بسم الله الرحمن الرحيم
عيــوبنا تحــت المجهــر !!
النوازع في نفوس الناس أصبحت غير عادلة .. فهي أصبحت ميالة للعداء في الصالح والطالح .. تلك الصفة التي مثلت سمة مشينة في تعاملات الشعوب لدينا .. والتحدي البيني قائم في الساحات المختلفة فقط لإثبات الذات في كسب جولات النزاعات .. وليس لإيجاد الصالح العام الذي يطال الجميع .. واختفت من قواميس الناس معاني نكران الذات تلك التي كانت سائدة في الماضي .. والتي كانت تعني التضحية وتعني الإصلاح .. وتعني البلاد قبل الذوات .. وهذا العصر أفرز مصطلحات تجلب العجب .. فالصديق هو الذي يوالي مطلقاً في حالات الحق والباطل .. والعدو هو ذلك الأمين الصادق الذي يتحرى الصحيح وينصح بالسليم .. أنهر من التناقضات التي أهلكت الساحات وأنهكت عجلات التقدم في معظم البلاد .. والعالم من حولنا يرتقي ويتعامل بالسلوكيات الحضارية الفعالة العالية .. حيث تظل الخلافات الفكرية والسياسية والعقائدية قائمة دون أن تفسد للود قضية .. ولكن لدينا في ساحاتنا تلك الخلافات تعني العداء المفرط القاتل .. وتعني الحروب والدمار والترصد ليلاً ونهاراً .. والشخص الآخر يدخل في خانة الخصم اللدود متى ما يبدي رأياَ أو فكراً مغايراً .. ومتى ما تواجد مخالفاَ في خندق من خنادق الآخرين فهو ذلك المطارد المنبوذ .. والغايات لدينا تبرر الوسائل دون الحساب للعوامل الأخلاقية ودون الحساب للمظاهر السلوكية الحضارية .. فلا يهمنا كثيراَ أن ينهار كل العالم من أجل أن نكسب قضية تنافسية .. حتى ولو كانت تلك القضية هي تلك الباطلة المهلكة الضارة مائة في المائة .. نحسب النصر والانتصار حين نكسب الجولات التنافسية .. حتى ولو كانت جولات النصر تلك فوق جماجم الأطفال والنساء والشيوخ .. فتلك المهلكات الكبيرة نحسبها من الأطايب التي تفضلها نفوسنا وقد تعودت مناظر الدماء والدمار .. فأصبحت النفوس ساقطة لا تعاف الموبقات .. ولا تخجل من أفعال الدرك والمهابط .. تلك الأفعال التي تهبط من مقام الرجال .. والكل فيه جملة من النواقص الكبيرة .. ومع ذلك فالكل يحسب النفس في أوج الكمال والعقل والإدراك والعلم والفلسفة والأحقية .. ويحسب في الآخرين الجهل والعداء والغباء .. والساحات بالجملة المحيرة تفقد الحكماء والعقلاء الذين يديرون الأمور بالوجهة السليمة .. ويوجهون الناس بالإصلاح والبناء والتعمير .. ولا يحرضون الناس بالقتال والاقتتال والدمار .. ويندر فينا من يقر بالأخطاء في ساحات التجارب ويتنازل لأهل الصواب .. والذي يوجد في النفوس المزيد من المرارات والحسرات موقف بعض الرموز المؤهلة المثقفة في بلادنا .. حين نرى سلوكياتها وتصرفاتها تلك الساقطة الهابطة .. تلك الخالية من علامات الثقافة والمقام العالي .. يتحايل أحدهم في غفلة من الأعين ليصل لمكانة سلطوية .. أو يتحايل حتى يتمكن من الوصول إلى عرش من عروش المصالح .. تلك المصالح التي تهم حياة الشعوب .. ويتلاعب بمصائر البشر دون رقيب عليه من جهات عليا مؤهلة بالرقابة .. ودون فئة ناصحة قادرة على اجتثاث تلك الشجرة الخبيثة من فوق الأرض .. يتلاعب بمصائر الأجيال على هواه كيف يشاء .. ونحس في كل خطواته نوعاَ من الحقد الدفين .. كما نحس في تصرفاته نوعاَ من أمراض مركب النقص .. حيث يريد أن يمتلك الساحات لمصلحته الخاصة وليس للمصلحة العامة .. نراه بمنتهى الدناءة والحقد المدفون في أعماقه يحارب المؤهلات العالية التي تنافسه في الساحة وتتفوق عليه كثيراَ .. ثم نراه يتعمد بالتضييق عليهم والمحاربة والكبت والعمل ليلاَ ونهاراَ لتهجير الآلاف من الكوادر العالية لخارج البلاد .. تلك العملات النادرة من أبناء جلدته حتى تكون الساحات متاحة مرتاحة له ولأعوانه .. ويضع القوانين والنظم والتعاليم والإجراءات الظالمة المظلمة الحاقدة أمام الأجيال الشابة المؤهلة .. وذلك حتى لا تستقر تلك المؤهلات القيمة النادرة الفاعلة تحت عينه وتخدم بلادها .. بل تهاجر مرغمةَ وتبتعد عن أراضي الأوطان .. ليتوفر في الساحات فقط الضعفاء الذين يفقدون الحيلة .. كما يتوفر ذلك النوع الممقوت المكروه من الأعوان والسدنة ليكون هو السيد المطاع .. لقد طال تواجد تلك الرموز الحاقدة في الساحات كثيراَ .. والنفوس بدأت تمل من تصرفات تلك الأيدي المتسلطة المتسلقة الغادرة .. فهي قد أصبحت تلك الممقوتة المكروهة في أنفس الناس .. مراكز قوي تمثل بؤر الفساد وتمثل حالة من القمع والديكتاتورية الممقوتة المفرطة .. والبون شاسع بينا وبين العالم المتحضر من حولنا في السلوكيات وفي الممارسات وفي القيادات .. ابتلاء أصيبت به الأم والشعوب .. والخطوات دائرة مسرعة بالارتداد والتراجع .. حيث توقفت عجلات التقدم والتعمير والبناء في معظم أوطان الساحات .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .
ـــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش