بسم الله الرحمن الرحيم
قـــــلاع الأوهـــــام !!
الكل يدرك مقدار الهيمنة .. ومع ذلك فالكل يتراجع ويلتزم الصمت حين يتوفر قدر من المصالح .. خضوع واستسلام رغم بوادر الإذلال .. فهذا العصر هو عصر العجائب حيث تهون ألوان الإهانات حين تكون الإهانة بقيمتها .. فإذا كانت السماء تجود ذهباَ رغم سعة الظلام فلا بأس من الظلام .. والصفعة المدفوعة القيمة قد لا توجع رغم الإذلال .. ولكن عند أهل العزة والكرامة فإن أوجاع الإذلال أشد ألماَ من أوجاع الحاجة !.. وقد ولت تلك الأعراف والمفاهيم التي كانت مقدسة في يوم من الأيام .. ولكن اليوم فإن النفوس قد تعودت الركلات وقد فقدت نخوتها وكرامتها .. فتقبل المزالق والدنايا على مضض ولا تتمسك كثيراَ بالمعنويات .. وأصبحت تلك العنجهيات والعنتريات لا تفيد كثيراَ في عصر تسود فيه السطوة والاحتكار .. ذلك العصر الذي يعطي الحق للقادر بأن يضغط فوق مكامن الجروح بشدة حتى تؤلم الجروح وتدمي .. ويداوم الضغط بغدر حتى يسمع صرخة المضطر عالية .. رغم موجبات الفضائح ورغم علامات العيب والخيبة .. ولذلك نجد الكثير والكثير من تلك القلاع والشموخ في العالم تفقد ماء الوجه !! .. فهي مسلوبة الإرادة تستجيب مقهورة لشروط الجبابرة .. ويا ليت الأمور تتوقف عند حد الإقرار بواقع الأحوال .. ولكن البعض من هؤلاء دون خجل أو مواراة يتفاخر بالمآثر وهو مكشوف العورة تحت هيمنة وسيطرة الآخرين .. والآخرون هنا يمثلون الأسياد في أروقة الرق المكتوم .. وتلك أصبحت سمة في هذا العصر العجيب .. حيث تلك القلاع والمناطق التي تخضع لشروط القهر والجبروت .. ومن مضحكات الأمور أن الكثير من تلك الجهات المغلوبة على أمرها تدعي أنها حرة تملك زمام أحوالها .. وهي في الحقيقة ليست حرة ولا تملك زمام أحوالها .. بل هي مقيدة بشروط الآخرين رغم أنفها .. كما أنها تتوهم حين تدعي قوائم المجد وهي تفقد الأرضيات التي تحقق ذلك الهدف النبيل .. فهي مجبورة مقهورة مقيدة في كل صغيرة وكبيرة .. وعليها أن تواكب الظروف بتقبيل ذيول الآخرين حتى تتمكن من مواكبة الركب العالمي المزعوم .. وحين ينادي المنادي ( أنا ) نقول له لست ( أنت ) بل ( هو ) ذلك السيد المسيطر المبجل .. أما أنت فمجرد ظل يحاكي ذلك الأصل الحقير .. ويشاهد العالم هنا وهنالك تلك الدمى الخاوية المزروعة الفاقدة الأهلية .. والتي لا تحمل الشرف أو العزة حين تمجد الذات أو حين تنادي وتتفاخر .. والناس أدرى بأسرار الهيمنة كما هي أدرى بأسرار الخضوع .. وتلك الهامات المائلة المذلة توجد الأوجاع في قلوب الأحرار في العالم .. وقد اقترنت تلك الصفة المقيتة بالكثير من الجهات .. ولا يجبر الناس على السكوت والصبر إلا الكبت وموجبات السلام والوئام .. كما أن الاستسلام أصبح سيد الساحات حين أصبحت الأسواق مرتعاَ تباع وتشترى فيه ألوان الإهانات والمذلات .. وتلك العروض أصبحت مباحة حين يبيع السيد ذلك الأمن والسلام في مقابل تقبيل بواطن المداس ! .. أو حين يعرض الخبز والغذاء بشروط الإهانة وتقبيل مواضع الأقدام .. وتلك هي أحوال الكثير من الجهات في هذا الزمن العجيب .. وقد هزلت المقامات وماتت النخوة في قلوب الرجال .
ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش