بسم الله الرحمن الرحيم
للظــروف أحكـــام ؟!؟
أهل الحكمة يقولون : إذا كانت ضربتك لا توجع فالأفضل أن تكتفي بالتهديد .. فلا تجعل الحجة عناداَ وأمداَ إذا توفر لك البصيص من الأبواب التي تستر ماء الوجه .. والعافية درجات .. والطاقة القصوى للمقدرات هي التي تحدد مدى التحمل والمقاومة .. فإن لم تسقط في الأرض بركلات الإسقاط والقمع فسوف تسقط بعوامل الضعف والوهن .. وتلك سقطة أعيب من سقطة الإسقاط .. فـلك الحجة عند إسقاطك وليست لك الحجة عند إخفاقك .. وأنت حل من اللوم والعتاب .. وعتاة الإبل حين ترفض الرضوخ بالركوع والإبراك فإنها تركع يوماَ مجبرة تلامس ركبها الأرض .. وذلك الخضوع يجري إرغاماَ حين تتخاذل عنها القوة وتخونها المروءة .. وحينها تقبع ذليلة تطيع أوامر طفل لا يملك الوزن وهي تفقد ماء الوجه .. ومع ذلك يجب الإقرار بأن الأرض تتحمل أقدام الجبابرة والطغاة كما تتحمل أقدام المتحاملين والضعفاء .. وفيها هؤلاء الأذكياء الذين يجيدون المراوغة حتى يتم نيل المقدور المتاح .. ثم لا يكتفون بالسكوت بل يواصلون السجال تلو السجال للفوز بجولة أخرى .. فإذا تحققت الجولة فلا بأس وإذا لم تحقق فالبحر يقبل الغوص من جديد .. غوصه صائبة وغوصه خائبة .. والأحمق من يمتطي فرس العناد ويتحدى العواصف .. ويجتهد في مناطحة الصخور بالصمود حتى الرمق الأخير .. ومحصلات العناد في النهاية هو ذلك الاستسلام دون نيل المرام ودون نيل المراد ودون نيل المقام .. والصورة نوع من الكبرياء القاتل الذي يورد صاحبه التهلكة .. كما أن الصورة تؤكد أن صاحب الكبرياء يفقد الفراسة ويفقد المهارة ويفقد الشطارة .. وحتى إذا توفرت المقدرة بالصمود فذلك جدل يعني مجرد الاكتفاء بالوسيلة دون الغاية .. فالعبرة في تحقيق الغايات وليست في تحقيق المقدرات .. فإذا عجزت المقدرات في تحقيق الغايات فهي عقيمة لا تلد من أرحامها ما يفيد .. وصمود الجبال أكسبها طول الإحلال وحرمها من نعمة الترحال .. والأشواك والعوائق لا تمنع الأنعام من تناول المقدور من الطعام .. فهي لا تتحدى تلك الأشواك والعوائق ولكنها تتحايل حتى تتمكن في قضمة من نعم الأرزاق .. وقال أحد الفلاسفة : إذا كنت صاحب حق فأطرق باب الظالم .. فإذا لم يفتح لك الباب في المرة الأولى فأطرق الباب للمرة الثانية والثالثة .. ثم كرر المحاولات مرات ومرات وأيام وأيام .. فلا بد أن يفتح لك الباب يوماَ .. ثم إذا أوصد الباب في وجهك فلا تيأس من المحاولات .. وعندها قد يعدلك الظالم في أمرك .. أو قد ينزع باب الدار .. أو قد يرحل عن الديار .. وفي كل الأحوال أنت الفائز حين تنال الجزء من المراد .. وقد يكون ذلك الجزء من المراد مجرد نشوة تشبع الغليل .. وسوسة الأشجار صغيرة لا تكاد ترى .. ومع ذلك فهي لا تكل من الصبر والانتظار .. فهي تنحر الأشجار في الأعماق قضمة بعد قضمة وسنة بعد سنة .. وفي النهاية تتمكن في إسقاط عمالقة الأشجار !! .. وحينها تتعجب العقول في مقدرة الضعيف حين تتفوق على مقدرات العنيف !! .. وتلك حكمة تؤكد أن المثابرة والحيلة أفيد كثيراَ من مناطحة الصخور .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش