأسماع من مساجلات كلها حول النحيب والعويل والبكاء .. مساجلات تفصل الداء والأسقام طولاً وعرضاً وإسرافا ولا تملك الدواء .. أقلام تتعمد أذية الخلائق حين تتراقص بأطرافها الحادة فوق الجروح التي تنزف الدماء .. كأنها تريد أن تزيد الجروح جروحاً وكأنها تنتشي بالعناء !.. بل كأنها تريد أن تشارك المتسبب الجارح في الجريمة النكراء !.. وحينها تتوافق نوايا المتسبب وأصحاب الأقلام في المقاصد والأداء .. لا يسلم اليوم أحد من كيد الأقلام التي تؤرق مضاجع الأبرياء .. والأسماع مسئولة عما تسمع وعما تقرأ مسيرة أو مجبرة في الأخذ والعطاء .. وهذا الزمن تتكالب فيه المصائب برا وبحرا وجواً دون بشائر تبشر بالشفاء .. ولا يتوفر فيه الصمت بالقدر الذي يجلب الرحمة للعباد الكرماء .. إنما ذلك الزخم من أبواق التنبيه والتذكير والنداء .. وكلها صيحات توجع الأفئدة قبل مواسمها المرسومة بمشيئة السماء .. فلما العجالة في توليد الأجنة من أرحامها قبل أن تكتمل الأعضاء ؟.. ولما التذكير بالموت في كل لحظة وكأن الموت سوف يمتنع بالترديد والرجاء ؟ .. وهو ذلك الموت الذي لا يتأخر عن اللحظة المكتوبة بكثرة التكرار والإملاء .. في هذا العصر العجيب يبكي المرء بالنازلة قبل مولدها بجريرة الأقلام والألسن ثم يبكي بعد مولدها بجريرة الواقعة !.. سنوات عجاف قد توالت ولم تمر فيها لحظة دون فاجعة !.. وكانت الأقلام تسبق الأحداث وكأنها تعشق رميات السهام القاتلة .. تنتشي كعادتها بمعازف الجنائز وتركض نحو المقابر لتكون حاضرة .. لما السبق في الإيلام بأطراف اليراع ولما لا تكون في الحياة تباشير تجلب السرور والفرحة العارمة ؟؟ .. وماذا يضير المرء لو ضحك ولو في العمر مرة ؟!.. وشروط هذا العصر هي المكابدة بأنغام المداد قبل أن تكون المكابدة بأنغام السواد .. صرخة عند المقدم وصرخة عند النشأة ثم صرخة حين يساق المرء للحفرة .. وتلك أقلام العصر ترضع الدموع من أثدائها في كل ساعة ولحظة .. وهي ليست بمثابة الأنبياء والرسل الذين يبشرون وينذرون .. إنما بمثابة سدنة الجحيم الذين يكافئون الناس بالويل والثبور .. متى تنتهي النوازل عن الديار ومتى تعم الأفراح بلحظات الحبور ؟؟.. ومتى تجتهد تلك الأقلام في معازف التفاؤل الذي يجلب الراحة والسرور ؟

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 359 مشاهدة
نشرت فى 2 أكتوبر 2018 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

806,847