بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

لا تعــاند عصـــراً ينـــــوء بالعـــلل !!

هجرت نفسي حين رأيتها تخون الصدق في هواجسها .. تارة تبتغي أمنيات تفوق المدى ولا تصدق إلا بليلة القدر .. وتارة أخرى تكتفي بقدر يسير يواكب القناعة ويسد الرمق .. ثم سألتها عن عدم الثبات في خياراتها .. فقالت نحن في زمن لا تتاح فيه الحياة إلا بالسجال فوق أنياب الأفاعي .. وهو ذلك الزمن الذي يمنع الاحتماء بالثوابت .. فالمرء إما أن يكون متحايلاً ومراوغاً .. وإما أن يكون لصاً وناهباً .. وإما أن يكون ثعلباً يرائي في ثياب الواعظين .. وإما أن يكون شريفاً بزيف المظاهر بالمسميات .. وإما أن يكون نبياً في أرض يجهل أهلها علامات الأنبياء .. وإما أن يكون قادراً على بسط المهالك والمعاصي .. وإما أن يكون متمرساً يجيد اقتلاع الرقاب عن جذورها .. وإما أن يكون فارضاً للواقع مهما تكون قسوة الثمار .. والواهم في هذا الزمن هو من يتمسك بالمستحيل ليواكب مثالية لا توجد إلا في الخيال .. تلك المثالية التي ترسمها النفس دون المنال .. والسانحة اليتيمة التي ترضي الأمزجة قد لا تتمثل إلا في لمحات طارئة عابرة تماثل البرق في طول الحياة .. واليد التي تحظى بجرعة من الحظ قد لا تكون لها حظ حتى الممات .. وتلك اللقمة اليتيمة المتاحة في وليمة الأدعياء قد تكون هي الأولى والأخيرة .. والناظر المتعمق في إرهاصات هذا العصر يجد أنها إرهاصات تخالف المألوف .. حيث الأحوال كالمهر الشارد الذي يتخبط بداء الجموح .. فهو تارة ينحاز يميناً وتارة ينحاز يساراً ثم يقف على الأقدام الخلفية في بلاهة .. واللائم استنكاراً قد يلام .. والعاقل الفطن هو من يتجنب الفوضى والمخاطر في هذا العصر .. ولا يرتمي في أحضان الطحن والعجن !.. إرباك والتزام في عصر يمنع الخروج عن الصف كما يمنع الخروج عن النص !.. والتراجع تحايلاً قد لا يفيد القاصد .. وذلك إذا كان يقصد التخلص والانفكاك من الحالة المجنونة الميئوسة .. وقد لا يكون السقوط بنية التضحيةً هو ذلك الخيار الأمثل .. حيث تجري المجريات عادةً بما لا تشتهي السفن .. والمثال يتجسد في ذلك الندى الذي يغتال غدراً رغم البراءة .. فحين يسقط من قمة الأعالي يضحي من أجل الثرى .. ثم لا يبلغ الثرى في زحمة الكيد والقيد والأيد .. تلك الأيدي التي تترصد ثم تتسابق في الخطف !.. لتكون القصة الجديدة هي قصة الندي المفقود .. ذلك المطلوب جدلاً ليشكل قضية العصر !.. وحينها نجد أن الجريرة تطال البريء وغير البريء .. فهنالك دائماً فاعل مجهول لا يفصح عن الذات .. ثم تكون الجريرة شائعةً تطلي الجميع بلون السواد .. والإشارات تلوث الأيدي دون عدل أو إنصاف .. وقد تكون من ضمن الأيدي تلك البريئة والسليمة التي تحسن النوايا !.. ومع ذلك فإن جزاء الكل هو النكران في مقابل الإحسان .. وعلامات الاستفهام لا تزال تحير الأذهان حين تكون اليد الخاطفة للندى مجهولة الهوية والعنوان !.. وتظل الحكاية مربكة ومبهمة في جوقة الفوضى .. فكيف لا يتنازع المرء مع نفسه في هذا الزمان ؟.. وكيف يراد من النفس أن تلتزم بالوقار والاتزان ؟.. لوم وعتاب في غير محله .. وجدل غير حكيم لا يسانده المنطق السليم .. ومدى الانتظار في كشف أغوار النفوس أصبحت تعادل الثواني .. وشروط تلك الثواني تفرض قبول الرياح كيفما ترد دون نقاش !.. وهو ذلك الخضوع والإذعان حكماً وفرضاً .. وخاصة إذا كان للآخرين حلل الكبرياء .. والمجاراة صماً وعمياناً قد تكون مكسباً في هذا العصر .. ويقال في أمثال الحكم : ( إذا ركض أهل الديار فأركض معهم ولا تسأل عن الأسباب ) .. وأهل الديار أدرى بالأسباب .. فقد يكون الغيث على الوشك وعند الأبواب !.. والمساحة المتاحة للأخذ والرد في هذا العصر لا تقبل السؤال ثم الإجابة .. وذلك الدهر كفيل بكشف الطلاسم في يوم من الأيام .. فلما العجالة وعدم القبول بقدر يسير من الثواني التي تنشف الطلاء المستجد وتكفي لإخفاء الحقيقة ؟

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 517 مشاهدة
نشرت فى 22 سبتمبر 2018 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

806,851