بسم الله الرحمن الرحيم
( قصـة ) الغـريق الـذي يخشـى البــلل ؟...؟؟؟؟؟؟
سنوات .. حتى كلت السنوات في مجاراته بالمواساة والتكرار .. والقلب يصر على ظبية هي بـدر أنار الفؤاد .. ولا يريد أن ينسى أو يحاول الفرار .. تلك ظبية ملكت أحلامه وعاشت في خياله بأحلى الذكريات .. غير أنها لا تدري به لأنه لم يلمح لها يوماً أو يرسل لها العنوان .. فهي لا تدري بوجوده في جملة الأعيانأكملت النفس حيلتها .. ولم تخرج إلا خائبة من كل محاولة .. والعلة في ذلك أنها تحب ولكنها تستحي بشدة .. ولا تملك الإقدام والشجاعة لتبكي جهاراً .. منذ عهود وهو يتجول في سواحل الأشواق .. ولا يتجرأ ليجتاز ذاك البحر .. والنفس تحذره بأن ذاك البحر عميق وأمواجه قاتلة .. وتياراته عاصفة لمن لا يملك السابقة في غور البحار .. حديث نفس لا تثق في الخطوات .. وأحلام ضعيف لم يجرب من قبل منابر الأسرار .. سار في دروب الخوف منذ .. فكيف تدري به وهو لم يكن يوماً قد أشار لها بالبنان .. غائب هو في قواميسها .. والاسم والرسم عندها مفقود عند البيان .. ساحل يحب ويتوق ويشتاق ويحلم .. وساحل يملك البراءة من كل لوم أو عتاب .. ومن يلوم قلباً غير مولود وموجود إنما يلوم الهوى بغير برهان .. وهو كعادته يجول في رحاب التوهان .. يلوم النفس تارة ويلوم القلب تارة لأن القلب هو سبب الأحزان .
رأته من بعيد غجرية قارئة كف .. ثم أشارت إليه بالاقتراب .. عرفته من تردده وعرفته من تخاذل الخطوات .. أقدامه تشتكي من كثرة الاضطراب وعنقه يشتكي من كثرة الالتفات .. أتى إليها والنفس تجادله بالاستحياء .. فطلبت منه أن يمد كفه فأطاعها ومد لها الكف دون رفض أو امتناع .. نظرت في الخطوط ثم نظرت من جديد .. فقالت ويحك يا هذا أرك تحمل أثقال الجبال .. وكلك يشتكي من كثرة الترحال .. أتخاف الأعماق أم تخاف الأمواج .. وكيف يجتاز البحر من لا يملك عدة الإبحار ؟؟ . تقف السنوات في ساحل ليقبل إليك ساحل وأن تدري جيداً أن السواحل لا تلتقي إلا بالمعابر والجسور .. وأنت ليس بذاك البطل الجسور .. ولماذا لا تتجرأ وتسمح للعيون بأن تبوح بما تريد ؟؟ .. فقال لها : هناك آخرون من الحواس .. وكل يريد البوح بما يريد .. فلو سمحنا لها لعمت الفوضى ساحة التنزيه .. فقالت يا هـذا !! ( أكلك في المنام لا يقنيك عن الطعام ) .. أنت غارق في عمق غرام ثم تخشى طوق النجاة !! .. وتلك لعمري من أعجب ما تناولته خطوط الكف بالقراء .. كم من كفيف ينتظر الحظ فيأتي الحظ لديه فلا يدري به حتى يرتحل .. وكم من قلوب تقف في السواحل تنتظر قلوباً وخطوة كانت كفيلة بأن تلتقي .. ولكنها لا تلتقي حتى ترحل قاطرة الأعمار .. وتلك محنة من يعيش الحزن وحيداً في ظمأ ويريد أن يشرب من كفوف الآخرين .. يا هذا أنصحك بأن تعود للبحر وأن تجتهد في الاجتياز .. ولا تخشى من الغرق وأنت تمـوت منذ سنوات .. وما حالك بأفضل من ميت ينازع الرمق في كل اللحظات .. فقال لها : قد يكون الساحل قد نال منه محظوظ وأنا لا أريد الانتحار .. فنظرت في الخطوط من جديد .. ثم نظرت وبصرت .. فقالت له ويحك أسرع فهناك من يقف عند الباب !! .. والكف يفقد الجرأة في تحدي الأخطار .. ولا يستطيع الخط أن يجادل في قوة الأقدار .. فهي قد تكون لك أو قد تكون لذلك المغوار .. ثم تنهدت وأطلقت حرية الكف بإصرار .. تاركة الساحة له أكثر قتامه وسواد . وهو ما زال كعادته يقف حائراً يراقب ساحلاً هناك .. وهناك علامات في الآفاق بإعصـار .. فلا تملك الغجرية ترياقاً لمن لا يملك الإقدام .. ولا يملك الطب دواءً لداء ينازع في الأحلام .
ــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش