بسم الله الرحمن الرحيم
قـف يـا هـذا قليـلا ؟ .؟؟؟؟
قال حكـيم :
ركضت خلف الدنيا فركضت مبتعدة .. ولما توقفت عنها أقبلت تريد الملاحقة .. فأدركت حينها أنها مخادعـة .. فهي تلك اللعوبة الشاردة الواردة .. التي تجيد فنون المراوغة وتنتشي بمحنة المغازلة .. وتكره الزهاد الذين ينتفضون الأيدي عنها .. وتحب الذين يسبحون في فلكها وفي مدارها ليلاَ ونهاراَ .. حتى تمكر عليهم بحيلة الغفلة ثم تتمكن .. فإذا تمكنت نالت مرادها وخاب مسعى من يغازلها .. وهي إن أشارت بِأمان فأعلموا ِأن الدنيا لا أمان لها .. فلو كانت لأحد بالوفاء لكانت للسابقين من خلق الله .. إنما تخادعهم يوماً بعد يوم حتى توردهم ساحة الهلاك والنهاية تلك الأكيدة حفرة تمثل القبر .. وقد علم الإنسان بالفطرة حقيقة تلك الدنيا يوم مولده .. فهو يقدم مستقبلاً الدنيا بالصرخة الداوية .. وتلك صرخة تحذر من المكابدة في مستقبل الدنيا .. ذلك البرزخ الهالك ببداية ونهاية .. وهو غير برزخ الآخرة .. وهي إذا أضحكت أحداَ فأعلم أنها تضحكه لمكيدة .. وإذا أبكت أحداَ فأعلم أنها تبكي لأنها أصدقت القول .. فتكذب في مواضع الفرحة وتصدق في مواقع الآلام .. ما خرج منها أحد إلا خالي الكفين كما قدم إليها أول مرة .. فلو أنفقت الدنيا على أحد بأموال قارون إلا وقد استردت عطاءها ليخرج منها عارياً كما قدم إليها عاريا .. ولو علم العاقل تلك الحقيقة ما ركض خلف الدنيا بشغف يجلب الغفلة والشقاء .. ولا نام لحظة مطمئناً من بواتق المحن والابتلاء .. وما جاءت الرسالات السماوية إلا محذرة من فتنة الدنيا ومفاسدها .. ومبشرة بآخرة هي الحياة لمن أتقى .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش