بسم الله الرحمن الرحيم
( قصــة ) قــد تقــع المعجــزة
؟..؟؟؟؟؟؟؟؟
الفراغ الممتد لا يحده حد .. إنما يموت عند نهايات الأفق .. والحقيقة هو لم يمت إنما العين هي التي عجزت عن مواكبة المسافات البعيدة .. وبنفس القدر فالعمق في المشاعر كثيراً ما يشلل التفكير عند ناصية معينة ثم يتوقف العقل .. ثم بعد ذلك الاتهام بالمس والجنون .. وذلك العقل هو مظلوم لأنه اجتهد ولكن محتويات التفكير أكبر من سعة وطاقة العقل .. وهكذا يرى صاحبنا القصة برمته .. تلك القصة التي تمثل نموذجاً يتواجد حيث تتواجد الحياة والمجتمعات .. وهو رجل الآن يقف عند طرف الصحراء .. ويفكر في نقطة يعجز أن يتخطاها بالنسيان والنكران .. كما أنه لا يستطيع أن يتجاوزها دون أن يراجع النفس بتعمق شديد .
وإذا اختصرنا المسافات والمعالم نجد أنفسنا ذات يوم نقف عند أسرة من زوج وزوجة .. في بيت فيه كل شئ من لوازم الحياة إلا حاجة في نفس الأبوين .. ذلك البيت الذي اكتمل من النواقص .. ومثل عشاً لقلبين التقيا على المحبة والتآلف .. فهو على قدر عالي من الثقافة والدراية .. وهي كذلك تملك مؤهلات أكاديمية عالية .. وتلك سمة إذا اجتمعت في قوالب العقلين تؤدي إلى نوع من الابتكارات والاجتهادات .. إلا أن تلك الاجتهادات قد تضر في بعض الأحيان .. ومن هنا تبدأ قصتنا .. في بداية الطريق كان النقاش يدور بين الزوج والزوجة في الأوليات .. وفي المسار والكيفية التي سوف يديرون بها مركب الأسرة في المستقبل .. فساقتهم الحجة والمنطق الأعوج إلى خطة هي ما كانت موفقة .. فكان قرارهم تأجيل الإنجاب إلى أجل بعد خمسة عشر من السنين .. والحجة لديهم في ذلك أن هناك أوليات للأسرة أهم في رأيهم من الإنجاب والأطفال .. ومرت السنوات حسب الخطة .. وعندما دقت اللحظة كانت المفاجأة الكبرى .. وكانت الصدمة العظيمة .. فالأمر ليس في أيديهم كما كانوا يظنون .. بل هناك أقدار لها دورها يجب أن تحترم وتؤخذ في الاعتبارات .. فالمشكلة أصبحت في عقم أسبابه ترياقات منع الحمل التي دامت تلك السنوات .. وتناولها دون استشارات طبية معتمدة .. يجانب علل كانت في الإمكان علاجها وإدراكها في حينها إذا بدأ البحث عن الإنجاب .. إلا أن تلك السنوات العجاف والإهمال قتلت كل الاحتمالات والآمال .. فكان قرار الأطباء أن لا فائدة من المحاولات . والآن البيت يشتكي من عدم الأطفال .. وأصبحت نفوس الأبوين تتوق إلى صوت صغار يملأ الأركان .. ورويداً رويداً أصبحت الرغبة في الإنجاب لديهم هي الشغل الشاغل .. فطلبوا المستحيل لتحقيق تلك الرغبة الجامحة .. فسافروا شرقاً وغرباً يطلبون العلاجات .. ولكن خابت كل المساعي .. والإشارات كلها تلومهم على التأخير في البحث عن الولادة في الوقت المناسب ..
قالت له ذات يوم أنا وأنت قد أخطأنا التقديرات في مشوارنا .. والآن نحن ندفع ثمن ذلك الخطأ .. ولكن لا بد أن نواجه الحقيقة مع مرارتها .. فأنت ما زلت تملك الفرصة في تحقيق رغبتك في الإنجاب .. أما أنا فقد انتهى أملي .. وعليك أن تبحث مع أخرى من الزوجات .. فانفجر باكياً وقال لها ما كنت يوماً ذلك الجاحد الذي يفر عند المحن .. ولو كان قدرنا أن نكون بغير إنجاب فنحن يجب أن نكون سوياً نمسك الأيدي حتى نجتاز المنحنى .. ولكنها أصرت في موقفها .. بل بحثت له زوجة بنفسها .. ودارت الأيام فإذا بالبشارات تبشر ذات يوم بأن الزوجة الجديدة حبلى وتحت مراقبة الزوجة القديمة .. والتي كانت تحرص بشدة متابعة مجريات ومراحل الحمل .. وذلك تحت إعجاب الكثيرين من الأقارب والزوج والزوجة الجديدة .. وعندما دخلت الزوجة الجديدة في شهرها الثاني من الحمل .. كانت الملاحقة والمتابعة والحرص من الجميع بما فيهم الزوجة الأولى .. والتي اشتكت ذات يوم من آلام عادة كانت تشتكي منها في الماضي عند حلول دورتها الحيضية .. إلا أن الآلام هذه المرة زادت عن حدها .. مما استلزم منهم مراجعة الطبيب .. وهناك وقعت المفاجأة الكبرى عندما بشرها طبيبها بأنها حامل وأنها في شهرها الثاني .. وتلك لحظة نزلت فيها ملائكة الأفراح والسعادة إلى الأرض لتشارك الأسرة أفراحها بالجملة .. ثم مرت شهور الحمل ووضعت الزوجات في نفس الشهر .. فوضعت الزوجة الثانية بأسبوع قبل الأولى .
قام الزوج وصلى لله صلاة شكر وحمد .. ثم أرادت نفسه أن تنفرد فخرج .. فانطلق بسيارته حتى وصل نهاية العمران وأمامه الصحراء الواسعة الممتدة .. فجلس هناك على الأرض وحيداَ يفكر في القصة من بدايتها لنهايتها .. وعيونه بها آثار دموع الفرحة .. ثم تشردت تلك العيون ونظرت في الأفق البعيد .. وفي أعماقه يقر بأخطاء المخلوق عندما يحاول أن يتخطى المقادير .. كما يقر بأفضال الخالق الذي يعلم السرائر ثم يعطي عندما يريد .. وعند ذلك سجد لله سجدة طويلة فيها الشكر والحمد .
ـــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش