بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحيـاء ثــوب الجمـال في الإنسـان !!

الشمس هي التي تملك الجرأة وتملك الإقدام .. وتملك ذاك التحدي المجاهر الناصع .. تقول سيرتها حين تشرق ولا تتنازل حتى لحظة الرحيل  .. فهي دائماَ تجاهر بكبريائها ..  ولكن هنالك من يبتغي ويعشق انهيار الليل ليتوارى بالأسرار .. أفئدة كأسماك الأوحال لا ترى إلا في الضباب .. والأضواء تخيف وتبكي أنفساَ تعودت الظلام .. إذا قيل لها تعالى إلى خطوط العدالة نادت بأنها لا تريد أن تسمع المقال .. صيحات تهدر سداً كأنها مبذولة لأهل القبور .. فالبعض لا يري جيداً إلا في الظلام .. وتلك شيمة الضواري التي تسكن الليالي .. تقتلها الأضواء والحقائق .. والظباء لها قصتها مع الحياء .. تلك الظباء العزيزة العفيفة يزعجها الشك في النوايا .. فهي متى ما تواجدت في المروج الخضراء إلا وخيال الذئاب تتوارى لها خلف الظلال .. والتاريخ يتردد خجلاً حين يبوح باللحظة الأولى لحياء الإنسان .. حين ترقى في السلوك والمقام .. تلك اللحظة الأولى التي أزعجت الظباء قليلاَ .. حيث الشك في المسار والنوايا .. تلك اللحظة القاتلة التي تحول فيها اللفظ الصريح ليكون سراَ يوشوش في الآذان  .. عندها تعلمت الظباء بفطرتها لأول مرة بأن النوايا أصبحت مقدسة غير تلك المعهودة  .. وأن هناك قفزة راقية لسلوك الإنسان .. وعلمت الظباء أن الإشارات والتلميح تعني الخصوصية المقدسة في الشأن   .. وتلك كانت النقلة الجميلة في مسار الإنسان عبر التاريخ  .. وقد فقدت السيرة تلك الصراحة المباشرة المعهودة في حال الرغبة لإحداث الحدث .. فلا يجوز تداول السيرة بالوضوح الفاضح كما هو الحال في جرأة الشمس .. إنما هي تلك المقدمات من الهمس والوشوشة في الآذان .. أو تلك الإشارات والتلميحات بالعيون ..  وحتى ولو كان الأمر هو ذلك المتاح الحلال الصريح في المعية الخالية من العيون فإن الطقوس ترفض القول الصريح المباشر في أي حال من الأحوال .. ومجرد النظرة بحيثيات معينة تعنى الفكرة المرادة للأطراف  .. وذات البين في عالم البشر لديها إشاراتها وتلميحاتها الخاصة .. تلك الإشارات الرمزية المقدسة التي تفهمها أطراف الوفاق ..  فتظل تلك الإشارات والتلميحات بمثابة الشفرة للجانبين طوال الحياة ..  وعادة تختلق تلك التلميحات والإشارات حسب المجريات الأولى التي يتم بها الحدث الأول  .. فإذن للناس خصوصياتها وإشاراتها حين تريد .. وقد مضى أزمان اللفظ المباشر الجارح ..  وخاصية الاستحياء أصبحت فطرة كامنة في سلوكيات البشر .. تلك السلوكيات التي لا تماثل سلوكيات الحيوان عند الإفصاح  ..  وجرأة الشمس قد تكون جارحة لكبرياء الإنسان في الكثير من الأحيان .. ولا يدري أحد السر المكنون في ذلك .. فبالرغم من أن المرحلة طبيعية إذا تجردت النظرة من عوامل الحياء الفطري .. وتجردت من عوامل الاجتهاد بالسلوك الحضاري والأتوكيت  ..  إلا أن الإنسان يستحي من القول الصريح حين يريد .. ويكتفي بالإشارات والتلميحات .. تلك الإشارات والتلميحات السريعة المفعول .. وقد يفسر البعض بأن ذلك الأسلوب في التناول هو من أدبيات الإنسان الحضاري عندما أراد أن يتميز بنوعية من الرقي العالي الذي يبعده عن سلوكيات الحيوان ..  وبدأت الدرجات تأخذ مؤثراتها السريعة الفعالة في مفهوم التقديس الإنساني للأمر  .. والإنسان مهما كان في مراحل العمر صغيراً أو كبيراَ فهو يدرك المعنى الذي يتناول السيرة بمجرد التلميح أو الإشارة بسرعة كبيرة وعالية .. ولا يجتهد بالسؤال الغبي ليعرف المراد .. بالرغم من أن الإنسان هو ذلك المخلوق اللحوح الذي يخوض في معرفة الكثير من الأمور .. يستفسر ويسأل ويتحرى وينقب دون حرج أو حياء .. ولكنه حين يتعلق الأمر بذلك الجانب السري المقدس فإنه يكتفي بالتلميحات والإشارات .. وذلك المعيار مفقود كلياَ في عالم الحيوان فإنها ترى السيرة عادية لا تجلب الحياء ولا تتطلب ما يستوجب الإنفراد .. ولا تجتهد بالابتعاد عن أعين الآخرين من الحيوانات أو البشر .. والإنسان هو الذي أوجد سياج الحياء في مرحلة من مراحل التطور والرقي .. وربما كانت الأمور عادية لدى الإنسان البدائي ولدى الإنسان في العصر الحجري ولدى إنسان الكهوف والغابات .. كما هو الحال لدى الحيوانات .. ونلاحظ ذلك في حال اكتشاف القبائل البدائية التي تترحل إلى العصور الحديثة في غفلة من التاريخ .. فنراهم في جماعات غير عابئة بضروريات الحياء في أجسامها أو في سلوكياتها .. مما يؤكد أن مراحل الحضارة الإنسانية هي أوجدت سياج الحياء والاستحياء .. فتلك مرحلة من الرقي الإنساني الحضاري السامي ..  ونعم الحياء ذلك الحياء في الإنسان .. وبالرغم من أن السيرة أصبحت اليوم في بعض المجتمعات المنحلة غير تلك السيرة العالية المستحبة  .. فهنالك الموبقات الكبيرة المهلكة المكشوفة الفاضحة .. التي اكتسحت ساحات عالم موهوم يدعي الرقي والحضارة .. تلك العوالم التي تدنت بأهلها في الحضيض .. وتلك المظاهر تخلو من الحياء والاستحياء .. حيث الدناءة والفحش والموبقات التي تتبرأ منها الحيوانات ناهيك عن الإنسان الذي يفترض أن يكون ذلك المخلوق السامي الراقي العالي المقام . 

ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 252 مشاهدة
نشرت فى 31 مارس 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

801,231