بسم الله الرحمن الرحيم
( قصــة قصيــرة جـــدا )
قصــة ليــلة الضــرورة !!
تحدثوا عنها عجباَ : الصغيرة في العمر والكبيرة في العقل .. ما خطت خطوة تعيب السيرة .. ولا تحدثت يوماَ بثرثرة تليق بالصغار .. ولكنها كانت دائما الحكيمة الرشيدة في درجات عالية من نباهة الكبار .. وحين يطيش العقل لدى الكبار ويتعدى أطوار المنطق والحكمة كانت تدير الدفة لتعالج الأخطاء وتصلح الأوضاع .. وفي ذلك كانت تلازم النبع الحكيم الذي يعني قمة الفهم والرزانة .. لم تكمل السادسة فوق العشرة من العمر ولكنها أكلمت مشاوير العشرات في درجات الحكمة والنباهة والذكاء .. جاءت تمشي على استحياء تحت ستار الليل تجعل الظلام سياجاَ تحجب العيون .. وما تجرأت بتلك الخطوة لتطمس صيتها في الأوحال .. ولكنها علمت أن للضرورة أحكام .. ومن يبتغي التبرير فتلك ابنة شعيب جاءت على استحياء تلبي نداء الضرورة حين لبت مطالب الآباء .. خطواتها كانت واثقة بجرأة الفارس المغوار .. ثبات لا يخالطه الارتخاء .. ولا يشوبه التردد .. وهي العفيفة السامية ابنة الأجاود .. التي تمتطي عزة المكانة والمقام .. ابنة الأفاضل أهل الشرف والعز أهل المعالي في الوديان .. أناس يجعلون الأخلاق والصيت مقدساَ لا يقبل الخدش والتجريح والخذلان .. ويتخذون الشرف والعرض مساند جازمة حتى مشارف الأكفان .. وهي في أسارير وجهها تملك تلك الملامح التي تعني الشموخ والرفعة العالية .. كما تملك البلاغة في سرد المعاني والبيان .. تلك الملامح الطاهرة التي تخذل بوادر النوايا الساقطة .. وتخرس الألسن إذا تسولت أنفس بنية هابطة .. إنسانة ذات شخصية سامقة راقيـة .. تخطت كثيراَ مراحل السفاسف .. لتؤكد للعالم بأنها في العفة تعادل مريم العذراء .. قالت سلاماَ أحرفاَ وأبت السلام بالأنامل .. وما لانت قولاَ ولا تراخت ببسمة توجب الشك في المراجل .. علمت بدقة فائقة مكامن الحد والحدود والأوتاد .. فما تعدت بخطوة لتكون في ساحة قيل وقال قد يشعل الزناد .. قالت أبي ينازع الموت والبيت يخلو من الأولاد .. فهبوا جمعياَ حين قالت ونسوا كل أمر كان يخطر في الأذهان .. تركوها خلفهم وركضوا نحو بيتها في نخوة الشجعان .. وتلك لحظات كانت عسيرة على الشيطان .. الذي كان يخطط ليوجد الفتنة وينشر السيرة في الوديان .. ليقول للناس فتاة عند أنصاف الليالي تلتقي بالفتيان .. ولكنها كانت تملك الدرع الحصين بالصيت الحسن بين الأعيان .. ومع ذلك دخلت في حيرة حين أشكلت عليها الأمور في الحسبان .. فإن سكتت تجاري بنود الأخلاق فهي قد تفقد أبيها في لحظة ضعف وخذلان .. وإن تجرأت بخطوة عند أنصاف الليالي فتلك خطوة فيها الكثير من موارد الظن والبهتان .. وقد علمت من قبل أن الفتية يتواجدون دائماَ في طرف الميدان .. فخاطرت بصيتها لتنقذ محبوبا ينازع الموت وقد رجحت كفة الأب في الميزان .. خرجت وكانت تعلم في نفسها أن الخطوة محفوفة بالكثير من معاول الشيطان .. وعلمت في نفسها أن بوادر الخير والمروءة لا تخلو في بني الإنسان .. وما خذلوها حين أقدمت وقد أدركوا أنها ما تجرأت بتلك الخطوة إلا تحت قسوة الضرورة والامتحان .. والمروءة شرط في المسلمين حيث فطرة النخوة التي تنازع في الوجدان .. لم يتكاسلوا ولم يتوانوا ليساوموها بالشروط والأثمان .. ولم يجتهدوا بمعسول الأقوال ليأخذوا منها الأرقام والعنوان .. بل كانوا أفاضل فتيان كفتية أهل الكهف يؤمنون بالرحمن .. فركضوا جميعاَ يتسابقون للنجدة فيا لهم من أفاضل الإخوان .. وبفضل الله تلك صورة حسنة تغلب المجتمعات الإسلامية في معظم الأحيان .
ــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش