<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
بسم الله الرحمن الرحيم
المواجهــة مــع هــادم اللـــذات !!
يسمع صوتا ينادي في الظلام الطاغي .. وقد رحلت الأضواء خلف المجهول .. يا أيها الحائر في بحار الصمت والخيال تقدم قليلا .. فأنت على قاب قوسين أو أدنى من حافة الحقيقة .. فقال من أنت يا صاحب الصوت يا من تنادي ؟ .. فقال أنا ذلك الطارق للأبواب عند المصيبة .. أنا ذلك الموت الذي ينهي الحياة ليتجلى عالم الحقيقة .. لقد دنت لحظة اللقاء بكم .. وتلك لحظة ظلت قائمة في كتاب الآجال منذ الأزل .. فقال للموت تمهل فإني ما زالت أرغب في الحياة ومباهجها .. وتلك تلميحات من مغريات الدنيا تبشر بالملذات .. فقال الموت : يا هذا كم وكم أمهلتك من العمر ألم تشبع من ملاحقة السراب ؟؟ .. وتلك تلميحات الدنيا خادعة تلازم العمر كله بمنوال الخداع .. لم يكتفي منها السابقون ولا يتعظ بها اللاحقون .. ملذات ومغريات تتراقص أمام الأحياء منذ لحظة الولادة وحتى مشارف القبور .. لا تكتفي الأنفس منها رغم الركض والملاحقة .. فالإنسان يلاحق في دوامة لا تعرف النهاية والدنيا تركض في دوامة لا تتوقف عن الإغراء والابتعاد .. حتى إذا جاء الموت يعلن نهاية ذلك الصراع العقيم .. وعندها تكون نهاية المشوار .. حيث تودعك الدنيا بغير اكتراث .. وتهديك خرقة بالية تسمى الكفن .. هدية هي غاية ما تهديها لك الدنيا من متاع وملذات عند الفراق .. فأنظر إلى حالك يا أيها المخدوع الذي يعشق الدنيا .. هل كانت الدنيا تستحق ذلك التعلق وذلك البكاء والعناق ؟ .. وأنت خارج منها بتلك الخرقة التي تتقادم مع الزمن ثم تفني في لحظة من اللحظات .. وتلك السنة الأبدية تسري على الأولين والآخرين .. وقد مرت الحقب تلو الحقب دون أن يتواجد ذلك الزاهد الذي ينادي بالاكتفاء عن الدنيا .. إنما الكل يتلهف لمعانقة الدنيا ويتهرب من معانقة الموت .. والكل ينتزع من أحضان الدنيا انتزاعا رغم التشبث والعناق .. ولكن الموت جازم في أمره لا يفرط ولا يجامل ولا يستجيب للرغبات .. حتى إذا كان عالم البرزخ يتنبه الإنسان من الغفلة والنسيان .. ويجد نفسه أمام الحقيقة المطلقة .. فيقول : لقد كنت في غفلة من هذا .. تلك الغفلة التي تجبر الناس لتركض خلف السراب .. فكم من مخدوع يتعلق بالدنيا ومباهجها .. وعند الموت لا تنفعه تلك المباهج والملذات .. والدنيا غير مخلصة تنكر العشرة ولا تعرف الوفاء والإخلاص .. وحين يقبل الموت فإن الدنيا تبخل بقطرة دمعة عند الافتراق .. فالميت لدى الدنيا هو ذلك الراحل كما رحل الراحلون من قبل .. ولو كان ذلك كان الإنسان حكيماَ لبقا وحصيفا لأدرك أنه لا يفاضل السابقين في المصير والأحوال .. بل هو ذلك الجدل الذي يماثل الآخرين في التواجد والمكابدة ثم الحياة والممات .. وفي عالم الآخرة يتجلى مقدار البلاء والامتحان .. كما تتجلى مواقف الناس في اجتياز مشوار الحياة .. حريص يعمل من أجل ذلك اليوم العصيب .. ويسعى لها بالأعمال الصالحة التي تنجي الصاحب عند الحساب والعقاب .. وغافل ينخدع بمباهج الدنيا وزينتها .. يفني العمر راكضا خلف الدنيا ومباهجها حتى ينادي المنادي من مكان قريب .. فهو ذلك المخدوع الذي يفني العمر في هواه .. والذي يجتهد في ملاحقة مهر جامح لا يقدر عليه أحد .. ويكون بعدها الخسران المبين .
ـــــــ
ساحة النقاش