بسم الله الرحمن الرحيم
( قصـة ) ولــد وبنـــت !!
هو ذلك الإنسان كان يظن الأمر متاحاً متى ما توفرت الأسباب .. وذلك الظن منه جازماَ أوجدت الأوجاع حين قالت الأقدار .. وليست المعطيات بالظنون والأحلام .. كما ليست المعطيات في الكف حين يشاء المرء .. فهو ذلك المخلوق الذي يرضخ تحت مشيئة الخالق الخلاق .. ولكنه ينسى ويتناسى تلك الحقيقة .. ثم ينتظر الحدث بحسم وشغف فجر كل يوم .. وكأنه يتحكم ويملك ذلك الأمر والقرار .. واثقاَ في مجريات تحدث بها النفس وتحلم بها .. وتغلفها بالأماني والأحلام المفرطة .. ثم ينتظر تلك العلامات والتباشير .. وهو في غفلة الأماني والتيه لا يقر ولا يظن أنه مجرد وسيلة مسيرة وليست مخيرة .. فمرت السنوات عجافاَ ترفض تلك الأحلام .. وترفض أن يقع الحدث لمجرد الأمنيات والرغبة الملحة .. ومع مرور الأيام والسنوات ازداد لديه الاشتياق في البذور التي تحمل السيرة .. وازدادت نفسه شغفاَ في براعم تملأ البيت سروراَ وحبوراَ وفرحاَ .. ولكن ازدادت السنوات طولاَ ومحنة وكئابة والبيت قاحل يشتكي الجدب .. حينها أدرك أن القرار في كف من يهب من يشاء ذكوراّ أو يهب من يشاء إناثاَ .. أو يهب من يشاء ذكوراَ وإناثاَ .. ثم يجعل من يشاء عقيماَ .. فتوجه نحو السماء يرفع الكف بالدعاء .. وتدخلت المشورةَ والنصائح من الأقارب والأصحاب .. فكان لا بد من خطوات توجب الأسباب .. فتوجه مع زوجته يطلب الدواء والشفاء من أهل الاختصاص .. وطرق الأبواب الكثيرة في ساحات الأطباء .. فجاء أمره محيراَ للأطباء والحكماء الذين لم يجدوا ما يمنع الحدث .. ومع ذلك فإن الحدث أبى أن يقع في يوم من الأيام .. وهنالك من أشاروا عليه بالتوجه إلى ساحات الدجل والشعوذة وتلك الأمور المنتشرة في ساحات الجهلاء .. ولكنه كان رجلاَ صالحاَ يتبع نصائح الرسول صلى الله عليه وسلم .. فلم يطرق باباَ خلفه يتواجد من يزعم المنفعة أو المضرة .. فاكتفى بموجبات الأقدار وأصبر النفس على قبول المسطر المكتوب .. وفي مرحلة لاحقة حدثته النفس بأن العيب فيه وليس في زوجته .. فكان لا بد أن يعدل في شأنها ويطلب لها الإنصاف .. فجلس معها يوما في جلسة صريحة مريحة .. فتح لها القلب على مصارعيه وقال لها يا فلانة أنت مخلصة وفية .. والمودة لك متوفرة في ساحة القلب بذلك القدر الهائل .. ولكني لا أريد أن أحجبك من نعمة الإنجاب .. ورأيت أن أمنحك فرصة بالطلاق لعل الله يرزقك بذرية تقر بها عينك .. فأدمعت عيونها وبكت .. وقالت ما كنت ناقمة يوماَ على قدر من أقدار الله .. وذاك قدر من الله يطلب منا القبول والصبر .. ولكني اقترح عليك أن تتركني في حبلك وأن تتزوج لعل الله يرزقك من أخرى .. وبعد حوار طويل جاد فيه الكثير من الحكمة استطاعت أن تقنع الزوج بتجربة الزوجة الأخرى .. وتلك التجربة كانت تريدها النفوس لمجرد الخروج من دائرة الملامة والشك التي تجري في الأعماق .
بحثت معه عن الزوجة الجديدة .. ووقفت بجانبه حتى تمت مراسيم الزواج .. فأعدل الزوج في الليالي .. وأنصف حيث العدل الذي يعدل الشق يوم القيامة .. فجاءت التباشير تنهمر كالسحب المحملة بأمطار الرحمة .. حيث علامات الحمل التي بشرت عن الزوجة الجديدة .. ففرحت الزوجة القديمة فرحة فاقت فرحة الزوج نفسه .. ثم أحست بشئ في أحشائها فأخذوها للفحص فإذا هي أيضاَ تحمل البشرى !! .. فنزلت رحمة السماء منهمرة على قلوب كم كانت ظامئة .. وتلك أفضال الله تتلاحق حين يشاء .. فهو يزرق من يشاء بغير حساب .. انتظرت الأسرة الحدث السعيد بفارغ الصبر .. فجاءت البشائر تتوالى حين ولدت الأولى بولد وفي نفس الليلة ولدت الجديدة ببنت .. ( ولد وبنت ) في لحظة رحمة من السماء .. صيحة لصبي وصيحة لصبية عادلت في فرحتها كفة الدنيا .. وأوجدت السرور والحبور في بيت كان يحن للأطفال .. وفي لحظات جرت دموع الفرح في تلك الأحداق التي اشتاقت لأصوات البراعم .. وتلك مياه السعادة بالبنين زينة الحياة الدنيا تتدفق منهمرة لتسعد قلوباَ ظمئت كثيراَ .. فما أعذب وأحلى مذاق المياه بعد مواسم الجدب والظمأ !! .
ساحة النقاش