بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

( قصــة )

الخطيـئة تقتـل البريئــة    !.!!!!!!!

              طائر الليل يتخذ الظلام ستارا لينادي في جوف العتمة .. يرانا من حيث لا نراه .. تعود أن يلبس الظلام وشاحاَ .. وتعود أن يتفادى مظاهر الضياء .. وذاك الصوت منه يأتي من العمق البعيد .. حاداَ يشق عباب الليل ويرسل القشعريرة في الأبدان  .. يزعج الصمت كثيراَ ويفضح ستار الليالي ..  ليقول للناس أنا ما زلت هنا .. وهناك يد الإنسان .. النهار زيف يغطي عيوب النفوس والليل يشهد أكبر الكبائر في جنحة الظلام .. والطائر هو ذاك الجدل الذي يواكب الأحداث ..  وهو الذي قد شهد التاريخ بكل محتويات الكتاب .. ويشهد الحاضر حيث الأقلام تجري بالحساب .. والآتي هو ذاك الوجل الذي يتصدى بعلامات الحدس .. وحدس الطائر لم يخيـب يوماَ .. حيث تجارب صاحبت العمر والسنين .. هناك رأي الكثير .. وسمع الكثير ..  رأي الذمم تباع في جوف الليل وتمثل سلعة فوق الأرفف .. ورأي الدماء تخضب الليل والصمت بوشاح الاحمرار  .. ورأى الكثير من أرواح بريئة تصعد للسماء .. هناك حيث تموت المظلمة مكتومة الأنفاس .. وحيث لا عين ترى ولا أذن تسمع .. بل براءة تصعد نحو السماء وهي تنادي وتستغيث .. ولا حياة لمن تنادي .. وتلك الليلة كانت سواداَ شابهت أخرى كثيرة في غابر الأيام .. وطائر الليل كان شاهداَ دوماَ حتى أدمن صيحات الموت في الظلام   .. وشهد كثيراَ مصرع الضمير اختناقاَ وصمتاَ  ..  وذكرياته مليئة بالجروح حيث يشتكي من نحول الجسم من كثرة الأهوال .
          .أيها المفترون بحجة الضمير .. كيف أصبح الضمير لديكم بذاك المقام ؟؟ .. أيها العابثون في ظلام الشبهات .. أنتم أدرى بما اقترفت ميامينكم من الخطايا ..  الليلة تدعون الصلاح وكنتم أبعد الناس عن تلك الفضيلة  ..   فجأة نرى الضمير فيكم أصبح حجة زائفة تبررون به فعلة شنعاء   .. وتلك الغيرة فيكم لم تكن يوماَ نصرةَ لدين .. وأنتم أبعد الناس عن الدين ..  ولم تكن حماية لعرض كما تدعون .. العرض ذاك الجدل الذي لم ينال منكم يوماَ المقام كما تزعمون  .. بل كنتم أسرع الناس في هتك أعراض الناس البريئة .. والليلة نراكم وقد لبستم ثياب الأنبياء لتدافعوا عن الفضيلة .. ولكن نعلم علم اليقين أن الحقيقة غير ذلك .. ففي قرار أنفسكم تلك الدنيئة تخشون من سيرة تلطخ صفحاتكم   .. تخافون ألسن الناس ولا تخافون من ألسن النار .. وتلك صفحاتكم مزيفة تظهر بياضاَ وهي في جوهرها سوداء كالحة .. و كل سطر فيها يحكي قصة ملطخة بالموبقات وهتك الأعراض  .. وكل صاحب منكم في صفحته كبائر الموبقات والفواحش .  
         .اجتمعتم الثلاثة في تلك الليلة ..  والنية مسبوقة بفعلة شنعاء .. حيث إنسانة بريئة براءة الملائكة تبعت خطواتكم نحو المجهول .. وأنتم تخدعونها بالنية .. والبريئة كانت في عمر الزهور .. عرفت شغف الأنوثة قبل أيام فقط  .. ولم تعرف بعد معاني الخطوط المحظورة بين العيوب وبين الفضائل ..
 ولم تتخطى بعد مرحلة الطفولة لتعتب مرحلة الكبار  .. إنما هي في برزخ بين طفولة وأنوثة  ..  وهي تمثل لحظة بريئة ما زالت بعيدة عن مراتع الشيطان .. ولكن التقى بها ذئب من الذئاب .. ثم كانت تلك القصة القديمة الجديدة عندما خدعها .. وأخذ منها أعز ما تملك .. ثم تركها في غياهب الظلمات بعد أن أوجدها امرأةَ .. وهي ما زالت قريرة لا تدري الفرق بين الخنصر والبنصر .. والبراءة والسذاجة جعلتها تقع ضحية وفريسة في براثن كلب ضال   ..  وعندما دارت الأيام لم تسكت الخلايا في أحشائها .. بل بدأت تتقاسم وهناك علامات إنسان جديد .. وعند ذلك بدأت تفوح السيرة وتبكي الأخلاقيات ..  والسيرة ما زالت بعيدة عن الأعين إلا تلك القليلة القريبة  .. ثم كانت المؤامرة الكبرى .
              تلك الليلة وطائر الليل يشهد وينادي كعادته بحسرة وندامة .. هم الثلاثة يمثلون الأرحام لها .. قادوها خلسة نحو المجهول ..  ثم أخذوها بعيدةَ بعداَ يحجب الأنظار ويعزل الأسماع .. في قفار خالية من بشر وشجر .. وكانت البريئة في براءة الحمل الوديع ولا تدري ما ينتظرها من مصير .. بل تبعتهم ببراءة السريرة .. وجعلت الأمان في أهل يظن فيهم الخير  . 
             أيها الطائر أيها النائح بصوتك الجهور كفاك النداء .. وقد أبكيت العيون .. وأرعبت الليل وأذهبت عنها حياء الصمت  .. فتلك الطفلة البريئة علمت بالنوايا في اللحظات الأخيرة ثم بكت  .. ثم كان الرجاء منها أن يرحموها .. وتأملت الرحمة في قلوب لا تعرف الرحمة .. ثم أمسكت بأرجلهم بأناملها الغضة وهي ترجوهم أن يتركوها وشأنها .. فلم تجد فيهم قلباَ رحيماًَ يذهب روعها .. بل كانوا قساة كالحجارة .. ثم فجأةَ أطبقوا الكف على عنقها ثم منعوها من نعمة الحياة .. حجبوا أنفاسها تلك الأنفاس التي بعضها بقي في صدرها  وبعضها توقف عند حنجرتها في ذهول .. وفي تلك اللحظة صعدت روح بريئة طاهرة نقية إلى عالم السماء .
            تلك هي القصة أيها الطائر الحزين أما الباقي فأنت به أدرى .. حيث أعقب الأحداث صمت الليل المخيف والليل قد مل من تكرار الحدث في جوفه .. أما أنت يا طائر الليل فتلك قصة جديدة ,, وكم  وكم من قصص مماثلة قد أوهنتك وأسكنت الأحزان في صوتك .. والذي يؤلمك ويؤلم الزمان والأفئدة أنه في تلك اللحظة التي شهدت موت تلك البريئة كان هناك في مكان ما ذئب يترقب لينال من فريسة جديدة .   

 

ــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 225 مشاهدة
نشرت فى 3 إبريل 2013 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

765,534