بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
بيــن الناريــن !!
هي قصة تشابهها حقيقة في الواقع كثيراً .. وتحدث في مجتمعاتنا حيث التقاليد والعادات والأعراف .. وبطريقة مقدرة في الأزل يلتقي الوجهان .. ثم يتوافقان على المضي في الحياة سوياً .. وهكذا القرار عادة بين طرفين دون رأي الآخرين .. وهو قد وافق بها كشريكة حياة .. وقبلت هي أن تكون الطرف الشريك .. والمبررات كثيرة .. بعضهم باسم الحب .. والبعض باسم التوافق .. والبعض له ما له من المبررات والحجج .. ثم يتقدم لأهلها طالباً يدها على السنة والشريعة .. ثم تبدأ القصة من هناك .. أهلها أو أهله يمتنعون ويرفضون وحجج لهم كثيرة .. ومبررات قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة .. ولكن في النهاية الإصرار من البعض على عدم القبول قد يكون هو السائد ..
قالت لأهلها أنها لا ترغب في غيره .. ولا تريد حياة مع آخرين .. وأصرت ثم ألحت على التمسك بمن تقدم لها طالباً يدها .. أما أهلها فتحت إصرارها قاموا بواجب التنقيب والبحث عن أصل وفصل المتقدم للزواج من ابنتهم .. ثم توصلوا على معلومات تؤشر على سوء وضيق أخلاق ذلك المتقدم .. ثم شرحوا لها وأفاضوا في البيان .. ولكنها لم تقتنع .. وواصلت على إصرارها بل ذهبت إلى أكثر من ذلك فقد هددت بقتل نفسها إذا لم يوافقوا بالزواج منه .. وتحت إصرارها وضغوطها رضخوا لأمرها .. ولكن اشترطوا لها أن تأخذ العواقب فيما بعد بنفسها .. فقبلت بالشروط .. ثم طلبوا منها أخيراً أن تتراجع وتأخذ نفساً وتبحث بنفسها عن خفايا طبائع العريس المرتقب .. ولكنها كانت أعمى في قرارها .. فلم تتراجع قيد أنملة .. ولم تصدق حرفاً عن تلك المنسوبات المعيبة في شريك حياتها وفارس أحلامها القادم .. ثم حاولوا أن يظهروا للمتقدم بعدم موافقتهم وأنه غير مرحب به .. ولكنه لم يبالي بهم بل ازداد تمسكاً بها .. بل كما يقول كيداً بهم .. وأنه أيضاً لا يرحب بهم في داره في المستقبل في كل الأحوال .. ثم كانت مراسيم الزواج تحت تحفظ شديد من عائلتها التي أرادت أن تنهي المعضلة بأي الأمرين ..
ذهبت إلى دارها مع زوجها .. وبدأت تؤسس حياتها الخاصة .. ثم غافلها في بداية الأمر .. وعاملها بأحسن ما يكون .. فرزقت منه أطفالاُ ثلاثة .. أما أهلها فقد تركوها وشأنها .. ولم يتواصلوا معها كأسرتين بينهما حسب ونسب .. وقد نصبوا تحت أعينهم تلك الرغبة السابقة من عريس ابنتهم بعدم الترحيب بهم في داره .. ثم فجأة قلب لها ظهر المجن .. وبدأ يظهر على حقيقته .. وبدأت تطفو على السطح بوادر سوء الأخلاق وسوء المعاملة .. فعايشها في جحيم لا يطاق .. صبرت في البداية .. ثم حاولت أن تجتهد في نيل رضاه .. ولكن كل محاولاتها ضاعت مع أدراج الرياح .. وهي في الأساس تفقد خطوط التراجع .. لأن قرارها ومصيرها في الماضي كان بيدها .. وتحت الظروف القاسية وحياة الجحيم هربت بأطفالها إلى بيت أهلها .. ورويت لهم حياة البؤس التي تعيشها .. فقالوا لها ( يداك أوكتا وفوك نفخ ) .. وقد حذرناك من قبل كثيراً .. ثم وضعوا لها شروطاً هي من أقسى الشروط .. حيث قالوا لها إذا أردت أن تهجري زوجك والعيش معنا عليك أن تختاري أحد الأمرين .. إما العيش معنا وحيدة بدون أطفالك أو العيش في بيت زوجك مع أطفالك .. وهكذا دخلت في تجربة النارين .. والزوج يطلب منها أن تترك البيت فوراً إلى أهلها في حالة عدم الرضوخ لمعاملاته القاسية .. بأطفالها أو بغير أطفالها .. وأهلها على شروطهم .. وأطفالها هم حياتها .. وبدونهم هي لا تستطيع الحياة .. وزوجها عرف مكامن الضعف فيها .. فأخذ يضغط ويصب الملح فوق الجرح .. وفي ليلة من ليالي بؤسها هربت بأطفالها إلى مدينة أخرى .. حيث وصل بها الحال أن تقف في الطرقات وتطلب الصدقات .. وتقول في نفسها ( أي حب ذاك الذي أوقعني في ورطة النارين وجعلني في نهاية المطاف مع زمرة المتسولين والشحاذين والبؤساء !! )
ـــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش