بسم الله الرحمن الرحيم
عثـــرة النــدى !!
العقل قبس يوحي بالاتزان والرزانة .. لماحة لبقة خفيفة بمنتهى الرشاقة .. والسجية براقة بشفافية أجنحة الفراشة .. والضمير ذلك الغارق في لجة الطيبة .. والنعومة والنضار حرير يلامس الأنامل بغير قسوة .. لوحة جمال تتجسد في صورة إنسانة في القوام رشيقة .. الملامح تبدو صارمة تفتقد روح التسامح .. غير أنها مفعمة نشطة حين تتسم بروعة العفو والانطلاقة .. تثير الشجون بحلل المحاسن والأنفاس .. وتحير الألباب بأسرار الفصاحة والجناس .. تملك العمق حين تنطق الحرف وتملك القوة حين تثير الإحساس .. جدل يحير إذا نطقت وقالت وجدل يحير إذا سكتت لحكمة الالتباس .. ونقطة الضعف فيها أنها تلبس البراءة ثوباَ وتنقي السريرة طهراَ ولا تعرف بوادر الإيحاء .. ورغم أنها تمتلك النظرة الثاقبة غير أنها لا تمتلك الجرأة الفاضحة .. تنساق نحو السراب عند مراسيم اللقاء .. فهي تلك العزيزة المغلفة بغلاف الحياء والاستحياء .. تتسامى رقة كالحرير ولا تؤذي مشاعر الأحباء .. كالندى نقطة سلام تلهم المشاعر حين تصفو كصفحة الماء .. وتلك البراءة النافذة تحيط بعينيها حتى تماثل مريم العذراء .. رقيقة عفيفة تحيطها القلوب برحمة الوفاء .. قلوب تريد لها الهناء لتترفل في الأرض كيف تشاء .. وقلوب تريد لها الأذى تترصد الخطوات لتنالها بالطعنة النجلاء .. وتلك الخصائل قد تباينت في الناس وتفاضلت .. أنفس فتاكة تعبث بالبراءة متى ما تخطت سياج الحذر والاحتماء .. وأنفس كالأزهار بريئة تخفي النعومة والرقة بين طيات الألياف .. نيـرة تشف وترق وتتعفف بخصال تعني جمال الأطياف .. ولكنها تتوهم بأن الأرض سلام تخلو من ويلات النوايا والإتلاف .. والتمادي في دروب البراءة غفلة يعني منتهى الإسراف .. ولو فكرت تلك الأنفس في حقيقة الأحوال لأدركت لما تختبئ اللؤلؤة في باطن الأصداف .. فتلك البراءة توحي بأن الأرض سلام ليس فيها إلا طيبة الأعراف .. وتلك غفلة صيد يجهل الصياد وهو يترصد عند حافة الأطراف .. حتى إذا أنفرد البريئ ناله الصياد دون عدل وإنصاف .. فكم من بريء تقتله البراءة بمكر ينهال من فوق الأكتاف .. حينها لا تنفع نظرات البراءة ولا تنفع شفاعة الصيحة والارتجاف .. والندى يفقد الروعة حين يسقط أسفاَ في بؤرة الانحراف .. فكم من قلوب بكت من غدر الذئاب وكانت تظن أنها في ذمة الأشراف .
ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش