بسم الله الرحمن الرحيم
الرهافـة والتحجــر فـي قلـوب البشــر !!
المعنويات ثوابت ملهمـة .. إيحاء وإحساس وإبـداء وإعلام .. وهي معنويات رخوة حريرية لا تجرح الأجساد .. ولا تدمي الأبدان بالخدش .. ولا تحمل فوق الأكتاف .. ولا تقاس بالأبعاد والأوزان .. ولكنها تتعامل مع القلوب والأفئـدة والمشاعر .. الإخاء التواد المحبة الصداقة الوفاء الإحسان العزاء التعاطف التعاضد التعاون التسامح ،، الإجلال الإكرام الاحترام التعظيم الإكبار التقدير التبجيل ،، الإعراض الامتناع المجافاة المقاطعة الغدر الخيانة المخاصمة العداوة ،، البغض الكراهية المدح الذم الحسد السب الشتم التحقير التصغير ،، ومعنويات أخرى كثيرة ( موجبة أو سالبة ) تداولها الناس في الحياة .. فهي تلك التلميحات المبذولة من إنسان نحو إنسان .. وتعد تلك المعنويات من أكثر الأشياء التي يقدسها الإنسان عند التعامل .. الموجبة منها تفرح القلوب وتسعدها .. والسالبة منها تجرح القلوب وتكدرها .. وجروحها قد تكون أشد ألماَ من جروح الأجساد .. بل السالبة قد تكون قاتلة في بعض الأحيان .. كما أن الموجبة منها تفرح الأفئدة والوجدان بمقدار ودرجات .. وهي الغاية القصوى التي يسعى إليها كل إنسان .. فالمعنويات سلاح ذو حدين .. وآثارها المباشرةَ هي تلك الانفعالات التي تظهرها النفوس بالرضا أو السخط .. وقوة تلك الانفعالات وشدتها أو ضعفها أو ضآلتها هي التي تميز علاقات الناس البينية .. وتلك المعنويات تكون كثيفة وقوية بين الأقرباء والمعارف والأهالي وأفراد المجتمعات الواحدة المشتركة وأبناء الوطن الواحد والعشيرة الواحدة .. وتكون قليلة ونادرة أو شبه معدومة بين شعوب منطقة وشعوب منطقة أخرى .. إلا إذا استثنينا معنويات التعاضد والإخاء بين أبناء العقيدة الواحدة .. وكذلك معنويات القومية والوحدة والانتماء والمصير المشترك .. وفي المحصلة تلك هي المعنويات هي التي تحدد طبائع الناس في المجتمعات .. وتجسد الإنسان في قالب من القوالب في عرف الآخرين في المجتمع الواحد .. فكل إنسان يكسب الصيت بمقدار المبذول منـه من تلك المعنويات إيجاباَ أو سلباَ .. فهنالك في الناس من يفقد تلك المؤثرات المعنوية كلياَ .. فهو ذلك الجامد الخامل المتبلد الإحساس .. الذي يفقد أدنى مقومات الإبداء أو المساهمة أو التعاضد .. ذلك المكتفي بالسلبية المطلقة .. حيث لا يبذل أي نوع من أنواع المعنويات .. فهو لا يفيد إيجابا ولا يضر سلباَ .. وذلك النوع من الأفراد في المجتمعات عدمه أفضل من تواجده .. وهنالك في الناس من يتدفق فيضاَ بالمعنويات الكريمة الموجبة العديدة .. فهو ذلك السخي الكريم الذي يثري المجتمع الذي يتواجد فيه بذلك القدر الهائل من المعنويات المفيدة .. ومثل ذلك الإنسان هو صاحب أفضل النعوت في عرف المجتمعات .. وهنالك في الناس من يبذل المعنويات السالبة .. ويجتهد في بث الموجعات التي تغم الصدور .. ومثل ذلك الإنسان يقابل عادة بالرفض والاستهجان .. حيث هو ذلك الجارح لأفئدة ومشاعر الآخرين .. وكل صاحب نعت يكسب الصيت بمقدار بذله من المعنويات سالباَ أو إيجاباَ .. وألسنة الناس لا ترحم حين تصف الطبائع .. ومن الجميل في الإنسان أن البعض هو ذلك الشخص المرهف في الإحساس .. الذي يحمل القدر الهائل من العواطف الجياشة .. فهو كريم عطوف دموعه حاضرة في أحداقه .. وهي دموع تسبق دموع الآخرين الذين يعانون من ويلات الأحوال !.. يفرح كثيراَ حين يفرح الآخرون .. وقد تفوق فرحته فرحة أصحاب الفرحة .. وشتان بين إنسان وإنسان !! .
وتلك الفوارق في الطبائع أيضاَ تتجلى حين تكون المقارنة بين الإنسان الجامد المتحجر الصنم المتبلد في الإحساس وبين الإنسان المرهف اللطيف العبقري الفنان .. فالأول هو ذلك الحائط الجلمود الصلد العابس الذي يفقد دغدغة المشاعر .. لا يبالي كثيراَ بهبات النسائم ولا يكترث بألحان الكروان .. والثاني هو ذلك الإنسان المرهف الإحساس ،، المترنم اللبق الذي يرقص مع سحر الخيال !! .. جدل من الفوارق التي تعادل المسافة بين رمضاء الصحراء والواحة الخضراء !! .. ثم ذلك العجب الذي يشرك الكل في مسميات الإنسان !! .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش