<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
بسم الله الرحمن الرحيم
( قصــــة قصيـــرة جـــدا )
الخطــأ الجسيــــم !!
دخل الأب غرفة الولادة ثم شاهد المولودة تنام في المهد ،، وقال : تلك ثمرة ليست لأهل البستان !! .. اللون لا يوافق البيئة .. والملامح لا تطابق المنابع .. وشروط الانتماء مفقودة بذلك المعنى الكبير ،، ولا توجد من الدلائل ما يوافق الواقع .. ثم نظر متعمقاَ في الطفلة المولودة َفلم يلاحظ ما يبرر الصمت والسكوت .. فهي طفلة لا تملك من السمات إلا براءة الأطفال .. تلك البراءة الجاذبة للأعيان .. الملامح ليست لأهل الشرق .. كما أنها ليست لأهل الغرب .. وهي بعيدة جدا عن أهل القارة السوداء .. كما أنها بعيدة جداَ عن ملامح القوقاز والهندوس والفرس .. فيا لها من معضلة فاضحة غير كاملة الأوصاف .. كانت اللحظات حرجة للغاية .. تلك اللحظات التي كانت تقتضي التأني والصبر قبل التسارع بالأحكام والإفصاح .. ولكن ذلك الأب فقد حكمة العقل في لحظات قليلة .. ثم سارع في قول تلك الحروف الجارحة .. ولم يراعي شعور تلك الأم التي خلصت أخيرا من آلام الولادة .. وألمح بإشارات لم تكن في الحسبان .. حاولت الأم المغلوبة على أمرها أن تدافع عن نفسها وعن كرامتها .. ولكنها كانت ضعيفة الحيلة في تلك اللحظات الحرجة .. ولم تقف حروف التجريح عند تلك الأم لوحدها بل طالت لتلاحق أهلها وعشيرتها الأقربين .. ثم تلقى الأب نظرات اللوم والعتاب من جموع المتواجدين .. ورغم ذلك الصمت المهيب الذي ساد عنبر الأم الحزينة إلا أن النفوس المتواجدة كانت في حيرة تناقش الأمر في دواخلها .. فالظاهرة كانت فوق معدلات القبول والتصديق .. وصلة المولودة بالأهل كانت لا تطابق الواقع بأي حال من الأحوال .. تقدم أحدهم من أهل الأرحام وهو يريد تلطيف الأجواء بين الأهل والعشيرة .. وأجتهد في تبرير الظاهرة بأن الظاهرة طبيعية وأنها قد أن تحدث في هذا العالم .. ولكن تبريراته لم تجد الرضا والقبول من الحاضرين .. كانت رميات الأب قاسية للغاية وجارحة إلى أقصى الحدود .. ثم في خطوة غير متوقعة قرر الانفصال فوراَ عن زوجته .. بعدها غادر المستشفى وهو في حالة غضب شديد .. تقدم الأهل والعشيرة يواسون الأم المنكوبة .. والكل يحاول ويجتهد لتقديم الكلمات التي تطيب خاطرها .. ولكنها بآلية غير متوقعة تقبلت الأمور على مضض .. ثم صمتت وأمسكت عن الكلام لساعات وساعات .. حيث كانت مصدومة من مجريات الأحداث المتلاحقة ., وكانت تشعر في أعماقها بمرارة كرامتها المهدورة .. وتحس بمقدار الظلم الذي أحاط بها .
مرت الساعات تلو الساعات وسيرة المولودة قد طغت في أرجاء المستشفى .. ثم فجأة تجلت وتكشفت أسرار المولودة .. حيث وقعت المفاجأة الكبرى عندما تقدم المسئولون بالمستشفى وفي أيديهم مولودة أخرى هي التي تمثل الطفلة الحقيقية للأسرة .. وقد ارتكبت إدارة قسم الولادة بالمستشفى خطأَ جسيما حيث كانت الولادة لامرأتين في نفس اللحظات .. وبعجالة تم وضع الديباجة الخاطئة في معصم مولودة تنتمي لأسرة شركسية .. وهي أسرة بدورها تشككت في المولودة التي قدمت لها عند مشاهدتها لأول مرة .. وأنكرت أنها لها .. فتنبهت إدارة المستشفى لذلك الأمر الخطير .. ثم راجعت الأحداث والمجريات من جديد .. ثم بتأكيد من الممرضات أتضح أن المولودة الأولى كانت للشركسية .. ولكن إحدى الممرضات وضعت في معصمها الديباجة الخاطئة لطفلة عربية .. ثم أجرت إدارة المستشفى بعض الفحوصات المعملية التي أكدت أن خطأ غير مقصوداَ قد تم بين المولودتين .. فكان لا بد من تصحيح الأوضاع بطريقة تمنع الشكوك واللبس .. وأخير تقبل الأسرتان البدائل من الأطفال .. ثم حضنت الأم العربية طفلتها بحنان وعطف ثم بكت بحرقة شديدة .. وعند ذلك تم تبليغ الأب الغاضب بحقيقة الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه إدارة المستشفى .. فحضر الأب فورا للمستشفى .. ثم نظر في وجه طفلته البديلة .. وقد هدأت ثورته وطابت نفسه .. وأخيراَ قرر أن يأخذ أهل بيته للدار .. ولكن الزوجة أقسمت بالله بأنها لن تكون له شريكة في الحياة حتى مشارف القبر .
ــــــ
ساحة النقاش