بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

قـال أحـدهم يومـا : ملعون أبـوك يـا بـلد   !!

لما اللوم والعتاب ؟ .. وقد تسلق الجبل بالقدر المستطاع .. ثم توقف عند الحد المستحيل .. ولو كان في الإمكان لتمادى في ذلك السبيل .. ولكن مهما كان معدل التضحيات فالمطلوب هو ذلك السقوط من قمة الجبل لتأكيد الوفاء ولإخلاص .. صورة ظالمة لمجهودات مهضومة منسية .. وهنا وطن عجيب يلاحق المواطن ويجرده من كل متاح ممكن .. ولا يترك سبيله إلا عندما يصير عظاماَ ناشفة .. ثم لا يكتفي بذلك القدر بل يلاحق بالويلات حتى مشارف القبور .. مواطن هو من أول يوم لمولده تفرض عليه رسوم القدوم .. ثم رسوم الولادة والتسمية والرضاعة .. ثم بعد ذلك فكل خطوة في مشوار الحياة برسومها وجباياتها .. المأكل والمشرب والملبس بقيمتها وبرسومها .. التلقي والتعلم من مراحل الروضة وحتى مراحل الجامعات برسومها وبقيمتها .. التأهل والتثقيف والتدريب بقيمتها وبرسومها .. كل موجبات الاستشفاء من أطباء وفحوصات  وأدوية وعنابر بقيمتها وبرسومها .. السير في الطرقات بقيمته وبرسومه .. نظافة المدن وشوارعها من النفايات بقيمتها وبرسومها .. الحصول على قطعة أرض تمثل سكنا ومأوى بقيمته وبرسومه .. طلب الأمن والحماية والتقدم بالبلاغات بقيمته وبرسومه .. طلب العدالة في المحاكم بقيمته وبرسومه .. شرف الانتماء للوطن والحصول على الجنسية بقيمته وبرسومه .. طلب الخدمات العامة في أي مرفق من المرافق بقيمته وبرسومه .. التبول في المرافق العامة بقيمته وبرسومه .. وكل صغيرة وكبيرة في هذا الوطن برسومها وبقيمتها .. تلك المهلكة الدائمة التي تعني تقديم الدعم والعطاء للوطن دون مقابل يذكر .. وتلك الصورة الكئيبة  تفقد الوطنية معانيها .. أية وطنية صادقة تبقى بعد ذلك في النفوس ؟؟ .. والوطن يمثل ذلك البعبع المخيف الذي يماثل مصاصي الدماء ؟؟ .. وطن يلاحقك سلباَ ونهباَ وتجريداَ حتى النخاع !! .. ولا يلاحقك دعماَ وسنداَ وشفقة في يوم من الأيام .. وطن عندما يحتاج السند ينادي فتلبي تلك الأفئدة الطاهرة وتقدم له النفيس والغالي .. ولكن عندما يحتاج المواطن للسند والدعم وينادي فلا يجد وطناَ يشاطر الأحزان .. منتهى النكران للإحسان !! .. ومع ذلك يلام المواطن حين لا يتغنى بالوطن كسابق العهود .. ويقال أن الوطنية وحب الوطن قد تلاشى عن نفوس الأجيال الحالية .. وهي تلك الأجيال المتشردة براَ وبحراَ وجواَ .. مئات الآلاف من العاطلين الذين لا يجدون سنداَ ودعماَ من الوطن .. ذلك الوطن الذي لا يبالي بأمرهم كثيراَ .. ومئات الآلاف من الأسر التي تعاني من ويلات العيشة وتواجه ظروف الحياة القاسية .. والملاين التي آثرت الهروب من ويلات الوطن الجاحد الناكر لتتواجد في أوطان الآخرين .. تلك الأوطان التي تعرف القيمة للإنسان .. ومع ذلك فإن تلك الكوادر الماهرة المؤهلة لا تتنكر للوطن الأم بل تتغنى بالوطن رغم ذلك الإجحاف ورغم ذلك النكران .. وتلك هي طيبة الأصالة الكامنة في الصدور .. وتلك هي قمة الوفاء .. ولكن ذلك الوطن لا يكتفي عند ذلك الحد بل يتمادى ليلاحقهم في بلاد الآخرين تحثهم بتقديم الجبايات والرسوم .. وطن لا يرى العيب عيباَ لا في الداخل ولا في الخارج .. وطن تعود السلب والنهب والقلع منذ لحظات المولد وحتى مشارف القبور .. في الخارج كم شاهدنا تلك المعاني الكبيرة من أوطان تقدم الخدمات الجليلة لأبنائها .. وتلك هي سفارات دول متقدمة عالية قوية تدافع عن مواطنيها في أي مكان في العالم .. بينما تتهرب سفارات السودان في الخارج أن تتدخل في الشئون والقضايا التي تهم مواطناَ من مواطنيها .. فهي تتواجد في الخارج فقط لتحصيل الرسوم والجبايات .. نفس الغاية المتوفرة عن مفهوم الوطن في الداخل .

ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد  

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 317 مشاهدة
نشرت فى 14 يونيو 2015 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

764,728